رئيس التحرير
عصام كامل

مناهج «الدواعش».. التعليم بــ«الكلاشينكوف».. «داعش» يتبنى سيناريو «الحرب الناعمة» بخطة « تسريب المناهج » خارج حدود المناطق التي يسيطر عليها في سوريا و

فيتو

 حذف أي مثال في مادة الرياضيات يدل على الربا أو الفوائد الربويّة، شطب بنظرية داروين من مادة العلوم، والتنبيه على أن قوانين الفيزياء والكيمياء هي قوانين الله في الخلق.



السياسة الشرعية، والإعداد البدني، والتربية الجهادية.. ليست عناوين لمؤلفات من العصور الوسطى، لكنها عناوين لبعض الكتب الدراسية التي وضعها تنظيم " داعش" الإرهابي للطلاب السوريين والعراقيين في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، وقد حصلت " فيتو" على نسخة من المناهج الدراسية التي يدرسها " داعش" لطلابه في الرقة والموصل. وهذه المناهج وضعت من أجل تربية الأطفال على حمل السلاح والعنف وإراقة دماء المخالفين لأيدولوجية التنظيم.

المناهج الدراسية لطلاب " داعش" تنقسم إلى مناهج علمية وتضم مواد الفيزياء والكيمياء والرياضيات، ومواد شرعية وتضم مواد اللغة والدين والفقه والعقيدة، بالإضافة إلى مواد التربية الجهادية والإعداد البدني للطلاب وهي مواد وضعت خصيصى؛ لتخريج أجيال قادرة على حمل السلاح ومشبعة بفكر الحرب والغزو والانتقام.

تجدر الإشارة هنا إلى أن " داعش" صدر جميع المناهج الدراسية الموجهة للطلاب بمقدمة واحدة، يتضح من خلالها أن يرغب في إيصال رسالة إلى طلابه مفادها أنهم على الطريق الصحيح، فجاء في المقدمة ما نصه:" فإنه بفضل الله تعالى وحسن توفيقه تدخل الدولة الإسلامية عهدًا جديدًا، وذلك من خلال وضعها اللبنة الأولى في صرح التعليم الإسلامي، على منهج الكتاب وهدي النبوة وبفهم السلف الصالح، والرعيل الأول لها، وبرؤية صافية لا شرقية ولا غربية، ولكن قرآنية نبوية بعيدًا عن الهواء والأباطيل، وأضاليل الاشتراكية الشرقية، أو الرأسمالية الغربية، أو سماسرة الأحزاب والمناهج المنحرفة في شتى أصقاع الأرض".

وعلى نفس هذا النهج تسير المقدمة التي كتبت بخط اليد وتم وضعها في بداية كل كتاب دراسي يدرسه الطلاب، يحاول واضعوها التفخيم من شأن التنظيم، ولا يأتي فيها ذكر " داعش" بل ذكرت فيها لفظة الدولة الإسلامية ودولة الخلافة في إشارة إلى أن كل من ينتمي إلى " داعش" ينتمي إلى دولة مترامية الأطراف تؤسس للخلافة الإسلامية بحسب مزاعم التنظيم الإرهابي.

"عقيدة داعش".. الصراع والتوحيد ومراتب الدين
في كتاب العقيدة للصف الأول الشرعي، الفصل الدراسي الثاني، يضم فهرست الموضوعات أسماء الوحدات والمفردات التي يدرسها الطلاب، وتشمل: " تاريخ الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل، مراتب الدين، الإسلام، ركن الإسلام الأول، التوحيد وأقسامه، توحيد الألوهية، فضل التوحيد، التوحيد أعظم مصلحة والشرك أعظم مفسدة، شروط لا إله إلا الله، رءوس الطواغيت، الديمقراطية، البعثية، القومية والوطنية، صفة الكفر بالطاغوت، الولاء والبراء، التشبه بالكفار".

ويوجه الكتاب المعلمين الذين توكل إليهم مهمة تدريس مادة العقيدة إلى مجموعة من الأهداف التي يسعى التنظيم إلى تحقيقها، ومنها أن يتسلح الطالب بآية قرآنية أو حديث يحفظهما عن ظهر قلب يؤيد ما يعتقده، وأن تترسخ هذه العقيدة في نفس الطالب، وأن يعتز الطلاب بهذه العقيدة، ويدافعوا عنها، ويدعوا إليها متحملين مشاق الدعوة، وأن يحفظ الطلبة المتن مع الأدلة الموجودة بالدروس.

في الحديث عن تاريخ الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل، يشير الكتاب إلى قصة غواية إبليس لـ" آدم عليه السلام" ويذكر الآيات القرآنية الواردة في هذا الشأن، وجاء في الكتاب ما نصه:" كان هذا العناد والاستكبار منه – في إشارة إلى رفض إبليس السجود لآدم- الشرارة لانقسام الخليقة جمعاء إلى فريقين أو حزبين، فريق المؤمنين يتقدمهم أبونا " آدم" وفريق الكافرين يتقدمهم إبليس لعنه الله".

ويستمر الكتاب في ذكر أمثلة مجتزأة من التاريخ حتى يصل إلى أن نبي الإسلام محمد – صلى الله عليه وسلم- جاء لهداية الناس كافة، وسار على دربه الخلفاء الراشدون، ويستمر الكتاب حتى يذكر في صفحتي 9 و10: " ثم مرت السنون فتجرأ عباد الصليب وأهل الكفر على ديار الإسلام، وأعادوا الجاهلية وطمسوا معالم الحق، فانبرى لقتالهم خيار الأمة وأذاقوهم المر والعلقم"، وذلك في إشارة إلى ما يفعله " داعش" خلال هذه الأيام.
وفي صفحة 35 من الكتاب ذاته، يصف الكتاب الشيعة بأنهم رافضة، وينعتهم هم والصوفية بأنهم من الطواغيت الذين يعبدون ما دون الله وهم راضون، وفقًا لتعبير الكتاب.
الكتاب ذاته يحكم بـ"كفر" أعضاء المجالس النيابية، ومن يحكمون بالقوانين الوضعية، وأعضاء المجالس التشريعية، والقضاة في المحاكم الوضعية.

أصول الفقه.. لا مكان للعلماء فيه
أما كتاب أصول الفقه المقرر تدريسه على طلاب نفس الصف، فيضم تمهيدًا لأصول الفقه، والسنة والإجماع، وشروط القياس، وشروط العمل بالاستصحاب، وشرع من قبلنا، والمصالح المرسلة، وسد الذرائع.
ويكفر الكتاب من حكم بغير ما أنزل الله، كما يؤكد على وجوب الجهاد على المسلم، ووجوب ستر وجه المرأة، ويدلل على كل فرضية يسوقها بآية من القرآن الكريم دون أن يذكر آراء الفقهاء وعلماء الدين في القضية، ودون أن يذكر أدلة أخرى من القرآن والسنة ربما تفند ما يقول.

الجغرافيا.. ظواهر طبيعية وتضاريس
بينما جاء الكتاب الدراسي الأول في الجغرافيا المقرر على طلاب الصف الأول الشرعي والعلمي في 4 وحدات، الوحدة الأولى تحدثت عن دراسة الظواهر الطبيعية على سطح الأرض، والوحدة الثانية، تناولت التضاريس وتبنت تفسيرًا موجزًا لنشوئها، والوحدة الثالثة تناولت موضوع الطقس والمناخ، والوحدة الرابعة فتناولت العمليات الجيومورفولوجية على سطح الأرض.

الإعداد البدني.. الرياضة بــ"الكلاشينكوف"
أما كتاب الإعداد البدني والمقرر تدريسه على طلاب المرحلتين المتوسطة والإعدادية، فهو كتاب موضوع لتربية النشء على العنف وحمل السلاح، ويعتبر الكتاب في مقدمته التي تلي المقدمة العامة أن الجهاد نعمة أنعم الله بها على المسلمين بعد نعمة الإسلام.
وتقول لجنة تأليف الكتاب: " في هذا الكتاب نقدم برنامجًا خاصًا للياقة البدنية بأشكال متنوعة لتحقيق لياقة عالية والدخول ضمن قوله عليه السلام: " المؤمن القوى خير من المؤمن الضعيف، وفي كل خير".. وتحتوي المادة على تمارين الإحماء وبعض التمارين السويدية، وتمارين الإطالة لزيادة اللياقة البدنية؛ وليكونوا مؤهلين لدخول دورة لياقة بدنية مكثفة وعالية، وتم إضافة معلومات عسكرية عن البندقية الخفيفة " AK47 أو الكلاشينكوف".

المثير في الأمر أن الأسابيع الماضية شهدت ما يمكن وصفه بـ" تسريب مناهج داعش" خارج حدود المناطق التي يسيطر عليها في سوريا والعراق عن طريق أسطوانات مدمجة كنوع من حروب القوى الناعمة لغزو العقول، وتوسيع دائرة التساؤلات حول التنظيم الأعنف في العالم، وكيف يفكر ؟ وكيف يتعلم أبناؤه؟ وماذا يدرسون؟ من أجل توسيع دائرة مريدي التنظيم في المنطقة، ومن أجل كسب أعوان جدد في المستقبل أو حتى لإلقاء مزيد من الخوف في قلوب أعداء التنظيم.

وقد فطنت الدولة المصرية مؤخرًا للخطر الذي تمثله مناهج " داعش"، والدليل على ذلك التقرير الذي أصدره مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء حول المناهج الدراسية للتنظيم الإرهابي، وما يسعى إليه الداعشيون من خلال تلك المناهج والأفكار المسمومة التي يرغبون في بثها في عقول الأجيال القادمة للسيطرة عليهم وتحويلهم إلى جنود في جيش التنظيم الإرهابي.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية