«مصر وتركيا وقطر» في تحالف واحد.. كيف ذلك ؟!
فجأة يتم الإعلان في مساء الاثنين المتأخر عما سمي «التحالف الإسلامي الدولي لمحاربة الإرهاب»، والذي قيل إنه يضم أربعة وثلاثين دولة تم الإعلان عن أسمائهما فعلا من بينهم «مصر وتركيا وقطر» !
تسربت الأنباء تباعًا وقيل إن التحالف تمت مشاوراته وتشكيلته في ثلاثة أيام فقط وأنه يتم وفقًا لميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي !
البيان.. والتحالف.. وتشكيلته تفتح الباب واسعًا لعشرات التساؤلات.. وبعيدًا عن كون رابطة "المؤتمر الإسلامي" تجمع بعضويتها وأهدافها النظرية المثالية بين مصر وتركيا وقطر.. لكن تبقى التساؤلات قائمة يتصدرها:
هل تتفق رؤية كل من الدول الأعضاء مع بعضها ؟ هل رؤية مصر مما يجرى في ليبيا تتطابق أو حتى تتفق مع رؤية قطر وتركيا لها ؟ بل هل حتى تتقارب مع رؤية السعودية نفسها منسقة التحالف وصاحبة الدعوة له ؟ وكيف لتحالف يحارب الإرهاب في العراق وسوريا ويتم تجاهل دعوة العراق وسوريا إليه ؟ ولماذا لم تدع إيران إن كان التحالف قائمًا على ميثاق المؤتمر الإسلامي فعلا ؟ وكيف يتم تجاهل الجزائر التي عانت من الإرهاب طويلا ولم تزل ؟ وكيف يتم الإعلان أن قيادة التحالف في الرياض بقاعدة عسكرية؟ إذ أين هو الجيش الذي ستديره القاعدة العسكرية؟ وما السر في استعجال تشكيل التحالف في اثنين وسبعين ساعة فقط ؟ ولماذا لم تنتظر السعودية حتى مجيء الأمير محمد بن سلمان اليوم إلى مصر ؟ وما مصير من تعتبرهم مصر إرهابيين ويقيمون في تركيا وقطر أعضاء التحالف ؟ وإن كانت السعودية مهتمة بالتنسيق إلى هذا الحد فلماذا أجهضت فكرة الجيش العربي ؟ وهل انتهت السعودية أصلا من حربها في اليمن لتدشن تحالفًا جديدًا بأهداف جديدة ؟!
الإجابات تحتمل أوجه عديدة.. فربما يريد البعض -عن فرض أقصى درجات حسن النية- تحسين صورة الإسلام والدول الإسلامية بعد هجمة السيناتور "ترامب" وغيره؛ ولأن حسن النية لا يتوفر في السياسة فعلينا أن نبحث عن فرضية أخرى هي إرسال رسائل الاستغناء عن الدور الروسي في سوريا.. لكن هذا الأخير تحدده الحكومة السورية وحدها وليس غيرها.. لكن يلفت النظر تسمية التحالف "الإسلامي الدولي" وكان يكفي تسميته "التحالف الإسلامي" لنفهم أنه يضم الدول الإسلامية فقط فهل إضافة "الدولي" يشي بأنه سيفتح لغير الدول الإسلامية ؟
البيان التأسيسي الصادر يدفع بأي دولة إلى قبول الانضمام إليه.. لكن السياسة والمصالح لا تحكمها أبدًا الأهداف المعلنة والمنصوص عليها بل تحكمها الكواليس واتفاقياتها.. تحكمها قواعد أخرى تختلف تمامًا عن كل ما هو معلن، لكن ما يعنينا الآن هو الموقف المصري الذي لا نعرف كيف قدر رد الفعل الروسي على التحالف رغم يقيننا أن مصر ستكون خارج التحالف في أسرع وقت ممكن أو تكون به شكلا وخارجه فعليًا كتجربة الوجود في التحالف باليمن.. مصالح مصر لا ولن تتفق أبدًا مع تركيا وقطر ولن تكون مع من يدعم الإرهاب ويحميه.. بل يأويه ويفتح له قنواته ومخازن أسلحته.. وكما قلنا عند الدعوة للجيش العربي المشترك بأنه علينا أولا قبل تشكيل أي جيش أن نحدد العدو المشترك.. والآن نقول: اليوم تتكرر التجربة وستتكرر النتيجة !