رئيس التحرير
عصام كامل

اضرب يا شكري!


موقف سامح شكري من ميكروفون قناة الجزيرة ليس استنكارا منه واعتراضا فحسب على سياسات قناة الجزيرة.. إنما عندما يحدث هذا التصرف من رئيس الدبلوماسية المصرية وممثل سياستها الخارجية، فإنه يعني أيضا إعلانا بإدراكه لدور الجزيرة وأصحابها وعملاء أصحابها وخداميهم في المؤامرة على مصر.. وكاتب هذه السطور هو من انتقد موقف السيد سامح شكري، من مسالك تركية ضد بلادنا، وقلنا في مقال طويل عريض "ردك ناعم يا شكري"، وهو ما يثبت هدوء الرجل والتزامه الدبلوماسي إلى كل الحدود الممكنة، ولذلك لا نتصور أن ما فعله مع ميكروفون الجزيرة انفعال لحظي، بقدر ما هو موقف من القناة المذكورة الملعونة وأصحابها وعملائهم وخداميهم!


تصرف شكري يأتي بعد أيام من إعلان "الديلي ميل" أن زعيم عصابة داعش موجود في ليبيا، بعد علاجه في تركيا!.. وبغض النظر عن صحة المعلومة، إلا أنه أصبح القاصي والداني يعرف أن تركيا التي تجمع مع قادة داعش قادة الإخوان أيضا، أصبحت وكرا لتجميع إرهابيي العالم ومجرميه وكل المتآمرين على بلادنا.. وعلى المكشوف تبدو الأوامر للجان الإخوان الإلكترونية ولكل متواجد منهم على شبكات التواصل، هي دعم أردوغان بكل الطرق الممكنة، ولذلك يصابون بهستيريا وجنون - حتى في تعليقاتهم على هذا المقال - إن اقترب أحد من "المعلم" الكبير وولي نعمتهم، ولذلك كان منطقيا وهم عملاء لكل ولي نعمة، أن يضرب عقولهم ويذهب بوعيهم تصرف سامح شكري.. ولذلك وهم أصحاب وكسة النقل على الهواء الشهيرة، وكان أبطالها مرسي وجماعته، وكان ينبغي أن يخرسوا تماما من الحديث أصلا عن سد النهضة وما يتصل به، إلا أن أكاذيبهم لا تتوقف عن كون مصر وقعت اتفاق مبادئ أقر بحق إثيوبيا "المطلق" في بناء السد وأنه أول إقرار بحق "الدول في بناء السدود"!

هذا الكلام الأهبل يجد من ينشره ويصدقه!.. وهناك من تتلخص مهمته في نشر كلام المعاتيه والترويج له، وهنا نقول للمصريين الشرفاء القلقين على مستقبل بلدهم نقول لهم الحقائق التالية:-

إعلان المبادئ بين مصر وإثيوبيا والسودان ينص حرفيا في مادته الأولى على: "التعاون على أساس التفاهم المشترك، المنفعة المشتركة، حسن النوايا، المكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولي، التعاون في تفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها"، والمادة تثبت أن الأمر ليس متروكا لإثيوبيا هكذا، بل عليها أن تلتزم بالقانون الدولي وأن تراعي مصالح دول الممر والمصب!

ويقول اتفاق المبادئ في مادته الثالثة: "سوف تتخذ الدول الثلاثة كل الإجراءات المناسبة لتجنب التسبب في ضرر ذي شأن خلال استخدامها للنيل الأزرق / النهر الرئيسي، على الرغم من ذلك ففي حالة حدوث ضرر ذي شأن لإحدى الدول فإن الدولة المتسببة في إحداث هذا الضرر عليها في غياب اتفاق حول هذا الفعل، اتخاذ كل الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الدولة المتضررة؛ لتخفيف أو منع هذا الضرر ومناقشة مسألة التعويض كلما كان ذلك مناسبًا"، وتتحدث المادة صراحة عن وقف الضرر قبل التعويض الذي هو هنا اختياري، إنما وقف الضرر أولا!

ومعنى ذلك أن استمرار الضرر يمنح الدولة المتضررة اعتبار الدولة الأخرى مخالفة للاتفاق!.. وفي الاتفاق نصوص أخرى مهمة وواضحة وصريحة، ولا يوجد نص واحد يمنح إثيوبيا منفردة التصرف كما تشاء!

ما لم يقله الإخوان في "كتاباتهم"، إن كان عندهم كتاب أصلا، هو عدم التزام السودان بضرورة التنسيق مع مصر طبقا للاتفاقيات الموقعة، ويلزم السودان بذلك.. وليس من قبيل الالتزام "الأخوي" من السودان تجاهنا!!.. لماذا ذلك؟.. لأن السودان يستغل الأمر للضغط على موضوع حلايب!.. حلايب التي أوشكوا على التخلي عنها!.. لهم اليوم أعين بجحة لا تعرف الخجل ويتحدثون في الموضوع!.. ولن يقول لنا كتبة الإخوان طبعا سر المشاكل المفاجئة للأشقاء السودانيين في مصر!.. ولماذا الآن تحديدا!.. ولا من دبرها!.. ولن يقولوا لنا لماذا إصرارهم على دفع مصر - من خلال إعلامهم ولجانهم الإلكترونية - عملاءهم المتخفين في ثوب قوى مدنية، لأي مشاكل خارجية بحجة الدفاع عن مصالح وكرامة مصر.. مرة بالتحريض للحرب شرقا، ومرة غربا، وثالثة جنوبا!.. ولكن.. ليكن لذلك حديث منفصل!!
الجريدة الرسمية