رئيس التحرير
عصام كامل

مخاض ميلاد الديمقراطية


لقد تعلمنا كثيرًا فى هذه الأيام كيفية استخدام مفردات اللغة لتبرير بعض الأوضاع السياسية أو الأزمات الخانقة لكى ما نوحى من الثقة والطمأنينة فى قلوب المتزعزعين والخائفين والمرتجفين الذين باتوا يتوقعون الأسوأ بعدما عايشوا السيئ.


لست من المتشائمين ولكن المتشائمين المتفائلين أو أصحاب التفاؤل الحذر pesstic كما أننا نعلم أن السياسة الخارجية للدول تقوم على تبادل المصالح وليس فيها أية مساحة لأعمال المنطق الإنسانى والأخلاقى.. وإن العالم يتغير كثيرًا وليس هناك جديد تحت الشمس.

فالقوى الكبرى أو الاستعمارية لا تعرف سوى لغة المصالح المجردة والتى قد تأتى على شعوب بأكملها من أجل بعض النفط وتحرك قواتها وجيوشها للقتال خارج حدودها ولكى ما تسيطر على مصادر الثروة الطبيعية وهى أيضا قد تساعد فى قيام الثورات وتأليب الشعوب ضد حكامها وليس ذلك فقط ولكن تأليبهم ضد بعضهم البعض من أجل زعزعة الاستقرار وضمان رخاوة الدولة.. وهى تستخدم العديد من الآليات منها بالقطع الطائفية التى تم تفعيلها وقد نجح فى البلاد التى من حولنا قسم السودان وقضى على العراق وليبيا فى الطريق وأيضًا يعمل الآن وبقوة فى مصر من خلال محاولة طأفنة الأحداث.. وذلك لكى ما لا يقوم لمصر قائمة ولكى تصبح دائما لقمة سائغة لهم يمكن امتلاكها فى أى وقت.

وموقف أمريكا معروف مسبقًا هو لا يعبر سوى عن مصالحهم ومن معه مصالحهم فهو رجلهم المفضل ولا يهم لديهم مصالح الشعوب فلتذهب الشعوب إلى الجحيم لكى ما تحيا أمريكا قوية ومهيمنة ومسيطرة .. وأمريكا لن تقدم يد المعونة لمصر لكى ما تنهض اقتصاديًا وألا فقد كان قد نجح ذلك منذ العديد من العقود ممثلة فى المنح الأمريكية والمعونة وبرامج التنمية أو على حسب تعبير أحد المفكرين السياسيين الذى ينتمى إلى دول العالم الثالث فقد أسماها بأوهام التنمية وذلك عندما نظر إلى أوضاع البلاد من حوله ووجدها تسير للأسوأ.

وعلينا أن ننظر إلى حالنا فماذا أفدنا من أمريكا وهل نهض الاقتصاد المصرى بل أين الأزمة الاقتصادية الطاحنة قد كانت أحد الأسباب فى اندلاع الثورة بل إن المعونات الأمريكية التى كان يعتمدها الكونجرس الأمريكى قد استخدمت من خلال العديد من جمعيات ومؤسسات المجتمع المدنى على ذلك النحو الذى أدى إلى اشتداد الفتنة الطائفية فى مصر.

ولاسيما قرى صعيد مصر رأينا فى الكشح والعديد من قرى الصعيد ذات الأغلبية المسيحية والتى تلقت القدر الأكبر من هذه المنح، وذلك كان فى أحد التقارير التى قدمت للكونجرس حول نشاط مؤسسات المجتمع المدنى فى مصر بما يعرف ببرنامج التسامح الدينى religion tolerance لذلك فإن تصريحات الدكتورة باكينام عن تفهم واشنطن لمصاعب مصر وأنها تمر بمرحلة مخاض للتحول نحو الديمقراطية فهو قد يعبر عما لا تقول الرؤية الأمريكية ولكن ما يحدث فى مصر ولكن رؤية أمريكا لاستخدام مفهوم "الديمقراطية" كأحد أساليب التحول فى الدول العربية لكى ما تسير فى ركب أو تلك الإدارة الأمريكية.

وذلك قياسًا على استخدام الخصخصة واقتصاديات السوق لتحويل هذه الدول اقتصاديًا.. ولكن علينا أن ندرك أن المفهوم الأمريكى للديمقراطية قد أطاح " بالعراق " وقد كان مظلة تدخلها العسكرى من أجل هدف وهو إخلاء المنطقة من إحدى القوى الإقليمية التى يمكن أن تعترض المخطط الصهيونى فى المنطقة وهدف عاجل هو السيطرة على منابع " النفط " وهنا قد يصبح من الهراء التعلق بقشة قرض صندوق النقد الدولى الذى لن يسمن عن جوع بل هو أيضًا إحدى الأدوات التى يمكن توطينها من خلال منظور عالمى.



الجريدة الرسمية