أسباب حديث السيسي عن «ترك السلطة» !
معيار ومقياس بسيط، قد يكون كاشفا لما طرحه السيسي من تركه للسلطة إن طلب الشعب ذلك.. ادخلوا على مساحة التعليقات على المواقع الإلكترونية، التي نشرت تغطية لخطبة السيسي أو اقتطعت الجزء المذكور من الخطاب وتناولته بعنوان مستقل.. ستجدون، ورغم التنظيم الكبير والمحكم للجان الإلكترونية للإخوان، وعملاء وحلفاء الإخوان من مجموعات لا وزن لها ولا قيمة في الشارع السياسي المصري، بعضها أو حتى أغلبها لم يستطع المواجهة والنزال في أفضل انتخابات نزيهة في تاريخ مصر.. نقول إنه ورغم تنظيم هؤلاء القوى تعليقهم بغزارة وبأسماء مستعارة على مثل هذه الأخبار، في محاولة لتوجيهها إلا أن الأغلبية الكاسحة من التعليقات جاءت مؤيدة للسيسي رافضة حديثه عن أي احتمال لتركه السلطة لأي سبب!
المؤشر السابق تدعمه مؤشرات أخرى، لمن يجيد قراءة نتائج الانتخابات الأخيرة أو تفاعل الناس في الأسابيع الأخيرة مع أداء الدولة، خصوصا في قطاعات التموين والصحة (يحتاجون مقالا مستقلا)، والإجراءات الحاسمة مع تجاوزات بعض ضباط الداخلية، كلها مؤشرات تؤكد مقدما فشل أي تحرك لحشد الناس في يناير القادم.. والكلام عن حشد الناس يعني حشد الناس، وليس المئات هنا أو هناك، بما لا يمكن اعتباره تعبيرا عن المصريين.
يبقى السؤال: لماذا قال السيسي ذلك؟ وإضافة لاحترام الرجل لنفسه خلاف آخرين قالوا للمصريين إما السلطة أو الدماء، نقول إن كلام السيسي يعكس فشلا كبيرا للإعلام الرسمي، ويعكس فشلا أكبر للإعلام الشعبي.. الأول نعرفه والثاني هو حاصل الجهود الكبيرة التي يبذلها شرفاء المصريين من دعم بلدهم وجيشهم ومؤسسات دولتهم على شبكات التواصل الاجتماعي في مواقف فردية أو حملات مثل حملتي "انشر الإيجابيات" أو "كن أنت الإعلام البديل"، وفيهما جهد رائع للتصدي لحملات نشر الإحباط واليأس واصطناع الشائعات والأكاذيب وتضخيم السلبيات والتعمية على الإيجابيات وتجاهلها، وهؤلاء الشرفاء ورغم جهودهم الطيبة إلا أن عدم تنظيمهم يجعل الغلبه للقوى المنظمة حتى لو عددها لا يُذكر أمام الأغلبية، كأي حرب أو معركة ينتصر فيها المنظم والذي يرتب أوراقه جيدا.
على هذا المقال، مثلا، ستجدون هجوما كاسحا على التعليقات من لجان الإخوان وأعوانهم، إذا نشر على صفحة "فيتو" على "فيس بوك"، وتجدهم يروجون لصفحاتهم ومنشوراتهم، بما يجعلها مؤثرة حتى عند خصومهم، وليس فقط لدعم حالة التماسك في جبهتهم.
بينما أنصار السيسي والدولة ستجدهم متفرجين متابعين، ويعلقون على استحياء، يخافون بذاءة الإخوان وأعوانهم.. وهكذا، وفي حين تنشر هذه اللجان السلبيات والأكاذيب بغزارة تجد الوطنيين الشرفاء يكتفون بالإعجاب والتعليق أو إطلاق الهاشتاجات - حتى دون الاتفاق على هاشتاج واحد - على أكثر الاحتمالات، بينما يتجاهلون نشر الإيجابيات أو المشاركة في فضح الأكاذيب، وتجدهم في حالة تأمل عجيبة جدا و"اندهاشة" لا تنتهي!
كلام السيسي يعني تأثره هو شخصيا - رغم تحذيره المتكرر وبنفسه من حروب الجيل الرابع - بحملة الدعوه لـ25 يناير أكثر من تأثره بحملة استهجانها ورفضها! وهنا نعود لنقطة البدء: دور الإعلام الرسمي الشعبي.. الرسمي ننتظر خطوات دعمه وإعادته لدوره، أما نشطاء الإعلام الشعبي.. ماذا ينتظرون؟ مزيدا من التأمل ومزيدا من الإعجاب والتضامن ليس إلا، أم استفاقة كبيرة تتحول إلى فعل إيجابي جماعي هنا على شبكات التواصل الاجتماعي وفي مواجهة إعلام الشر؟.
استفيقوا يرحمكم الله..