رئيس التحرير
عصام كامل

التحقيق مع «هشام جنينة» !


نشرت الزميلة «اليوم السابع» كلامًا منسوبًا لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة، بأن «الفساد يكلف مصر 600 مليار جنيه سنويًا»، الأمر الذي نفاه، رئيس الجهاز لـ«بوابة الأهرام»، مضيفًا أن «ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عار عن الصحة»، موضحًا: «ليس هناك حصر رقمي لدى الجهاز حول الأموال التي أهدرها النظام السابق والأسبق على الدولة».


إذن نحن أمام تصريحين مختلفين لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، ومن هنا فإن المستشار جنينه في موقف لا يُحسد عليه، فهو مُطالب بأحد أمرين: «مقاضاة» الجريدة التي نسبت إليه كلامًا لم يقله، بحسب قوله، أو يتم التحقيق معه، وإذا ثبت تجنيه، فعليه أن يتقدم باستقالته، ويعتذر للملايين الذين صدقوا كلامه.

علينا أن نحاكم «الفساد»، أو نحاكم «جنينة» على ما قاله، وأثار بلبلة في الشارع، فما قاله الرجل، أو نُسِبَ إليه ليس «طق حنك»، أو من قبيل الهزل، أو فض مجالس، ولكنها تصريحات «تطيح بأنظمة»، وتحديدًا «نظام السيسي»؛ خاصة عندما قال إن فاتورة فساد 2015 نحو 600 مليار جنيه.

ومن النادر جدًا أن يدلي المستشار «جنينة» بتصريح دون أن يثير ضجة، وقلقًا، وبلبلة، فرئيس المركزي للمحاسبات كاد أن يتسبب في تهييج الشعب ضد وزارة الداخلية، عندما قال في حوار أجرته معه الزميلة «الوطن» في يوليو الماضي، إن «الوزارة ترفض تقديم المستندات الخاصة بالرواتب والأجور والمكافآت التي يتقاضاها العاملون فيها»!

وفي أكتوبر الماضي تسبب «جنينة» في أزمة جديدة عندما قال لـ«المصري اليوم»، إن «بعض الأجهزة السيادية- لم يسمها- بها مخالفات مالية»!

وسبق أن كتبتُ مقالًا في «فيتو» في 21 أكتوبر 2014، طالبتُ فيه بإقالته من رئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات؛ بسبب اتهاماته للمستشار أحمد الزند، وزير العدل آنذاك، وعدد من الشخصيات الأخرى، وهي الاتهامات التي صدر حكم قضائي ضده من محكمة جنايات القاهرة بتغريمه 30 ألف جنيه، لإدانته بارتكاب جريمة القذف العلني بحق الزند، وآخرين.

وكان مما ذكرته في مقالي المعنون بـ«إقالة هشام جنينة من المركزي للمحاسبات»: «من الجائز أن يتورط أي مسئول، دون قصد، في هذه الجريمة، وبدافع حماسهم ومحاربتهم للفساد والفاسدين، أو ابتزازهم وتصفية حسابهم مع رجال أعمال ومسئولين، قد يرتكب بعض الصحفيين هذه الجريمة.. ووارد جدًا أن يقع الدهماء في هذه الفِعلة النكراء، وساعتها نقول (عيل وغلط).. أما أن يرتكب هذا الجرم قاضٍ اعتلى منصة القضاء، وكان رئيسًا لمحكمة استئناف القاهرة، وأحد رموز تيار استقلال القضاء، فأي عذر نلتمسه له؟!

ثم قلتُ: «ولن أسرد هنا كل الفضائح والكوارث التي تسبب فيها جنينة، ولكن يكفي أن هذا المستشار الذي كان دائم الهجوم على الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات المستشار جودت الملط، واتهمه بإخفاء قضايا فساد كثيرة، عندما رأس الجهاز في عهد الإخوان لم يتقدم بقضية فساد واحدة..»!

واختتمتُ مقالي بتساؤل أجدده الآن: «فهل ستشهد الأيام القادمة تقديم جنينة استقالته من رئاسة الجهاز؛ لحفظ ماء وجهه، أم سيتظر قرارًا سياديًا بعزله وإقالته من منصبه؟!».

لقد أحسن الرئيس السيسي عندما أمر بـ«تشكيل لجنة لتفعيل توصيات الجهاز المركزي للمحاسبات، بشأن مخالفات أراضي الدولة»، لكن ماذا لو أثبتت هذه اللجنة عكس ما قاله جنينة، هل يتم التحقيق معه، أم سيُقال بهدوء؟!
الجريدة الرسمية