التعصب
التعصب هو الاستئثار بالرأى الشخصى ووجهة النظر دون مراعاة وجهات نظر الآخرين فكما تكون لنا وجهة نظر تكون للآخرين أيضًا وجهات نظر ولو تعصب كل منا لوجهة نظره لكان ذلك مدعاة للجدال والانقسام والعداوة لانعدام التفاهم والاقناع بين الطرفين فى نهاية الأمر.
من تجارب الحياة الكثرة التى مرت بالإنسان وعلى مر العصور ثبت أنه لا يوجد ما يسمى بالخطأ المطلق ولا الصح المطلق فرب خطأ كان فى زمانه ومكانه خطأ كان فى غير زمانه ومكانه غير خاطئ ورب صحيح فى مكانه وزمانه كان فى غير ذلك غير صحيح .
إذًا وجهات النظر نحو الأشياء وردود أفعالنا تجاهها تترتب على الزمان والمكان وتكون حكمة الإنسان فى كل الأحوال على الاستكشاف والبصيرة للحقيقة وهى التى لابد أن يسعى لها الإنسان فى حياته أملًا فى إيجاد التوافق بينه وبين الناس وأملًا فى إيجاد أرضية مشتركة لكل النقاشات للوصول إلى الاستقرار لا الانقسام والجدال .
لذلك ما أطلق عليه التعصب فى الرأى التشبث به ليس هذا إلا صورة ضيقة لما يراه الإنسان للمعطيات حوله ولو أنه قد قام برحلة إلى خارج عقله ليقيم نفسه وينظر إلى نفسه من خارج عقله لتبينت حقائق كثيرة منها ما عليها وجهات نظر سليمة ومنها ما كانت خاطئة ولولا أنه قد قيم الأمور بمنظور محايد لم يكن يومًا يتمكن من استكشاف الحقائق.
كثيرًا ما نتناقش مع الناس حول أمور تهمنا وتهمهم ولولا الأهمية المشتركة لما كان هناك حديث من الأساس وإنما كان كل واحد فى طريقه واختلفت الأهداف ولكن الله تعالى لم يكن يهدف من خلق الخلق هذا من أجل أن يتعارفوا فيما بينهم وليعرفوا أن أكرمهم عند الله تعالى أتقاهم وليس ليتفاخروا فيما بينهم بعلمهم فمهما علا الإنسان فى علمه شعر بضآلة علمه فى بحور العلوم الواسعة ولذلك قال الله للملائكة إنى أعلم مالا تعلمون .
علينا أن نتغير وأول طريق التغيير الاعتراف برفض الواقع الحالى لكل منا والبداية فى تطوير الذات من أجل التفكير والعمل والإنصات للغير وعدم التشبث بالرأى الشخصى الذى ينقصه دائمًا المعرفة والذى قد يصيب أحيانًا ويخطئ كثيرًا .