رئيس التحرير
عصام كامل

بعد فتوى الشيخ جمعة.. هل رأت الدنيا سكارى مثلنا؟!


رغم أننا بعد ساعات معدودات من عام جديد من الألف الثالثة، هو رقم ١٦، ورغم أنه عام حافل بالوعيد من قوى الشر بالداخل والخارج، ورغم الضحك الذي ينتاب كل الحشاشين والخمورجية والأفيونجية، بسبب تصريحات وفتاوى الدكتور على جمعة التي أكد فيها طهارة الأصناف الثلاثة رغم تحريمها، إلا أن المرء يستطيع أن يقول وبقوة مستمدة من عطاء الله إنه، وبعون الله دخل العام الجديد، وهو رابط الجأش، مصري الهوى والهوية، متمسك بالتفاؤل، واثق بجيش بلادي، وشرطة بلادي، لأنهم أولادنا وأشقاؤنا، وآباؤنا، وواثق أيضا برئيس البلاد الذي اخترناه، وأثبت يوما بعد الآخر، وموقفا بعد موقف أنه صامد وواثق، بالله، وبالشعب.


كل عام يمضي، نشيعه بالقلل القناوي، ولا يوجد حولي حاليا أي قلل، لأودع بها العام الذي رحل العام، لكني لم أفعل، حتى لو كانت بيميني قلل وازيار الريف المصري كله، فما ذنبه لنلطمه بالفخار ونصفق الباب وراءه، وهو خارج مشيعا بالسخط، فإنما هو أيام وشهور وسنون، ملأناها بأفعالنا، الجميلة والشائنة، وجرى علينا ما أجريناه على غيرنا، ومن ثم فإن الجدير بالبصق والصفق والقلل والشباشب حقا هو:

كل نذل كنت تحسبه صديقا، وشقيقا وزميلا وحبيبا أوسعت له في المنصب، أو في القلب، أو ضحكت له الدنيا وتجهمت في وجهك، واستغثت به أو حتى هاتفته، ففعل النكيرتين المعهودتين في الأنذال، أولاهما الرد بتعال وتحفظ واقتضاب، والثاني هو أن يرى رقمك ويتأفف ويتعفف عن الرد، ويعتبرك من المتسولين، فلا يرد، وربما يضع رقمك في خانة المرفوضين تلقائيا إذا حدثتك نفسك أن تطلبه !

البصق والصفق والقلل جديرة أيضا بكل من خان سرا وعلانية، لا أقول وطنا، لأن خيانة الأوطان عقوبتها البصق العام والصفق العام والشنق العام، فليس بعدها جريمة على الإطلاق، لأنها منتهى الحقارة، عند من خان، وعند من خنت لأجله، لا سمح الله.
وكما أن مصر حافلة منذ أربع سنوات بالأنذال، وهم اكتشاف يومي مخز مفجع الحقيقة، فهي أيضا حافلة بخونة.

الغريب في ملامح الأنذال والخونة، من الناحية النفسية على الأقل، أنهم متبجحون، وفيهم تناحة وكلاحة وسفور، ومباهاة بأن البعيد نذل أبا عن جد، وخائن ولا فخر، من سلسلة ضهر الجد الأول !

في الوطن العربي، تبدو سلسلة الأنذال والعملاء والخيانة أطول وأعلى من سلاسل الجبال المصرية بالسويس عتاقة وغيرها جبال الحلال في سيناء، أو على سواحل المتوسط. في الجزائر المعروفة بزاجروس وتونس وليبيا.

اسم الدلع الدولي للخونة والعملاء هو الجيش الحر، والمعارضة المعتدلة، والقوى السياسية.

عمرك شفت خيانة معتدلة، خيانة معقولة وخيانة متطرفة، وخيانة وطنية ! عمرك شفت وساخة نظيفة، وساخة معتدلة، ووساخة مقبولة ! طب عمرك شفت نذلا متطرفا، أو نذلا حرا أو نذلا معقولا؟!

الخيانة خيانة، كلها أو حتة منها، هي عار والعار لا يتجزأ.

والنذالة نذالة، كلها أو جزء منها، وهي قبح وخسة ودناءة اجتماعية، ونقيصة تلحق بالمتخاذل الهارب المتقاعس عن مروءة، أو إغاثة ملهوف، أو الوفاء بوعد.

هل كنا كذلك، وكان الأمريكيون يعرفون عنا أننا كذلك ؟!

هل هم من صنفونا، خائنا أصيلا، وخائنا "خايب"، وخائنا متطرفا، وخائنا معتدلا، أم نحن من كنا كذلك ؟!

هل ربينا أولادنا ليكونوا مصريين وعربا أصلاء أم تركناهم لتربيهم أجهزة المخابرات والإرهاب ؟!

طب الأنذال..هل هم هم أيضا من رباهم الإرهاب، وأنشأتهم المخابرات الدولية ؟!
لا، هؤلاء دود المش !

هؤلاء دود المواقف. هـؤلاء صراصير الوساخة في المطبخ. هؤلاء طفح البالوعة، أزاحت الغطاء، وتسربت في أنحاء الشقة، وبالذات في النمالي والمطبقية وإدراج الملاعق !

بالقلب والعقل الكثير من ألم وطني، وألم شخصي، ولسوف تمضي الساعات، وتتحول لأيام وشهور، وقد نموت قبل أن نلحق بالعام الحديد، وقد نعيش لنكتب كلاما مثل هذا أو مختلفا، لكن يذهب الناس وتبقى ذكراهم يسجلها العام بعد العام، فاختر لنفسك موقعها وذكراها، أما أنا فقد اخترت مكاني منذ مولدي:

أن أحب بلدي والناس وأن أثق بهم وأن أصدقهم، حتى لو لطموني وخانوني واستندلوا معي وعلي، عاما تلو العام، وخصوصا منذ الأعوام الخمسة الأخيرة.

أتراني كنت ساذجا معتدلا أم عبيطا تطرف في عبطه؟!

انظر إلى نفسك كما تشاء، لكن إلا فعل خيانة الوطن، فهو الكفر على الأرض، بلا مواربة !
عام جديد وسعيد بلا عملاء ولا خونة ولا أنذال.. أكثير هذا عليك يا رب؟!

لا فأنت القادر على سحقهم ومنع ولادتهم ونموهم ووجودهم وتطهير الوطن منهم.
الجريدة الرسمية