رئيس التحرير
عصام كامل

كيف تتمتَّع بليلة رأس السنة في 7 خطوات؟!


(1) استيقظ من النوم مُتأخرًا جدًا، لا تُفكِّر في العمل أو المُذاكرة، أو طلبات البيت إن كُنت رَب أُسرة، ولا تسمح لأحدهم بأن يعكّر مزاجك، إن لقيت المطبخ مفيهوش سُكر، بلاش تشرب شاي، وَلَّع سيجارة على طول، وشِد جامد علشان تنسى، إن قابلت مراتَك ولقيتها مكشَّرة في وِشَّك كما جرت العادة، انفخ في وِشَّها دُخان السيجارة وشِد جامد تاني علشان تنسى الكلام الناشف، المُعتاد، اللي هتسمعه على الصُبح، أو بالأصح على العصر!


(2) اترك هاتفك المحمول في المنزل على سبيل السَهو المُصطَنَع، فاتصالات أبيك أو أُمّك أو زوجتك، وإلحاحهم اللزج على طريقة أسئلة وكلاء النيابة: "إنت فين، بتعمل إيه، معاك مين، هترجع إمتى؟" لهي أمور كفيلة بإفساد العُمر بأكمله، وليس ليلة رأس السنة وحدها، ناهيك عن الطلبات التي تلي الأسئلة، لتؤكد أن ذلك الاهتمام لم يكُن حُبًا في شخصك، أو لرغبة صادقة في الاطمئنان على أحوالَك وصحّتك، لكنها كانت مُجرَّد إجراء روتيني لما يليها من غرض حقيقي وعملي جدًا في الحقيقة: "هات معاك جبنة رومي قديمة وعيش أبيض"، "متنساش شريط البرشام علشان أنا أخدت آخر واحدة كانت عندي إمبارح"، "الواد سُخن وعمَّال يكُح، تعالى وديه للدكتور حالًا، وجيب معاك بامبرز ولبن وريموت جديد للريسيفر بدل اللى بنتَك دغدغته"!

(3) طبعًا لازم تراعي في ملابسك أن تكون ثقيلة جدًا، فالطقس في ليلة رأس السنة عادةً يكون قارس البرودة، ويا حبذا لو كُنت سايب في السيارة بالطو من الليلة السابقة كيلا تُثير الشكوك حولَك، ولو معندكش عربية مُمكن تسيب البالطو عند البواب أو المكوجي أو البقَّال أو في القهوة، وعلى رأي المثل، فالناس لبعضها، وكُل واحد وله زنقة، وبمُناسبة الزنقة لا بُد من اقتراض كرافتة من أحدهم لزوم استكمال الشياكة، ولا تسل أبدًا عن مصير الكرافتات في دولاب ملابسك، فلو فكَّرت في الخروج بكرافتة من البيت فسيكون هذا أكبر دليل على نيّتك ارتكاب جريمة مُكتملة الأركان في حق حياتك الزوجية، ولن تتخيَّل حضرة الزوجة أبدًا إن الحكاية مُجرَّد سهرة بريئة في رأس السنة، لكنها ستكون على يقين، وبالدليل، من أن الحكاية فيها جوازة تانية، حاكم إحنا مُشكلتنا يا رجالة إننا بننسى الكرافتات خالص، ومش بنفتكرها إلا وإحنا عرسان!

(4) بمُناسبة الجواز وسيرة العرسان، إن كُنت مدعوًا، بالمُصادفة، على حفل زفاف فيُمكنك أن تبدأ ليلتك اللوز بحضور الحفل، فإن كانت فقراته من الغناء والرقص على ما يُرام، بالإضافة للبوفيه وخدماته ومحتوياته، فستكون محظوظًا جدًا بالحضور مُتخلِّصًا من قيود المدام وكلابشاتها، "بتبُص هناك ليه؟" و"مين المعرقبة اللى شايفة نفسها دي وحاطة اتنين كيلو بوية على وشَّها مع إنها ناسية تلبس هدومها؟" و"قوم ودي الواحد الحمَّام"، وما شابَه من الأمور التي تُصاحب حضور الزوجات لأزواجهن في مثل هذه المُناسبات، لكن أكيد لازم تكون دعوة الفرح بعيدة عن الصلات العائلية، وإلا وقتها هاتتفضح يا حلو وهاتبقى السنة الجديدة كُلَّها هباب ولمُدَّة عدة سنوات قادمة معاها بدون الحصول على عفو صحي أو خروج لحُسن السير والسلوك، إذ إن أحكام الزوجات لا تعرف الرحمة أو السماح، أو حتى المواءمات السياسية!

(5) عمومًا السهرة تحلى مع أصدقاء من نفس ظروفك، وحذارِ من مرافقة العُزَّاب في مثل هذه المُناسبات، فالحديث سيدور حتمًا حول المُقارنة بين حُرية العزب (العازب بالبلدي) وخنقة المتزوِّج، وخُد عندَك بقى استظراف واستخفاف من عيِّنة "هربت إزاي" و"تلاقيك عاوز تروَّح علشان الشبشب مزبوط على وقت مُعيَّن" و"أبو وردة هيشتغل"، فالليلة تقلب بغم وتنغيص، بدل ما تبقى ليلة مُفترجة تنسى فيها الغم والقهر اللي إنت عايشه طول السنة الماضية، وهتعيشه حتمًا طول السنة بل السنين المُقبلة، عكس ما إذا كان رفاقك من المتزوجين المزوّغين زي حالاتك، فأكيد الكُل سيتحاشى السيرة اللي تحرق الدم والعُمر دي، وستكون السهرة أجمل، حتى وإن كانت على عربية فول في باب الشعرية!

(6) في لحظة رأس السنة، آخر ثواني العام الجديد، حاول تنسى كُل أحداث العام المُنقضي، راح في داهية يا سيدي بلا رجعة، ركِّز زي بتوع التنمية البشرية كده في الأمنيات الطيِّبة، حاول تخلي عندَك طاقة فرح إيجابية، قول لنفسك: "أكيد السنة الجديدة هتكون أحلى"، حاول تنسى كُل الإحباط، الشُغل، الزواج، الأسانسير العطلان باستمرار، الحر الموت في الصيف، البرد القاتل في الشتاء، الزواج، زحام الشوارع ليل ونهار، جحيم التعامُل مع المصالح الحكومية علشان تمضي ورقة أو تختم مُستند، الزواج، أعطال أجهزة البيت، الأقساط المتأخرة، الاحتباس الحراري، الزواج، خبراتك السيئة والمهببة مع كُل المُناسبات المُماثلة في كُل سنة، إذ تمنيت نفس الأمنيات بذات الطريقة في كُل رءوس السنوات العشرين أو الثلاثين السابقة، ومع ذلك كانت كُلَّها سوداء فوق دماغك، وكابر، وقول لنفسَك جايز تيجي السنة دي!

(7) عند عودتَك للمنزل بالسلامة حاول تجنُّب كُل دواعي المُنغصات المُشتاقة إليك، اخترع حكاية لطيفة حول سبب غيابَك، والد مُديرَك مات فجأة، صديق عزيز عمل حادثة ونقلوه المُستشفى في حالة يُرثى لها، أو اتحجز في القسم في حالة تصعب على الكافر، أُختَك كانت بتطلَّق أو بتولِد فجأة كأنها يعني مكانتش تعرف إنها حامل (لازم تكون الشقيقة المذكورة متخاصمة مع زوجتك حتى لا يكون هُناك فُرصة للمُراجعة أو معرفة الحقيقة لاحقًا)، المُهم تخترع أي مأساة والسلام، وطبعًا هتقول الحكاية اللطيفة بتفاصيلها المُرعبة وإنت راسم الأسى على وجهك وتتعذِّب مع كُل تفصيلة أو هفوة بتحكيها، وتختتم الحدوتة قائلًا بعد تنهيدة حارَّة حزينة مليئة بالشجن: "مين يصدَّق إن الواحد يقضي رأس السنة في المشاكل دي بعيد عنِّك يا حبيبتي، أنا بدأت أتشاءم كده، الجواب باين من عنوانه، دي شكلها سنة هباب!"، وأكيد السنة الجديدة مش هتخيِّب كلامَك، وهاتطلع هباب فعلًا.. هي عادتها واللا هاتشتريها؟!

الجريدة الرسمية