رئيس التحرير
عصام كامل

يا «فرحة الإخوان».. يحدث قبل 25 يناير!


تفككت كتلة 30 يونيو بالكامل تقريبا.. هذه الكتلة التي تشكلت لإسقاط الإخوان من مختلف التيارات والأحزاب السياسية في مصر ببرنامج من نقطة واحدة هي "استعادة مصر"، ثم تطورت إلى برنامج من نقاط أخرى منها بناء دولة المستقبل التي لا ولن تبنى إلا بالقانون، ودولة القانون لا ولن تبنى إلا بالديمقراطية، والأخيرة لن تتم إلا بأحزاب تمتلك القدرة على الحركة وصحافة حرة وقضاء مستقل، إلا أننا فجأة قمنا بالاستغلال الأسوأ لكل شيء.. الكل الآن يهاجم الكل.. لا تعرف من مع من.. ولا من ضد من.. ولا لماذا فلان ضد علان ولا المغنم ولا المكسب ولا الخسائر من كون هذا يهاجم ذاك ولا من وقوف هؤلاء ضد أولئك..


فإبراهيم عيسى مثلا يهاجم الآن من أنصار 30 يونيو، أكثر مما يهاجمه الإخوان، وقبله تعرضت السيدة تهاني الجبالي إلى حملة قاسية، ومعها ضربات تحت الحزام للفريق حسام خير الله، وكما يحدث مع إبراهيم عيسى يحدث مع يوسف الحسيني، بينما يهاجم فريق آخر أحمد موسى حتى بغير أزمة خالد يوسف، وخالد يوسف يهاجمه البعض ويناصرون أحمد موسى، بينما أحمد موسى نفسه ترك خالد يوسف ويهاجم محمد الغيطي، في حين يوجد فريق يصر على أن تكون معركته مع عبد الرحيم علي بشكل رئيسي، في حين اختار آخرون أن يكونوا ضد السلفيين، وهي معركة مضمونها صحيح وتوقيتها خاطئ، بينما يجمع البعض بين دعم مرتضى منصور وسيف اليزل معا، رغم الهجوم القاسي من الأول ضد الثاني، ورغم أن بعضهم هاجم تهاني الجبالي عندما هاجمت سيف اليزل!

أحمد موسى يتحمل مسئولية ضربة البداية في تفكيك كتلة 30 يونيو، وضربها في مقتل مبكرا، باستضافته المتكررة لفريد الديب، وهجومه المتعمد المتكرر على رموز يونيو من التيار الناصري تحديدا مثل عبد الله السناوي وعبد الحليم قنديل، بينما أكثر من هاجم قنديل ومعه خالد يوسف وتهاني الجبالي هم بعض المنتمين للتيار الناصري، والاتهام كان مباشرا وواضحا، وهو دعم هؤلاء الناصريين للسيسي، ولم يكن كمال أبو عيطة ولا حسام عيسى بعيدين عن ذلك رغم علاقاتهما الجيدة بالسيسي ودعمهم له، بل إن عيسى كان نائبا لرئيس الوزراء في الحكومة التي أقرت قانون التظاهر، وهو ما جعله في مرمى نيران خصوم السيسي، لكن لا تعرف لماذا يهاجمه أنصار السيسي في حين نعرف أن قطاعا منهم يهاجمه؛ بسبب هجومه المتواصل ضد مبارك، بينما يتجاهلون مثلا انتقادات مرتضى منصور لعصر مبارك وهكذا!!

وإن كان الموقف من بعض القضايا سببا في الهجوم على فاطمة ناعوت، إلا أن الهجوم وفي المقابل طال أيضا الشيوخ أحمد كريمة وسعد الهلالي ومظهر شاهين!.. وهو لا يتوقف ضد سامح عاشور ولا يحيى قلاش ولا ضياء رشوان ولا خالد صلاح ولا أسامة هيكل ولا عادل حمودة.. إلخ إلخ!

وبالقطع فالاختلاف سنة الحياة والتمايز أمر صحي بل مطلوب؛ لأنه لا يمكن أن يكون الجميع على درجة واحدة وموقف واحد، وإنما كان يمكن أن يوجد الاختلاف بغير خلاف أو يوجد الخلاف بغير عداء أو يوجد عداء بغير فجور في الخصومة، وأن يبقى كل شيء بغير بذاءة وبغير خروج على حدود اللياقة!

الإرهاب كما هو، والمؤامرة على مصر لم تتوقف، والمعارك كثيرة، وفي المعارك الكبرى يتوحد الناس.. إلا أننا خالفنا القاعدة!

المشهد كله مسيء.. ويشوش على أي إنجاز أو تقدم.. وللأسف الخبرات السياسية للكثيرين لا توفر لهم القدرة على ترتيب معاركهم ولا أولوياتهم.. فنجد كثيرين يهاجمون الإخوان ويهاجمون أيضا من يهاجم الإخوان، بل يهاجمون من يهاجمه الإخوان، ويتم ذلك بغير مبرر قوي أو على الأقل بغير مبرر عاجل ومرعب وخطير، فالخلافات الثانوية في كل العالم تؤجل لمصلحة الخلافات الجذرية والكبيرة، بل خلافات الماضي كلها تُطوَى أو تؤجل بالكامل لمصلحة الحاضر والمستقبل، باختصار يا فرحة الإخوان.. لم يبق واحد ممن قادوا أو شاركوا أو أيدوا بقوة 30 يونيو إلا وتم تشويهه، وترى الشماتة - وعندهم حق - تطل من عيون الشامتين.. وما أكثرهم!

ملحوظة مهمة: كثيرون عقب القراءة سيذكرون مساوئ خصومهم، وسيقولون إن فلان يستحق لأنه فعل كذا، وآخرون يقولون إنهم لا يمكن أن ينسوا أن فلانا فعل كذا.. وسيبدأون وكأنهم لا قرأوا شيئا من السطور السابقة، بينما ستجد قراء الإخوان كتلة واحدة موحدة ضد الجميع.. ولن يستطيع هؤلاء وأولئك إحراجي وتكذيبي واتخاذ موقف مخالف وسترون!!
الجريدة الرسمية