رئيس التحرير
عصام كامل

«نجوى جويلي».. حكاية أول نائبة مصرية في البرلمان الإسباني.. ابنة «المهاجر النوبي» تؤسس أول حزب عربي في «شبه جزيرة إيبريا».. وتحرم الحزب الحاكم من «أغلبية البرلمان

فيتو

كشف عبد الرحمن منصور، مؤسس صفحة كلنا خالد سعيد، عن حكاية نجوي جويلي المصرية التي فازت بعضوية البرلمان الإسباني، وأصبحت أصغر نائبة بالبرلمان تتولي رئاسة أولى جلسات المجلس.


وكتب منصور تدوينة عبر صفحته على «فيس بوك» «الصورة للشابة الإسبانية المصرية نجوى جويلي، التي فازت بالأمس بعضوية البرلمان الإسباني، والصورة الثانية لي مع والدها أحمد جويلي».

ابنة الشاب النوبي
وقال منصور «نجوى لم تصبح فقط نائبة بالبرلمان، بل فازت بأعلى أصوات على مستوى الدولة كلها وبين كل مرشحي الأحزاب، وأصبحت أول نائبة من أصل عربي، وأصغر نائبة بالبرلمان أيضًا (مواليد ١٩٩١ - ٢٤ سنة)، وبالتالي ستتولى رئاسة أولى جلسات المجلس».

قصة نجوي بدأت في عام ١٩٩٠، وفقًا لحكاية عبد الرحمن منصور، حين سافر الشاب المصري القادم من النوبة أحمد جويلي إلى مدريد في إسبانيا ليكمل تعلم اللغة الإسبانية التي كان قد بدأ تعلمها في المركز الثقافي الإسباني في القاهرة.

وبدأ أحمد الدراسة في كلية للسياحة والفندقة، وتنقل الشاب العشريني بين وظيفة بسيطة وأخرى ليتحصل المال اللازم للدراسة والعيش.

بعد أعوام من العمل في مجال السياحة في إسبانيا افتتح أحمد شركته الخاصة مع أحد أصدقائه والتي أخذت تتطور وتتوسع في مجال السياحة والسفر في أوربا.

ويكمل منصور الحكاية «انقطعت صلة أحمد بأخبار مصر السياسية في ظل حكم مبارك، إلى أن بدأت الجمعية الوطنية للتغيير في جمع توقيعات المصريين على مطالبها السبعة، فعاد للاهتمام بالسياسة ودعا أصدقاءه من المصريين للتوقيع على بيان التغيير، حين جاءت ثورة يناير شارك الرجل الأربعيني فورًا في تنظيم مسيرات بأسبانيًا تأييدًا للثورة، ثم عاد إلى مصر لأول مرة منذ سنوات، مثل آلاف المصريين بالخارج الذين شعروا بالأمل».

وأضاف «في لقاءاتنا المتعددة منذ عام ٢٠١١، كان أحمد حريصا على المساهمة في تطوير صناعة السياحة في مصر، بما له من خبرات كبيرة، جعلته الآن يصبح نائبًا لرئيس اتحاد غرفة السياحة الإسبانية - إلا أن مساهماته واقتراحاته قوبلت برفض من المسئولين في مصر، والسبب: لا سبب».

ظل أحمد مترددًا على مصر ومشاركا في أنشطة سياسية، ومعرفا أسرته الإسبانية على ثورة مصر والبلد الذي ولد من جديد، لكن بعد الانتكاسة السياسية في يوليو ٢٠١٣، غادر الرجل مصر بلا عودة.

حزب «عربي - إسباني»
وتابع منصور «بعد ثورات الربيع العربي، بدأت في عدة دول أوربية مظاهرات غاضبة ضد البطالة وسياسات التقشف وتخفيض الضمان الاجتماعي».

وأضاف «في مدريد بدأت التظاهرات وامتدت لمدن إسبانية أخرى. شبان غاضبون يتظاهرون ضد السياسات الاقتصادية والبطالة، ورفضا لهيمنة أكبر حزبين في إسبانيا: الحزب الشعبي المحافظ الحاكم والحزب العمالي الاشتراكي المعارض».

مظاهرات متعددة واجتماعات هنا وهناك، يخرج من هذه الاحتجاجات حزب سياسي ثم يخرج آخر، يعتقد كثيرون أنه لا مستقبل سياسي لأحزاب خرجت من احتجاجات عابرة متأثرة بحالة احتجاجية ملئت العالم من العالم العربي حتى وول ستريت في نيويورك.

وكانت المفاجأة عندما حدث ما لم يتوقعه أحد، فبعد ٢٠ يوما من تأسيس حزب بوديموس (نحن نستطيع أو قادرون) ينضم للحزب ١٠٠ ألف شاب وشابة، ويجتمع أعضاء الحزب بحثا عن تواجد حقيقي لهم في المؤسسات السياسية الأوربية والإسبانية، شارك حزب بوديموس في الانتخابات الأوربية التي أجريت في ٢٥ مايو ٢٠١٤ في أول تجربة انتخابية له، والمفاجأة، حصل الحزب على خمسة مقاعد في البرلمان ويصبح بذلك رابع قوة سياسية في إسبانيا.

وأضاف عبد الرحمن منصور أن المحللين والكتاب تابعوا هذه "القوة الصاعدة"، الحزب الذي تضع تضع نتائجه الشعبية إسبانيا على فوهة بركان سياسي" بتعبير صحيفة الباييس في إحدى افتتاحياتها.

تأتي الانتخابات البلدية ويعتذر الحزب عن المشاركة فيها نظرا لعدم جاهزية صفوفه للمشاركة في انتخابات بهذا الحجم، لكن لاحقا يقرر الحزب أنه سيخوض الانتخابات البرلمانية التي جرت خلال الأيام الماضية.

وقال منصور: إن النتائج ظهرت بالأمس، ولأول مرة منذ سنوات، يخسر الحزب الحاكم الأغلبية البرلمانية، يتراجع الحزب المعارض التقليدي الحزب العمالي الاشتراكي، بينما يفوز حزب بوديموس بـ ٦٩ مقعدا!

اتهامات للحزب العربي
وأضاف منصور أن وسائل إعلام وسياسيين اتهموا الحزب بأنه تابع لإيران وفنزويلا وبوليفيا! وتعرض مقر الحزب في مدريد لاعتداءات عنصرية، وتم وضع شعارات نازية وعبارات تتهدد مؤسسيه بالموت. مقالات وحملات إعلامية تتهم مؤسسي الحزب بالعمالة، وتشكيك مستمر في المصداقية.

وأكد أن بعض المحللين أشاروا لطرح الحزب سياسات جديدة، وإلى أن قدرته على توصيل هذه السياسات للناس بالاعتماد على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل جديد، لم يستخدم من قبل في النشاط السياسي في إسبانيا.

وقال عبد الرحمن منصور أنه لساعات وأيام كان يحكي لي أحمد جويلي، الشاب المصري النوبي الذي وصل لإسبانيا عام ١٩٩٠ عن ابنته نجوى، الشابة التي ولدت عام ١٩٩١ في مدريد. كان والدها ينقل لي متابعتها باهتمام لما يجري بمصر وثورتها الشابة في ٢٠١١، وكنا على موعد مؤجل للقاء.

كان أحمد يتحدث عن احتجاجات إسبانيا وعن مشاركة ابنته وأصدقاءه فيها وتأثرهم بما جرى في الثورات العربية، وتصورهم عن عالم جديد يحاولون خلقه، صحيح أنه عالم مثالي لكن التجربة سوف تجعله على الأقل أقرب للتحقق.

وأضاف منصور عرفت عن بوديموس من أحمد، وكان يرسل لي باستمرار مقالات وأخبار لمتابعتها عن نشاط الحزب، لاحقا عرفت منه أن ابنته من مؤسسي الحزب وعضو لجنته المركزية وأنها مسئولة عن تواجد الحزب في وسائل التواصل الاجتماعي وهي مسئولة أيضا عن تواصل الحزب مع الإعلام.

وتسعى نجوى، التي درست علم النفس في الجامعة، كل يوم على تطوير تواجد الحزب في وسائل التواصل الاجتماعي، تبسط رسالته السياسية وتجذب أعضاء جدد وترد على الشائعات التي تلاحق الحزب ومؤسسيه. تتواصل الفتاة الإسبانية من أب مصري مع وسائل الإعلام لتوضح مواقف الحزب وترد على الشائعات التي تذكر في مقال أو تقرير.

نجوى تفوز
وقال منصور "في زيارة قصيرة لي لإسبانيا منتصف عام ٢٠١٤، زرت مقر حزب بوديموس في مدريد في حي لابابيس حيث كان مقرهم الأول، قبل الزيارة كنت أتوقع أنني في الطريق إلى مقر ضخم لحزب لديه إنجازاته الآن في البرلمان الأوربي، بعد أن تمشيت لدقائق في شوارع ضيقة، وصلت إلى غرفتين في دور سفلي في مبني سكني، أخبرني أحمد: هذا هو مقر الحزب!"

أما عن وصف المقر فقال "لا يخلو مقر الحزب من الشباب والشابات، اجتماعات متتالية واستقبال أعضاء جدد وتعريف بالحزب وبتصوراته. تعامل عادي، تشعر وكأنك في منزلك تستضيف فيه أصدقاءك الذين يحبون الحديث في السياسة".

في الأيام التالية التي قضيتها في مدريد وبرشلونة سمعت عن آمال كبيرة يحملها المواطنون لشباب الحزب الصاعد. كانت نجوى حينها مع زملائها في الحزب خارج مدريد للمشاركة في أنشطة حزبية، تعذر اللقاء ونقلت سلامي وتمنياتي بالتوفيق لأسرتها الذين كانوا خير من قابلوني في إسبانيا بكرمهم ولطفهم الشديدين، على أمل باللقاء قريبا.

قبل أسبوع تصل رسالة لي من أحمد: نجوي بنتي داخله الانتخابات يوم الأحد القادم، ادعي انها تنجح واللي معرفناش نعمله في مصر ممكن نعمله هنا."

وقال منصور: «بالأمس سألت عن نجوى لأطمئن عليها، يصلني رد أحمد سريعا: نجوى نجحت في الانتخابات، حازت على أعلى الأصوات في إسبانيا كلها، ستكون أيضًا أصغر نائبة في البرلمان الإسباني، أول إسبانية من أصول عربية تصل للبرلمان، كما أنها سترأس أول جلسة للبرلمان الإسباني حسب القانون الداخلي للبرلمان».
الجريدة الرسمية