رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية جبهة ٣٠ يونيو


حظيت مصر في ٣٠ يونيو ٢٠١٣ بجبهة عريضة واسعة، ضمت كل الأطياف السياسية والفكرية والثقافية، رغم الاختلافات فيما بينها، وذلك لأن كل هؤلاء جمعهم هدف واحد هو التخلص من حكم فاشٍ مستبد.


ولكن بمرور الوقت، شهدنا ظهور خلافات تحولت إلى منافسات ثم إلى صراعات بين تكوينات هذه الجبهة.. وكان هناك دائما من يرفعون صوتهم محذرين: «حافظوا على جبهة ٣٠ يونيو»؛ وذلك خشية أن يستثمر ذلك الإخوان وأنصار التيار السياسي الإسلامي للعودة إلى الحكم الذي طردوا منه.. غير أن نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، جاءت لتؤكد أن هذه التحذيرات والتخوفات كانت تتسم بالمبالغات.

فإن المنافسات والصراعات والصدامات داخل جبهة ٣٠ يونيو، كانت سطحية ولا تصل إلى العمق.. أو كانت نخبوية وليست قاعدية أو جماهيرية.. قاعدة جبهة ٣٠ يونيو لم يحدث فيها تصدع أو انقسام، لكن نخبة جبهة ٣٠ يونيو هي التي شهدت حدوث تصدع وانقسام.

ربما قاعدة جبهة ٣٠ يونيو تعرضت على مدى عامين ونصف، لتأثيرات شتى متعارضة ومتناقضة، أصابت قطاعات منها بالبلبلة أحيانا والقلق أحيانا أخرى، والفتور بعض الوقت، لكنها ظلت عصية على الاختراق من قبل الإخوان وحلفائهم ووكلاء الأمريكان في البلاد.. أما نخبة ٣٠ يونيو فهي التي تعرضت للتصدع والانقسام والصدام فيما بين تكويناتها.. وتفسير ذلك يتمثل في السباق بين من ينتمون لهذه النخبة لحصد نتائج نجاح ٣٠ يونيو في الإطاحة بالحكم الفاشي المستبد للإخوان.. إنه سباق على أجزاء تورتة السلطة والحكم والنفوذ في البلاد.. وفي ظل ذلك رأينا من يضخم دوره في ٣٠ يونيو، والانتقاص من أدوار الآخرين، ورأينا من انقلب من مؤيد إلى معارض، ومن معارض إلى رافض لكل شيء وأي شيء.

إذن.. الأمر لا يدعو للدهشة أو التعجب، المشكلة في جبهة ٣٠ يونيو هي مشكلة في نخبتها، تلك النخبة التي انشغل بعض من ينتمون إليها بالحصول على الثمن.. ثمن مشاركته في ٣٠ يونيو.. وما نراه الآن داخل هذه النخبة هو تعبير عن عدم رضا البعض عن هذا الثمن؛ حيث يروه لا يتناسب مع ما قدموه مما يعتبرونه تضحيات في ٣٠ يونيو!

ولا شك أن ذلك كان له تأثيره السلبي على قاعدة جبهة ٣٠ يونيو.. ربما لا يكون قد أصابها بالخلخلة، ولكنه عرضها للبلبلة ولفتور الحماس الذي يؤثر بدوره بالسلب على مسيرتنا الوطنية، في مواجهة تحديات هائلة وأخطار واسعة ومؤامرات لا تتوقف.
الجريدة الرسمية