رئيس التحرير
عصام كامل

رؤية مختلفة للسُّنة النبوية !


وحده كان المفكر الإسلامي السوري الكبير الدكتور محمد شحرور، الذي اجتهد ليضع تعريفا جديدا لمفهوم وتعريف السنة النبوية الشريفة، وذلك إضافة لاجتهاداته الرائعه الأخرى، التي أضافها إلى الفكر والفقه الإسلاميين، في سلسلة كتبه التي أثارت - ولم تزل - جدلا واسعا.

يرى الدكتور شحرور أن السنة النبوية هي الدروس المستفادة من فعل الرسول عليه الصلاة والسلام، وليست عين ما فعله الرسول في الواقع.. هي المنهج وليست الأفعال نفسها.. فيرى مثلا أن اختيار الرسول عليه الصلاة والسلام للحليب والتمر طعاما ثابتا له يعلمنا الالتزام بالمنتج المحلي ابن البيئة، دون أن يتقيد مسلم آخر في بلد آخر ينتج أشياء أخرى باللبن والحليب.. كما أن قبوله العباءة التي أُهديت له وارتداءها نفهم منه أنه لا يوجد زي ثابت ومحدد في الإسلام، على عكس ما تفعله الجماعات السلفية.. وهكذا!

قياسا على ما سبق، وفهما لرؤية الدكتور شحرور، نضيف أننا يمكننا أن نفهم من اختياره الشريف لخالد بن الوليد قائدا للجيش، ولم يكن الأكثر ورعا بين الصحابه ولا الأسبق للإسلام، وكذلك اختياره لبلال بن رباح مؤذنا، بدلا من عبدالله بن زيد وقد سبقه للأذان، أن نتعلم أن معيار الكفاءة وحده هو معيار الاختيار للمناصب والوظائف العامة، وأن الرجل المناسب في المكان المناسب، وأن مقولته الشهيرة "ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن" نفهم منها أن نضع النفس البشرية في الاعتبار عند الإجراءات والقرارات المهمة، وقد كان أبو سفيان محبا للفخر، وأن نفهم من استبقاء الإمام "علي" في مكة عند الهجرة لرد أمانات الرسول إلى أصحابها أن "لا تزر وازرة وزر أخرى"، وألا نأخذ أحدًا بجريرة أحد، لأن الرسول الذي فعل ذلك هو نفسه من أرسل يتتبع قافلة أبي سفيان للقصاص لمن ظلمهم أبوسفيان واضطرهم للهجرة من مكة.

وأن نفهم من قوله "اذهبوا فأنتم الطلقاء" أن الحاضر والمستقبل أهم من الانتقام للماضي، والأهم على الإطلاق هو: أن أمن أي أمة لا يستقيم والأعداء على الحدود، وأن المعارك لها التي سبقت الفتح الأكبر والتي سميت بالغزوات هي كلها سياسة في سياسة، ولا علاقة لها بالدين، وكانت لتأمين بناء الدولة وتأمين حدودها، وهو ما نسميه اليوم بالأمن القومي.. خلاف ذلك فلا اعتداء ولا عدوان لأنه تعالى وكما يقول القرآن "لا يحب المعتدين"، صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم.

الجريدة الرسمية