رئيس التحرير
عصام كامل

مفتي الجمهورية: الإعلام مطالب بمراعاة أمانة الكلمة

فيتو

أكد الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن للإعلام الدورَ الأكبرَ في توجيه السَّواد الأعظم من البشرية، إما إلى الخير وإما إلى ضده.


وأضاف فضيلة المفتي، في كلمته التي ألقاها اليوم الأحد - في مؤتمر "دور الإعلام الديني في تعزيز قيم التسامح والاعتدال" الذي تنظمه دار الفتوى في لبنان - أن الإعلام بوسائله المقروءة والمسموعة والمرئية يؤدي دورًا لا يُستهان به، وهو سلاح فعال يستوجب المسئولية الكبيرة، وعليه لا بد أن يكون له ضامنٌ وضابط، والإسلام خيرُ ضامن وضابط له في هذا السبيل؛ لأن الإسلام يحث على مكارم الأخلاق، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وهذا هو الأساس الذي يجب أن يقوم عليه الإعلام في عالمنا الإسلامي.

وأوضح مفتي الجمهورية، أن الإعلام الديني بوجه خاص يجب أن يقوم على رعاية حقوق الآخرين، والدعوة إلى صراط مستقيم، وعلى الكلمة الطيبة التي تدعو إلى الفضيلة، بل يساهم في نشرها أيضًا، ليحقق بذلك خيرية الأمة الإسلامية التي أقرها الله تعالى في كتابه الكريم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} آل عمران: 110.

وأشار فضيلة المفتي في كلمته، إلى أنه لكي يقوم الإعلام الديني برسالته على الوجه الأكمل، لا بد أن يجعل من هذه الرسائل الثلاثة التي وردت في الآية الكريمة السابقة دستورَ عملٍ له، ومعيارًا لكل مُخرَجٍ من مخرجاته، وهي الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بشروطه وآدابه التي بينها الشرع الشريف، والإيمان بالله تعالى، وهذه القواعد الثلاثة تسهم - مجتمعةً - في نموه واستمرار نجاحه وتطوره.

وشدد مفتي الجمهورية، على أن رسالة الإعلام الديني لا بد أن تتسم بمخاطبة الإنسان في كلّ زمان ومكان، وأن تكون واضحةً سهلةَ المأخذ لا يجد العقلُ صعوبةً في فهمها، وبالتالي تكون ذات بعدين؛ إذ تخاطب الوجدان والعقل معًا، فتحرّك في النفس البشرية نوازع الخير لعبادة الله - عز وجل - وتزكية النفس وعمارة الكون، فهي رسالة رسم معالمها القرآن الكريم بقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، فهذه الآية ترسم معالم المنهج المنشود لرسالة الإعلام الديني.

وأكد فضيلة المفتي، على ضرورة تجديد الرسالة الإعلامية والخطاب الإعلامي ليتماشى مع متطلّبات العصر، ويناهض الفكرَ المتطرف والمتعصب، وينشر تعليمًا وفكرًا معاصرًا مستلهمًا التعاليم الصحيحة من صحيح الدين والسنة النبوية الشريفة، ولنا في خطاب الله تعالى لعباده الأسوة الحسنة في قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ).

وقال فضيلته: "لا بد أن يراعي الإعلام الديني أمانة الكلمة في عرض محتواه، لتصل رسالته إلى الناس وتحقق غايتها، فالكلمة أمانة، فمنها الطيب ومنها الخبيث، فالكلمة الطيبة يكسب بها المسلم أجرًا من الله تعالى إذا كانت صادقة نافعة مفيدة للأمة، وكذا الكلمة الخبيثة التي تدعو إلى الباطل وتؤدي إلى الشر والفساد يعاقب عليها المرء".

وأضاف فضيلة المفتي، أنه على الإعلام أن يتحرى الصدق في القول وفي النقل والتثبت في تلقي الكلام عن الآخرين، فمع انتشار وسائل الإعلام والاتصالات المختلفة، أصبح الإنسان يقف حائرًا أمام هذا السيل الهادر من المعلومات والأقوال والأفعال، وهذا يحتم عليه أن يكون يقظًا في التلقي عن الآخرين.

وأوضح أنه من ضوابط أمانة الكلمة، أن تراعي مصلحة المسلمين ودولتهم، لقوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104]، وألا تؤدي كلماتهم إلى الإضرار بالنفس أو الآخرين، فحرِّيَّة الرأي ليست إثمًا في ذاتها ولا يُدان بها صاحبها، وإنما الإثم حقًّا والإدانة أن يكون هناك إفراط أو تفريط.

كما أكد مفتي الجمهورية، على أنه لا بد للإعلام عامة والإعلام الديني خاصة، من نشر التوعية وتفنيد مزاعم المغرضين بالحجج والبراهين المنطقية والحقائق الواقعية التي تحصِّن الأمة من الوقوع في براثن هؤلاء المرجفين، الذين اتخذوا الدين تَكِئةً لتبرير أفعالهم الإجرامية التي تخالف الإسلام، فيستحلون بها الدماء والأموال والأعراض والأوطان.

وشدد مفتي الجمهورية في ختام كلمته، على أنه لا بد أن يتعامل الإعلام الديني مع الدين على أنه وعاء ومحتوى في آنٍ واحد، فيستخدم خطابًا دينيًّا يُسهم في نشر قيم الدين السمحة التي تحض على التراحم والتعايش واحترام الاختلاف والتنوع، وتفهُّم الخصوصيات والحريات الفردية والعامة وتعلُّم أدب الحوار، وتعزيز القيم والاتجاهات الإيجابية التي تحضّ على العمل والإبداع والتقدم.

وأضاف أن الإعلام الديني يساهم بشكل كبير في تعزيز دور الدول على المستوى العالمي، فأي بلد يتمتع بوجود علماء دين كبار ومثقفين مبدعين بارزين وإعلام حر مهني، سيجد طريقًا ممهدًا للتأثير في محيطيه الإقليمي والدولي.
الجريدة الرسمية