الدراما وحرب أكتوبر
خلال الأسبوع الماضي شاهدت بالصدفة ثلاثة أفلام أمريكية تدور أحداثها حول معارك «بطولية» للقوات الأمريكية أثناء الحرب العالمية وحرب فيتنام.. لم تكن الأحداث ترقى لمستوى المواقع العسكرية والبطولات الحقيقية التي حدثت مع قواتنا المسلحة أثناء حرب أكتوبر.. وفي هذه السطور القليلة أريد أن أذكر العاملين في الحقل السينمائي وغيرهم بالأحداث الديناميكية الدرامية العديدة التي حدثت في حرب أكتوبر؛ علهم يتحمسون ويهمون بإنتاج أعمال درامية تليق وتسجل للأجيال الحالية والقادمة، بما قام به الجيش المصري من تضحيات وبطولات.
فمثلا.. معركة تحرير مدينة القنطرة شرق.. جاء في البيان العسكري رقم ١٦، عاد العلم المصري مرة أخرى إلى مكانه العزيز فوق المدينة الثانية في سيناء وهي القنطرة شرق، بعد أن تم تحريرها، وقد كانت القوات المصرية تراعي اعتبارين، وهما تدمير قوات العدو والمحافظة على أرواح المواطنين المصريين، وقد تم حصار المدينة داخليا وخارجيًا ثم جرى اقتحام مشارفها ودار القتال في الشوارع والمباني حتى انهارت قوات العدو واستولت القوات المصرية على كميات كبيرة من سلاح العدو وأسر ٣٠ فردًا.
والتفاصيل طويلة، فقد قام أفراد من حصن ميلانو بمغامرة.. استغلوا الظلام ودخلوا المدينة وتجاوزوا الكثير من الكمائن المصرية دون التعرف عليهم، لكن اضطر أحد الأفراد الذي يعرف اللغة العربية للرد على إحدى الدوريات المصرية، غير أن لهجته قد كشفت حقيقته فأطلقت عليهم النيران.. مات البعض وهرب البعض الآخر وتحصن في أحد البيوت الخالية.
ثم تم لهم عن طريق الاتصال اللاسلكي، تحديد نقطة التقاء مع قوة الإنقاذ الإسرائيلية، ونجحوا في التسلل خارج المدينة والتقطتهم سرية دبابات من لواء العقيد جابر.
وأثناء المعركة حاول اللواء سعد مأمون، قائد الجيش الثاني، الاتصال بالعميد فؤاد عزيز غالي؛ للاطمئنان على سير المعارك بلا جدوى، ودار في مخيلة القائد ما دار.. وعند منتصف الليل اتصل غالي بقائده الذي عاتبه وأنبه على عدم الرد، وجاء رد غالي: من عادتي يافندم عندما أواجه موقفا حرجا لا أشغل قيادتي حتى انتهي من هذا الموقف على أحسن حال.. رد مأمون: هذا خطأ لا تفعل هذا مرة أخرى، ويرد غالي: حاضر يافندم أعتذر.
وعلى قمة البطولة الدرامية، تقع معركة قسم شرطة الأربعين التي تصلح لأن تكون فيلما سينمائيا خاصا بها.
adelwadie@yahoo.com
ثم تم لهم عن طريق الاتصال اللاسلكي، تحديد نقطة التقاء مع قوة الإنقاذ الإسرائيلية، ونجحوا في التسلل خارج المدينة والتقطتهم سرية دبابات من لواء العقيد جابر.
وأثناء المعركة حاول اللواء سعد مأمون، قائد الجيش الثاني، الاتصال بالعميد فؤاد عزيز غالي؛ للاطمئنان على سير المعارك بلا جدوى، ودار في مخيلة القائد ما دار.. وعند منتصف الليل اتصل غالي بقائده الذي عاتبه وأنبه على عدم الرد، وجاء رد غالي: من عادتي يافندم عندما أواجه موقفا حرجا لا أشغل قيادتي حتى انتهي من هذا الموقف على أحسن حال.. رد مأمون: هذا خطأ لا تفعل هذا مرة أخرى، ويرد غالي: حاضر يافندم أعتذر.
في صباح اليوم الثاني يتصل العميد فؤاد باللواء مأمون: أنا في مأزق.. لواء مدرع يهاجمني، أرجو التغطية بالطيران والمدفعية.. ويأتي رد مأمون: ماذا.. ماسمعتش حاجة كلمني بعد ساعة زي ما عملت.. ويجيب فؤاد غالي ضاحكًا: لا أنا في عرضك.. ليقول مأمون: عرفت معنى عدم الرد لمدة ساعة.. عرفت يافندم.. حرمت.. تبت، وضحك قائد الجيش وقائد الفرقة، وتمت فورًا الإجراءات لوقف تقدم اللواء الإسرائيلي.. وتحررت القنطرة.
أما العميد حسن أبو سعدة فقد تسلق الساتر الترابي على قدميه ولم يستخدم سلم الحبال، وعندما شاهد أن الجهاز اللاسلكي الذي يحمله أحد الجنود ثقيلا عليه، حمله بدلًا منه، وهو بطل معركة الفردان الذي صد الهجوم الإسرائيلي الذي قام به لواء ١٩٠ مدرع الإسرائيلي، وتم تدمير جميع دباباته وأسر العقيد عساف ياجوري.
ولا يمكن أن ننسى أضخم مقبرة في تاريخ الجيش الإسرائيلي «حسب تقرير أجرانات» حول المزرعة الصينية وبطولة كتيبة المشاة المصرية التي كان يقودها المقدم محمد حسين طنطاوي، في مواجهة أضخم هجوم إسرائيلي مضاد.
أما السويس ومعركتها وصمودها قصة أخرى.. أحداثها الدرامية لا تُحصى.. منها فشل القوات الإسرائيلية في اقتحام المدينة من ثلاثة محاور، كل منها له قصة وبطولات ومحاولات الخداع الإسرائيلي.. إغلاق اليهود للترعة التي تغذي السويس بالمياه العذبة.. ضرب أسلاك الضغط العالي وقطع التيار الكهربائي.. جامع الشهداء يتحول إلى مركز للقيادة.. الشيخ حافظ سلامة يشجع الفدائيين ويوزع ما في حوزته من سكر وشاي وكعك على الرجال.. مستشفى السويس أصبح المركز الثاني للمقاومة.. مدير الإدارة الصحية قام بتطوير المستشفى وتجهيزه ليقوم بدوره كمستشفى على خط النار.. حتى قبل المعركة وطوال مدة حصار المدينة «مائة يوم»، سجل هذا الرجل بطولات حقيقية.
ولا يمكن أن ننسى أضخم مقبرة في تاريخ الجيش الإسرائيلي «حسب تقرير أجرانات» حول المزرعة الصينية وبطولة كتيبة المشاة المصرية التي كان يقودها المقدم محمد حسين طنطاوي، في مواجهة أضخم هجوم إسرائيلي مضاد.
أما السويس ومعركتها وصمودها قصة أخرى.. أحداثها الدرامية لا تُحصى.. منها فشل القوات الإسرائيلية في اقتحام المدينة من ثلاثة محاور، كل منها له قصة وبطولات ومحاولات الخداع الإسرائيلي.. إغلاق اليهود للترعة التي تغذي السويس بالمياه العذبة.. ضرب أسلاك الضغط العالي وقطع التيار الكهربائي.. جامع الشهداء يتحول إلى مركز للقيادة.. الشيخ حافظ سلامة يشجع الفدائيين ويوزع ما في حوزته من سكر وشاي وكعك على الرجال.. مستشفى السويس أصبح المركز الثاني للمقاومة.. مدير الإدارة الصحية قام بتطوير المستشفى وتجهيزه ليقوم بدوره كمستشفى على خط النار.. حتى قبل المعركة وطوال مدة حصار المدينة «مائة يوم»، سجل هذا الرجل بطولات حقيقية.
في إحدى القرى حاول أحد الجنود الإسرائيليين الاعتداء على فتاة.. قاومت وقتلت الجندي بجاروف، فانتقم العدو من شعب هذه القرية.. كذلك واقعة سائق سيارة توزيع الصحف، الذي فوجئ عند مدخل المدينة بدبابة إسرائيلية.. نزل من سيارته وحاول قتل الجندي الرابض بجوارها، فتم قتله فورًا.. العربة الكارو التي حولها صاحبها لتكون عربة إسعاف.
وعلى قمة البطولة الدرامية، تقع معركة قسم شرطة الأربعين التي تصلح لأن تكون فيلما سينمائيا خاصا بها.
في الجعبة الكثير.. وأوراقي تضم الكثير من الأحداث والمواقف البطولية لهذه البلدة السويس وحرب أكتوبر عامة.
adelwadie@yahoo.com