أزمة النقد الاجتماعي المسئول
يمر النقد الاجتماعى المسئول في مصر هذه الأيام بأزمة كبرى، وقد سبق لنا أن نشرنا كتابًا بعنوان "ما قبل الثورة: مصر بين الأزمة والنهضة، نقد اجتماعى ورؤية مستقبلية" (القاهرة: نهضة مصر، الطبعة الثانية، 2012) جمعنا فيه مقالاتنا التي نشرناها في الصحافة القومية قبل ثورة 25 يناير، والتي مارست فيها بصورة منهجية ما أطلقت عليه "النقد الاجتماعى المسئول".
وذكرت في مقدمة الكتاب أن الباحث الأكاديمى في بلادنا يقع على كاهله مسئوليات متعددة، فبالإضافة إلى ضرورة تجدده المعرفى باستمرار لكى يتابع المشكلات العالمية والإقليمية والمحلية عليه أن يقوم بدور الناقد الاجتماعى لكى يسهم في ترشيد الخطاب السياسي والثقافى في المجتمع.
وهذه المهمة تدعوه إلى اصطناع خطاب يختلف عن خطابه العلمى التقليدى، ومن هنا تأتى أهمية إنشاء وتأسيس خطاب جماهيرى ينهض على أساس توفير المعلومات والدقة في التعبير والسلاسة في الأسلوب، كل ذلك في إطار رؤية نقدية تركز على السلبيات وتشخيصها وتطرح البدائل، مع عدم إغفال الإشارة إلى الإيجابيات؛ لأن الإشارة إليها تكتسب أهمية مضاعفة في مناخ يسوده الإحباط نتيجة تراكم المشكلات؛ وذلك لأن هذه الإشارة يمكن أن تبث اليقين في نفوس الجماهير أننا قادرون على الفعل والإنجاز لو توافرت الشروط الضرورية لذلك، وهذا الاتجاه ينبغى أن يقاوم الاتجاه السلبى الذي يحترف دعاته التركيز على الأخطاء والذي بلغ بعض محترفيه إلى حد تجريح الشعب المصرى.
هذا ما كتبناه منذ سنوات، ولكن لو حللنا المشهد الإعلامي الراهن وخصوصًا في مجال الصحافة الورقية لوجدنا بعض الكتاب وخصوصًا تلك التي تحتضنهم صحيفة مصرية معروفة الذين احترفوا ممارسة الهجوم غير المبرر سواء على رئيس الجمهورية أو على الدولة.
منهم مقدم برامج معروف أنهت القناة التي كان يعمل فيها عقده واشتهر بحذلقته وممارسته النقد الهدام لمؤسسات الدولة وللشخصيات السياسية وتحول إلى كاتب صحفى ينشر مقالات أسبوعية، يبث فيها سمومه وينشر افتراءاته ويكشف عن تحيزه لجماعة الإخوان الإرهابية، وإن كان بطريق غير مباشر، مما يجافى تقاليد النقد الاجتماعى المسئول، وهناك في نفس الصحيفة المتخصصة في الهجوم على دولة 30 يونيو كاتبان أحدهما إخوانى صريح يحترف المراوغة والالتواء حتى يهاجم الدولة باسم الإخوان، والثانى ليبرالى لا يمل من التذكير بأهمية حقوق الإنسان للإرهابيين وليس لضحايا الإرهاب!