وأنتم أهل الحق «إن شاء الله»!
لقد خلقنا الله أممًا ومذاهب، كلمات قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء خطابه بمناسبة المولد النبوي الشريف، الذي جمعه مع شيوخ الأزهر ومفتي الجمهورية.
الرئيس يعبر عن الخطاب الديني وتجديده، الذي لم يلمس فيه أي تحسن حتى الآن، أصحاب العمائم والفتاوى جالسون يستمعون إلى ما كرره الرئيس أكثر من مرة.
قبل الخطاب بساعات، كان الأزهر يعلن عن حملة شرسة ضد كتب الشيعة "القليلة"، فيما كانت دار الإفتاء تعلن أن هناك قانونا لتجريم كل من يفتي دون إذن، أما قبل ذلك بأسابيع، كان هناك تحقيقات صحفية تتحدث عما في كتب السنة نفسها، وتم ذكرها بالصفحة ولو عدنا بالتاريخ قليلًا عاما أو اقل سنتذكر قرار منع فيلم موسى؛ خشية الكفر بعد مشاهدة الفيلم، الرئيس يطلب تجديد الخطاب الديني من مؤسسة لم تدرك بعد أن الحجب سياسة فاشلة.
الأزهر وحده ليس مشتركا في هذا الأمر، فقبل ذلك بعامين كان الدستور يحدد ما هو دين الدولة ليعترف بمراسم دينية لبعض الفئات، ويتجاهل فئات أخرى، ويحاكم كل من لا يخضع لرؤيته الدينية، أما عن أجهزة الدولة فهي تمارس مع جميع المختلفين عنهم سواء سياسيًا أو فكريًا أو عقائديًا سياسة العنصرية.
العنصرية وعدم تقبل الآخر أمر ليس بغريب، بعد أن تأصل خلال العقود الماضية، وعلى رأس من مارس العنصرية هي مؤسسات الدولة نفسها، التي اشترطت في بعض الوظائف مميزات بعينها، ورأينا وزير عدل سابقا يقول "ماينفعش ابن الزبال يبقى قاضي"، فيما كان آخر تلك الهراءات ما أعلنته وزارة القوى العاملة منذ يومين "بعد خطاب الرئيس"، عن فرص عمل في أحد البلاد الخليجية "شرط حسن المظهر"، ولا أعلم حتى الآن من سيحدد حسن المظهر في الوزارة.
على أي حال الحمد لله أن هناك رئيسا يدرك تعددية العالم، ربما به "ينعدل الحال المايل"، كلمات كنت أرددها لنفسي وأنا أشاهد الخطاب قبل أن يختم السيسي بقوله لأصحاب العمائم "أنتم إن شاء الله أهل الحق".
كدة كملت، فالرئيس الذي تحدث عن التعددية والمذاهب، منح شيوخ الأزهر الحق، قال لهم ذلك على مرأى ومسمع من الجميع، قد يكون الأمر على سبيل الإشادة أو الإجلال ليس أكثر، لكن إذا كان الحديث عن التعددية فلا يمكن إعطاء صك الغفران لأحد، أهل الحق يحددهم الحق نفسه ولا أحد آخر، وفي دولة تعاني من العنصرية في كل مؤسساتها، يصبح إعطاء تلك الصفة بمثابة رخصة لممارسة العنصرية أكثر وأكثر!