رئيس التحرير
عصام كامل

حل أزمة السياحة.. خارج الوزارة


السياحة تعيش أزمة مروعة.. والمستثمرون في القطاع أوشكوا على الإفلاس، والعاملون مهددون بالتشرد.. معلومة قديمة.. أصغر تلميذ يعرف هذه المعلومة.


الحكومة أيضا تعرفها.. لكن الأزمة مستمرة، رغم محاولات الحل، بل تستفحل يوما بعد يوم.. لماذا؟!.. لأن الحكومة تبحث عن الحل داخل مقر وزارة السياحة الكائن بميدان العباسية بالقاهرة.. فقط!!

الحل في كلمات بسيطة، مجلس مصغر.. لا يشارك فيه الوزراء الحاليون.. بل ممثلون للوزارات المعنية.. ممكن مسئولون سابقون.. وحبذا لو استعنا بالشباب، ومن يفكرون خارج الصندوق.. وممثلون للمرشدين، وأصحاب الاستثمارات، صغيرها وكبيرها.. شركات "فئة أ"، وأصحاب فنادق.. وأيضا أصحاب بازارات.. أكاديميون.. ضباط سياحة.. خبراء آثار.. علماء دين.. خبراء اقتصاد.

هذا المجلس يعتبر نفسه في حالة انعقاد مستمر، إلى يوم تقوم الساعة.. لا ينفض ولا تنتهي جلساته.. في البداية تعقد جلسات وورش عمل لمدة أسبوع.. تسفر عن توصيات.. ترفع إلى رئاسة الجمهورية مباشرة عن طريق ممثل للرئاسة من المجلس الاستشاري الرئاسي.. يلتقي الرئيس بالتوصيات.. تصدر بها قرارات جمهورية.. تنفذ فورا.

في مقدمة النقاط التي سيبحثها هذا المجلس الوليد، سلوكيات المصريين التي "تطفش" السائحين، وتسيء لصورة مصر وسمعتها.. مثل التسول، والتحرش، والبيع بالعافية.. و"السيلفي" بـ "تلقيح الجتت".. إلخ.

أيضا، يجب أن نتعلم الشفافية وسرعة الكشف عن ملابسات أي حادث، والاعتراف بالخطأ في حالة وقوعه.. مثال: مأساة الطائرة الروسية الأخيرة.. حادث مقتل السائحين في الواحات.. إلخ.

ولماذا لا ندرس اقتراح تكليف شركة أجنبية بإصلاح نظم الأمن، والإشراف على تدريب موظفي المطارات، ولو بشكل مؤقت؟!

إبراهيم عيسى وصف السياحة الدينية - وعنده كل الحق - بأنها كنز غير مستغل، وقال إن وزير السياحة هشام زعزوع، بدأ بعض الإجراءات التمهيدية لتنظيم وتعزيز السياحة الدينية، وتحديدا من خلال تنظيم جولات لمسار رحلة العائلة المقدسة في مصر، التي ما زال العائد منها حتى الآن محدودا.

وأشار عيسى، إلى ما تحتويه مصر من أضرحة آل البيت والصحابة، مستنكرا المنطق الأمني وراء رفض السياحة الإيرانية إلى مصر، والمخاوف غير الواقعية من انتشار التشيع في البلاد.. واستشهد بتدفق السائحين الإيرانيين إلى تركيا، قائلا: إن هناك ما يقرب من 2 مليون سائح يزورون تركيا سنويا، متسائلا: "تركيا دولة سنية مثلنا، لماذا لم يخافوا من تأثير الشيعة؟".. إن مصر أضاعت على نفسها فرصة استغلال السياحة الإيرانية؛ خوفا من نشر التشيع.
 
وأضاف عيسى: "11% من السعوديين يعتنقون المذهب الشيعي، فلماذا لم يتمكن هؤلاء من دفع بقية السكان للتشيع؟" (وقد يصل المعدل إلى 15%).

وثمة ضربة جديدة (وكأن هذا ما ينقصنا)، فاليونان تتطلع لجذب السياحة الروسية المتحولة بعيدا عن مصر.. بعد أن دفعت العقوبات الروسية على تركيا، وحادث سقوط الطائرة الروسية "متروجيت"، السياح الروس للبحث عن وجهات بديلة.. وتصدرت مصر وتركيا وجهات العطلات للسياح الروس في عام 2014، ليجذبا ما مجموعه 7 ملايين سائح.. أما الآن فإن اليونان تتطلع لجذب ما يصل إلى 2 مليون سائح إضافي في عام 2016، كانت وجهتهم المعتادة مصر أو تركيا؛ إذ تصل تكلفة الليلة الواحدة في الرحلة الشاملة لليونان إلى ثلاثة أضعاف التكلفة في مصر أو تركيا.

هذا بعض من كل هموم ومشكلات السياحة.. المهم سرعة الحركة.. وليس التسابق في الطبل والزمر، و"الهيصة" في شرم الشيخ.. عندنا مناطق صالحة لجذب السائحين في أماكن أخرى غير مستغلة، ومهملة تماما.. فمطلوب إعادة رسم الخريطة السياحية من جديد.
الجريدة الرسمية