رئيس التحرير
عصام كامل

«إني مسيحي أحب محمد».. شعراء مسيحيون أبدعوا في مدحه.. 20 شاعرًا سوريًا ولبنانيًا مسيحيًا نظموا أروع القصائد في فضائل رسول الإسلام.. «شماس»: كيف لا أحب إنسانًا بهذا المستوى النبيل م

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

في الاحتفال بمولد رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، تبارى الكثير من الشعراء المسلمين في نظم قصائد تعبر عن فيض مشاعرهم الجياشة التي غمرهم بها حب النبي الكريم، إلا أنه وعلى نفس الدرب مضى شعراء مسيحيون من الشرق والغرب ملقين في ساحة المدح النبوي أبياتًا لا تقل محبة وصدقًا عن أقرانهم من المسلمين.


لم يكن الدافع الذي جعل الشعراء المسيحيين يمتدحون رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، الظفر بأى عطاءات مادية أو مكاسب دنيوية، فقد تجردوا من أي ميول أو تعصبات دينية، وتدثروا بشعار «الإنسان أخو الإنسان» أيًا كان دينه أو لونه أو موطنه.. ففاضت من كلماتهم عطايا الحب.. مهدين الإنسانية جمعاء ميراثًا أدبيًا زاخرًا بالسلام والمحبة والسماحة.

موروث مشترك
يرجع بعض النقاد الأسباب التي أدت بالشعراء المسيحيين العرب، إلى نظم قصائد يمتدحون فيها رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، إلى أنهم يهدفون إلى إبراز القيمة الإيجابية للموروث الثقافى والوطنى والتاريخى المشترك منذ مئات السنين، الذي يربط المسلمين بالمسيحيين فوق أرض العروبة، ومن جانب آخر، فإن إغلاق أبواب عبثية الاستقطاب الطائفى الذي يعمل البعض جاهدًا لإيقاع قطبى الأمة فيه، كان دافعًا قويًا لنظم هذه القصائد، والجانب الثالث وهو الأهم، أنهم سعوا للتعبير عن مشاعر جياشة وقعت في صدورهم تجاه رسول الإسلام، وأرداوا الإفصاح عنها كمواطنين عرب بعيدًا عن أي انتماءات دينية.

الكاتب ماجد الحكواتى جمع، في كتابين، مجموعة كبيرة من القصائد والنصوص الشعرية التي ألقاها شعراء مسيحيون في ساحة المدح النبوي، يحمل الكتاب الأول عنوان «شعراء النصارى العرب والإسلام»، أما الكتاب الثانى فقد جمعت فيه قصائد أخرى لشعراء مسيحيين مصحوبة بدراسات نقدية أعدها وقدمها محمد عبد الشافى القوصي، تحت عنوان «محمد في شعر النصارى العرب».

والهدف من وراء مؤلفى «الحكواتي» - كما عبر المؤلف - هو إبراز هذا اللون من الإبداع الشعرى الذي اختفى وكاد يندثر، رغم أن القارئ يستشف من حروفه تسامحًا وترابطًا جمع بين المسلمين والمسيحيين في بلاد الشرق، الذين يركنون إلى مرجعية ثقافية واحدة أسس بنيانها على احترام كل طرف للآخر، وإعلاء قيم التعايش المشترك بعيدًا عن اختلاف الدين والعقيدة.
وترسم لنا القصائد الشعرية التي ورد ذكرها في الكتابين، صورة واضحة للتسامح والسلام الذي عاشه المسلمون والمسيحيون في هذه الفترة، وإن كان معظم الشعراء المسيحيين الذين وضعت قصائدهم في الكتابين، ينتمون إلى سوريا ولبنان، وأنهم من شعراء العصر الحديث، إلا أن هذا لم يمنع البعض من تعميم الصورة على شتى أنحاء الوطن العربي.

كما ألقى الكاتب محمد عبد الشافى القوصي، في الفصل الأخير من كتابه «محمد مشتهى الأمم»، الذي جاء بعنوان «في عالم الجمال»، الضوء على 20 شاعرًا مسيحيًا، مدحوا رسول الإسلام محمصد صلى الله عليه وسلم، بقصائد ومطولات شعرية مثل: حليم دموس، والشاعر القروي، وخليل مطران، وإلياس قنصل، وشبلى شميل، وعبد الله يوركى حلاق، وجاك صبرى شماس، وإلياس فرحات، وجورج صيدح، ورياض المعلوف، وشبلى ملاط، وجورج سلسلمي، وميخائيل ويردي، الذي مدح الرسول بعدة قصائد أشهرها القصيدة التي عارض فيها نهج البردة لأمير الشعراء شوقي.

نبع مملوء بالحب
وبحسب دراسة أعدها الدكتور خالد فهمي، أستاذ النقد والأدب بجامعة المنوفية، ونشرت في مجلة الأزهر في عام 2012، فإن مدح الشعراء المسيحيين للنبى محمد صلى الله عليه وسلم، لم يكن فيه أي تملق أو مداهنة، فقد خرجت كلماتهم من نبع مملوء بالحب الخالص والمجرد من أي أهداف سوى نشر المحبة والسلام، وتزكية روح التسامح بين جميع البشر بعيدًا عن انتماءاتهم الدينية أو العرقية، واللافت للنظر - والكلام لـ«فهمي» - أن مدح المسيحيين والأقباط بشكل خاص للنبى الكريم، خرج من مديح إيمانى مغلق يختص بالمسلمين إلى آفاق رمزية عالمية برعوا فيها؛ حيث أكدوا أن نبى الإسلام مصلح وقائد ورمز عالمي.

وأشار خالد جودة، الباحث في تاريخ المدائح النبوية، إلى أن «المسيحيين هم أبناء الحضارة العربية الإسلامية، وقالوا أشعارهم في مدح رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، من هذا المنظور الحضاري»، مؤكدًا أنه أعد بحثًا في عام 2004، عن المدائح والسمات النبوية في مجموعة من القصائد الشعرية القديمة والحديثة التي ألقاها شعراء مسيحيون في هذا الجانب، قائلًا «وضح لى أن العصر الحديث خرج بالمديح النبوى من كونه ينصب على مدح النبى صلى الله عليه وسلم، بتعداد صفاته الخلقية والخلقية وإظهار الشوق له ولمبادئه والصلاة عليه تقديرا وتعظيما، إلى البحث عنه كمنقذ لحل مشكلات العالم وطريق علاج لها».

حديث من القلب
وبالغوص في أعماق الشعراء المسيحيين الذين مدحوا المصطفى صلى الله عليه وسلم، فسنجدهم يؤكدون أن قصائدهم خرجت من القلب وتهدف لخدمة «العروبة»، الوطن الواحد الذي يستظل بسمائه الجميع، فهذا الشاعر السورى جاك شماس، المولود في عام 1947 ميلادية، يجيب عن سؤال طرحه على نفسه قبل أن يطلع عليه العامة: لماذا أتحدث عن رسول الإسلام محمد؟، وبيقين راسخ يجيب «شماس»، قائلًا: «إنه حديث من شغاف القلب.. لا يأخذ منحنى آخر سوى خدمة وطنى وعروبتي».

وفي معرض حديثه عن قصيدته «خاتم الرسل» التي تقدم بها في عام 2010، لمسابقة «البردة النبوية» التي تنظمها وزارة الثقافة الإماراتية، يقول «شماس»: «أنا ثقافتى عربية إسلامية، وإذا مدحت رسول الإسلام محمدًا، فذلك لأنى أحبه»، متسائلًا: «كيف لا أحب إنسانًا بهذا المستوى النبيل من الإنسانية والخلق؟، وأضاف: لقد نشر محمد، عقيدة جميلة ونبيلة تدعو إلى الإنسانية، وثقافتنا العربية الإسلامية تدفعنا إلى حب هذا النموذج الرائع، ولقد كتبت هذه القصيدة لأعبر بها عن حبى لهذا الرجل ولم يكن هدفى أبدًا نيل جائزة المسابقة، والدليل على ذلك أنى كتبت أبياتها قبل الإعلان عن موعد أو شروط هذه المسابقة بزمن بعيد».

ونلمس صدق مشاعر «شماس»، حين نرحل مع أبياته التي تنم عن ثناء فائق الإبداع ألقى به في ساحة المدح النبوى قائلا:
يممت طه المرسل الروحاني
ويجل طه الشاعـر النصرانـي
ماذا أسطر فـى نبـوغ محمـد
أنا يا محمد من سلالـة يعـرب
أهـواك ديـن محـبـة وتـفـان
وأذود عنـك مولـهـًا ومتيـمـًا
حتى ولو أجـزى بقطـع لسانـي
أكبرت شأوك في فصيـح بلاغتـي
وشغاف قلبـى مهجتـى وبيانـى
وأرتل الأشعار فـى شمـم النـدى
دين تجلى فـى شـذى الغفـران
وتسامـح يزهـو ببـرد فضيلـة
وشمائـل تشـدو بسيـب أغـان
أغدقت للعـرب النصـارى عـزة
ومكانـة ترقـى لـشـم مـعـان
وزرعت في قلب الرعيـة حكمـة
شماء تنطق فـى نـدى الوجـدان
أودعت يمنك في حدائـق مقلتـى
ووشمت مجدك في شغاف جنـان
ونذرت روحـى للعروبـة هائمـًا
بالضـاد والإنجـيـل والـقـرآن
ونقشت خلق محمد بمشاعـرى
ودرجت أرشف كوثـر الرحمـن
وشتلت في دوح التآخـى أحرفـى
أختال زهـوًا فـى بنـى قحطـان
آخيت فاطمة العروبة في دمـى
وعفاف مريم في فـؤاد كيانـى
ولئـن تغطـرس أجنبـى حاقـد
كفقاعة الصابـون فـى الفنجـان
وإذا قرأتـم للـرسـول تحـيـة
فلتقـرءوه تحـيـة النصـرانـي
مهما مدحتـك يا رسـول فإنكـم
فوق المديح وفـوق كـل بيانـي

واللافت للنظر أنه في نفس عام 2010، الذي نظمت فيه مسابقة «البردة النبوية» بدولة الإمارات، فإن الشاعر المسيحى المصرى سعد جرجس، فاز بجائزة خاصة من لجنة التحكيم، بعد أن حازت القصيدة التي نظمها كواحدة من أفضل القصائد التي قيلت في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم.

ويسهب الشاعر السوري إلياس قنصل، الذي عاش بين عامى 1914 و1981 ميلادية، في أبياته متحدثًا عن صفات نبى الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، قائلا:
يقابل بالصبر الجميل ضغائنا
تمادى بها وعد بسب ويثلب
ويعفو عن الأسرى وكان
وعيدهم بما في نواياهم من الثأر يلهب
إذا جاءه الملهوف فهو له
أخ وإن جاءه المحروم فهو له أب
صفات نبى أحسن الله خلقه
نفوس الورى من رفدها تتهذب

مشاعر جياشة
وعلى الدرب ذاته، يسير الشاعر السورى جورج سلستي، الذي عاش بين عامى 1909 و1968 ميلادية، لينظم قصيدة أسماها «نجوى الرسول الأعظم»، أفاض فيها بمشاعره الجياشة التي تملكت قلبه تجاه رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم:
أقبلت كالفجر وضاح الأسارير
يفيض وجهك بالنعماء والنور
على جبينك فجر الحق منبلج
وفى يديك مقاليد المقادير
أطلعت من هامت الدنيا بطلعته
ونافست فيه حتى موئل الحور
أطلعت أكرم خلق الله كلهم
وخاتم الرسل الصيد المغاوير
بوركت أرضًا تبث الطهر تربتها
كالطيب بثته أفواه القوارير
الدين ما زال يزكو في مرابعها
والنبل ما انفك فيها جد موفور
فذاك افتخارًا على الأكوان قاطبة
بما حبوت الورى يا بيد من نور
يا سيدى يا رسول الله معذرةً
إذا كبا فيك تبيانى وتعبيري
ماذا أوفيك من حقٍ وتكرمةٍ
وأنت تعلو مدى ظنى وتقديري
واكلا – عليك صلاة الله - أمتنا
حياك ربك حتى نفخة الصور

ولم يخش الشاعر السوري وصفى قرنفلي، الذي عاش بين عامى 1911 و1978 ميلادية، توجيه نقد له، أو أن تثار ضده حرب تطال كل شيء في حياته حين وصف محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، بـ«منقذ الشرق»، في أبياته التي عبرت حروفها عن شهادة حق قالها مواطن عربى في حق رسول الإسلام:-
أو ليس الرسول منقذ هذا الشرق
من ظلمة الهوى والهوان
أفكنا لولا الرسول سوى
العبدان بئست معيشة العبدان

وما زلنا في دمشق نتريض في بساتين المحبة الإنسانية، التي أهداها لنا الشاعر جورج صيدح، الذي عاش بين عامى 1893 و1978 ميلادية، مطالبين معه باقى أفراد أمتنا العربية بأن يكون لهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسوة حسنة حتى نخرج من غياهب التردى الذي أدخلنا فيه أنفسنا:-
يا صاحبى بأى آلاء النبى تكذبان؟
يا من سريت على البراق وجزت أشواط العنان
آن الأوان لأن تجدد ليلة المعراج آن

ويدخل الشاعر السكندري السوري الأصل ميشال مغربي، ميدان المديح النبوي، مهديًا رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، أبيات رائعة في ذكرى الاحتفال بمولده:
لا عيد للعرب إلا وهو سيده
ما دارت الأرض حول الشمس دورتها
هي العروبة لا ينهد حائطها
يا صاحب العيد يا من في موالده
إن كان للغرب عرفان وفلسفة

وإذا ما ذهبنا إلى لبنان، فسيشنف آذاننا الشاعر إلياس فرحات، الذي عاش بين عامي 1893 و1976 ميلادية، بأبيات يخاطب فيها رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، وكأنه يشكو له فيها ما ألم بالأمة العربية من تخبط وتخلف عن باقى الأمم، ويطلب منه مددًا يخرجنا مما نحن فيه، قائلًا:-
يا رسول الله إنا أمة زجها التضليل في أعمق هوة
ذلك الجهل الذي حاربته لم يزل يظهر للشرق عتوه

وما زالت نسائم عشق الشعراء المسيحيين اللبنانين لرسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، تنعشنا؛ حيث نرقى مع الشاعر اللبناني حليم دموس، المتوفى في عام 1957 ميلادية، إلى أعلى درجات المحبة الإنسانية المجردة من أي ميول، حين يمتدح النبى الكريم قائلًا:-
أمحمد والمجد بعض صفاته
مجدت في تعليمك الأديانا
إنى مسيحى أحب محمدا
وأراه في فلك العلا عنوانا

نسائم العطر
وتأبى خطانا أن تغادر لبنان، دون أن نذوب في نسائم العطر الشذي الذي تهديه لنا أبيات شاعر القطرين اللبنانى خليل مطران، الذي عاش بين عامى 1872 و1949 ميلادية، التي نستشف منها أثر رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، في محاربة الجهل والشرك وإقامة العدل والإحسان إلى أهل الكتاب؛ حيث يقول:-
بأى حلم مبيد الجهل عن ثقة
وأى عزم مذل القادة الصيد
أعاد ذاك الفتى الأمى أمنه
شملا جميعا من الغر الأماجيد
وزاد في الأرض تمهيدا لدعوته
بعهده للمسيحيين واليهود

أما الشاعر اللبناني محبوب الخوري الشرتوني، الذي عاش بين عامي 1885 و1931 ميلادية، فيرقى بنا في قصيدته «عرب الحجاز.. تحية وسلام»، داحرًا الفتن التي يحاول البعض دسها بين المسلمين والمسيحيين، معلنًا للجميع أن العرب جميعًا أهل وأشقاء دون النظر إلى الديانة، ومطفئًا جزوة الصراع الطائفى الذي يسعى البعض لإبقائه مشتعلًا:-
قالوا تحب العرب قلت أحبهم
يقضى الجوار علىَّ والأرحام
قالوا لقد بخلوا عليك أجبتهم
أهلي وإن بخلوا علىَّ كرام
قالوا الديانة قلت جيل زائل
ويزول معه حزازة وخصام
ومحمد بطل البرية كلها
هو للعرب أجمعين إمام

ويصف الشاعر اللبناني رشيد خوري، المعروف بـ«الشاعر القروي» الذي عاش بين عامي 1887 و1984 ميلادية، مولد رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، بـ«عيد البرية»، ناظمًا في هذا الجانب قصيدة حملت نفس العنوان، قال فيها:-
عيد البرية عيد المولد النبوي
في المشرقين له والمغربين دوي
عيد النبى ابن عبد الله من طلعت
شمس الهداية من قرآنه العلوي
يا قوم هذا مسيحى يذكركم
لا ينهض الشرق إلا حبنا الأخوي
فإن ذكرتم رسول الله تكرمة
فبلغوه سلام الشاعر القروي

أما الشاعر اللبناني شبلي شميل، الذي عاش بين عامى 1853 و1917 ميلادية، وعرف بنبوغه في الشعر والفلسفة، فقد رحل بحروفه ممتدحًا عظمة رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، معلنًا إعجابه بفصاحة القرآن حتى ولو كان مسيحيا لا يدين بالإسلام:-
إنى وإن أك قد كفرت بدينه
هل أكفرن بمحكم الآيات؟
نعم المدبر والحكيم وإنه
رب الفصاحة ومصطفى الكلمات

وما دمنا في لبنان فلا يعقل أن نغفل تلك الأبيات التي نظمها واحد من أبرز شعراء النصف الأول من القرن العشرين، وهو الشاعر الكبير شلبى الملاط، المعروف بـ«شاعر الأرز»، الذي عاش بين عامى 1878 و1961 ميلادية، ويقول فيها:-
من للزمان بمثل فضل محمد
رفع الرسول عماد أُمة يعرب
وأعزها بالأهل والأصحاب

وهذا الشاعر يوسف البقاعين، الذي تعود جذور عائلته إلى منطقة البقاع، يؤكد أن مسيحيته لا تمنعه من القيام بواجبه في معرض إحياء ذكرى مولد النبى العربى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ناظمًا في هذا الجانب قصيدة أسماها «أمة التوحيد» نذكر منها:-
عاش ابن عبد الله في كل الورى
أحيا بمولده الشعوب فردهم
يا هاديا نهج السبيل وهاجرا
يا مشعلا فوق المآذن عاليا
ولقد نبذت الشرك في طرق الردى
هذا كتاب الله فيما بيننا

معارضة البردة
لم يكتفِ الشعراء المسيحيون بنظم أبيات يمدحون فيها رسول الإسلام محمدًا صلى الله عليه وسلم فقط، وإنما تجاوزوا تلك المرحلة ليعارض الشاعر السورى ميخائيل خير الله ويردي، المتوفى في عام 1945 ميلادية، قصيدة «نهج البردة» لأمير الشعراء أحمد شوقي، مهديًا للإنسانية بكل انتماءاتها الدينية جملة أبيات أقل ما توصف به أنها بالغة الرقة والجمال:
أنوار هادى الورى في كعبة الحرم
فاضت على ذكر جيرانٍ بذى سلم
يا أيها المصطفى الميمون طالعه
قد أطلع الله منك النور للظّلم
صلى الإله على ذكراك ممتدحًا
حتى تؤم صلاة البعث بالأمم
رحلة مع شعراء الغرب

وإذا ما رحلنا إلى بلاد الغرب ستطالع أعيننا وتسمع آذاننا كلمات ليست أقل جمالًا وأروع رقة، سطرها شعراء وأدباء الغرب المسيحيون في حق رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ومن هؤلاء الشاعر الفرنسي الشهير «لا مارتين»، ويصف دراسته لحياة رسول الإسلام محمد بن عبد الله بأنها: «أعظم حدث في حياتى هو أنني درست حياة رسول الإسلام محمد دراسة واعية، وأدركت ما فيها من عظمة وخلود.. إن الرسول والخطيب والمشرع والفاتح ومصلح العقائد الأخرى الذي أسس عبادة غير قائمة على تقديس الصور هو محمد، لقد هدم الرسول المعتقدات التي تتخذ واسطة بين الخالق والمخلوق».

ويعتبر الشاعر الروسي الشهير «بوشكين»، أن حادثة شق صدر رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وهو صغير في بادية بني سعد، بداية النور الذي بدد ظلمات القلوب، حين يقول: «شق الصدر، ونزع منه القلب، وغسلته الملائكة، ثم أُثبت مكانه.. قم أيها النبى وطف العالم، وأشعل النور في قلوب الناس».
الجريدة الرسمية