رئيس التحرير
عصام كامل

مصر.. ما الذى تبقى؟


يبدو أن لا سقف للتخبط الإخوانى فى مصر، ليس على الصعيد السياسى أو الاقتصادي، وإنما بالتعامل مع المعارضين، أفرادًا وجماعات، ومنهم الصحافيون، وعندما نقول: تخبط، فليس المقصود الأفعال، بل حتى ردود الفعل على الانتهاكات التى ترتكب بحق الناس ثم تأتى تصريحات «الإخوان» مبررة لها وبشكل مستفز.


قبل أيام، ضج الرأى العام المصرى بسبب شريط فيديو يظهر أحد المحسوبين على «الإخوان» وهو يسدد صفعة مخزية، ومهينة، لسيدة مصرية بالقرب من مقر الجماعة فى «المقطم»، وكذلك ضرب شاب آخر، ويوم أمس الاثنين أمر النائب العام بضبط وإحضار ثلاثة من أفراد حراسة نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر، وذلك لاتهامهم بالتورط فى الاعتداء على عدد من الصحافيين أثناء تغطيتهم للأحداث التى جرت أمام مقر الجماعة السبت الماضي، ورغم كل ذلك فقد صدرت تصريحات من منتمين للجماعة تبرر تلك الاعتداءات، بما فيها الاعتداء على السيدة المصرية! وحجة المنتمين لـ«الإخوان» تتلخص فى أن السيدة المصرية قامت باعتداء لفظي، ورمى للحجارة على مقر المبنى، وبالنسبة للصحافيين المعتدى عليهم فإن بعض المنتسبين للجماعة اتهموهم بتحريض المتظاهرين!

ولو كان هذا الكلام صحيحًا أصلا، وهذا التبرير مقبولًا ومنطقيًا بالنسبة لـ«الإخوان» والمحسوبين عليهم، فمن المفترض ألا يحاكم مبارك، ولا رموز أمنه، ولا يدان الإعلاميون الذين كانوا ينافحون عنه، ولا مبرر أصلا للتحقيق فى موقعة الجمل، فما يقوله «الإخوان» الآن عن السيدة والصحافيين، فى حال كان صحيحًا افتراضًا، فإنه أيضًا ينطبق على الثوار، ومعهم «الإخوان»، حين خرجوا على نظام مبارك، واستخدموا الإعلام للتحريض عليه، ومهاجمة المبانى الحكومية، وخلافه!

والحقيقة أن مبررات «الإخوان» هذه لا تستقيم، وغير مقبولة لا أخلاقيًا ولا قانونيًا ولا سياسيًا، ولن تؤدى إلا إلى مزيد من التأجيج وتأزيم الموقف المتأزم أصلًا فى مصر، فما لا يعيه «الإخوان» اليوم أنهم بمثابة من هو واقع فى حفرة ويواصل الحفر، فشعبيتهم تتراجع، وأزمتهم مع المجتمع المصرى باتت كبيرة جدا.

والمذهل أيضا فى قصة «الإخوان» هذه، أى مسلسل الأخطاء والإهانات التى يقومون بارتكابها بحق معارضيهم من المصريين، سواء كانوا نساء أو رجالا، أو محاولة تكميم أفواه الإعلام، المذهل فيها أنها تمر دون تعليقات تذكر، أو مواقف، من قبل المثقفين المحسوبين أو المتعاطفين مع «الإخوان» بالمنطقة، وتحديدا فى دول الخليج!

فرغم حملات الدعم المتواصلة التى يقوم بها هؤلاء لـ«الإخوان»، والدفاع المستميت عنهم مع محاولة تصيد وتضخيم كل ما يحدث بالخليج، فإنه لا صوت نقديا ظهر من بينهم تجاه تصرفات «الإخوان»، ولا حتى مجرد اعتراض أخلاقي، أو قانوني، تجاه ضرب سيدة مصرية، مثلا، وهم الذين هللوا، وطبلوا، لكل قرار إخوانى اتخذ فى مصر، وشهّروا بكل من انتقد سياسات «الإخوان»!

وعليه، فإن السؤال لهؤلاء المنافحين لـ«الإخوان» والمبشرين بهم، وتحديدًا فى الخليج: أين واجبكم الأخلاقي، على الأقل، أمام ضرب سيدة، يا من أشغلتمونا بتصيد، وتكبير، كل حدث بالخليج؟!

نقلاً عن الشرق الأوسط

الجريدة الرسمية