رئيس التحرير
عصام كامل

الأزمة الأمنية..إلى أين؟ (2)


عند استعراض التوقيت الذى تم فيه إضراب الشرطة، الذى لم يأت إلا عقب مقتل عدد من أفرادها، ومطالب هذا الإضراب الذى يأتى على رأسها زيادة التسليح والحصول على ضمانات قانونية، وتصريحات ظباط الشرطة المضربين فى عدد من اللقاءات التليفزيونية والتى حملت تبريرًا واسعًا لمشاهد القتل والسحل التى شاهدناها خلال الفترة الأخيرة، نجد أنفسنا أمام نفس المشكلة، والتى تتمثل فى استعداد الشرطة للدخول فى مواجهات مرة أخرى مع الشعب، ولكن بشرط توفير الحماية الأمنية والقانونية.


وبالتالى فإن أزمة الشرطة الحالية لا تتمثل فى الإضراب فقط، وإنما لها أبعاد عديدة، تتعلق أهمها بعقيدة الشرطة، وعدم تفهمها للأسباب التى قامت من أجلها الثورة، وانتهاجها لنفس الأساليب القمعية وسط تبريرات واسعة من أفرادها، بالإضافة إلى فئة كبيرة من الشعب أصبحت -نتيجة لسياسات الشرطة القمعية-غير قادرة على تقبل الجهاز بأكمله، حتى أنها أصبحت تنظر إليه بمثابة عدو لابد من كسره، بالإضافة إلى عجز الشرطة -فى ظل هذه الظروف- عن القيام بواجبها فى حفظ الأمن، وهو ما لمسناه بصورة واضحة من خلال مشهد الانفلات الأمنى الذى بدأ منذ عامين، ومازال مستمرًا.

وفى ظل تلك الأزمة التى بدأت منذ عامين، لم نجد أى محاولات من جانب النظام لإصلاح وزارة الداخلية، أو أى خطط جادة لإعادة هيكلتها وفقًا لمبادئ وأهداف الثورة، فعلى الرغم من قيام مجلس الشعب السابق -قبل حله- ومجلس الشورى الحالي، والرئيس -حينما كانت سلطة التشريع فى يده- بسن عدد كبير من القوانين والتشريعات لقضايا قد تبدو قليلة الأهمية، إلا أنه لم يتطرق أحدهما لإصدار أى تشريع لإعادة هيكلة وزارة الداخلية.

ومع اشتعال الأزمة، وازديادها خلال الفترة الأخيرة، والمواجهات التى تمت بين الشرطة والشعب، وانتهت بإضراب بعض أفراد الشرطة، لم تتطرق أى مؤسسة من مؤسسات الدولة لوضع حل عملى وجذرى لمعالجة الأزمة، بل على العكس فقد لجأت معظم هذه المؤسسات إلى تقديم حلول كارثية، انحسرت معظمها فى مجموعة من الخطب والشعارات، وطرح بدائل لجهاز الشرطة، والتهديد بالأزمة.

فمن ناحية مؤسسة الرئاسة، طل علينا رئيس الجمهورية بخطاب هزلى منافيا للواقع -فى خطبة الجمعة الماضية أمام جنود الأمن المركزي- مشيدا بدور الشرطة خلال ثورة 25 يناير، ومؤكدا أنها كانت فى القلب من الثورة!، دون أن يقدم أو يطرح أى حلول عملية لحل الأزمة.

كما قامت بعض الوزارات بشن حرب تصريحات، تقوم على أساس طرح بدائل لجهاز الشرطة، مثل إعلان مساعد وزير العدل لشئون التشريع عن نية الوزارة لتقديم قانون يقتضى بمنح الضبطية القضائية لشركات الأمن الخاصة، بالإضافة إلى قيام وزارة الأوقاف خلال الأحداث الأخيرة، بإصدار بيان تحث فيه أئمة المساجد على دعوة المصلين فى خطبة يوم الجمعة، بمواجهة مثيرى الشغب، والوقوف صفًا واحدًا فى لجان شعبية حتى تتخطى البلاد أوضاعها الصعبة، أما تصريحات وزير الداخلية فكانت هى الأعجب، حيث قال بالنص " لو عايزين تسقطوا الشرطة اعتبرونا انكسرنا واتصرفوا مع بعض"!!!، فى لغة أشبه بالتهديد للشعب.
يتبع...
nour_rashwan@hotmail.com

الجريدة الرسمية