رئيس التحرير
عصام كامل

ائتلاف دعم الدولة أم عودة الاتحاد الاشتراكي ؟!


ساعات، يمضي الإنسان في حياته، هادئا، مطمئنا، وفجأة يتخذ قرارا، بعد أن طقَّت في دماغه فكرة، فينقلب حاله من تحت لفوق ومن فوق لتحت، فيمشي في الناس كالممسوس، المتخبط! يتحسر عليه الناس ممن يعرفونه، أو يتحسر على نفسه، في لحظة مراجعة قاسية، ويصرخ، وهو يشق هدومه: ليه عملت كده؟ ما احنا كنا كويسين!


هذا يحدث، على المستوى الشخصي، وهي مراجعة تتيح تدارك الأخطاء، وسد الذرائع، لكن في حال الدولة، والسياسة فإن الخطأ الفادح الواحد هو سكة مرسي!

أقول هذا وأنا أتمزق عجبا، وأكاد أهتف وأصرخ أمام سامح سيف اليزل، ليه ما انتو كنتو كويسين!

يزعج المصريين جدا أن يأخذ "سامح" والوفد ومستقبل وطن وحماة الوطن، أصواتهم كمستقلين وقوائم، ثم يحولوها إلى حزب وطني جديد، أو إلى نظام أهلي وعشيرتي!

أتفهَّم بالقطع وبالطبع النوايا الحسنة وراء بناء تكتل برلماني يضم ثلثي النواب من المذكورين أعلاه، عدا المصريين الأحرار، وهم يستهدفون دعم الدولة المصرية. هذه فكرة طيبة، ومطلوبة، لكنها، في الممارسة، ومع مضغ الشعار، ستجعل هذه الكتلة استنساخا للحزب الوطني، وللحرية والعدالة، وسوف تسقط عليهم كراهية الناس، وتشق الصف الوطني، ومن أكبر وأخطر عواقبها أن كل تداعيات السخط الشعبي عليها، سوف تتدحرج، وتنزلق في عب وحجر السيد الرئيس!

لن يفهم الناس لافتة "دعم الدولة" لعدة أسباب، أولها أن مفهوم الدولة مختلط مع مفهوم الحكومة، وبالتالي فلن يفهم الناس كيف قرر برلمان بأغلبيته، نواب يفوق عددهم الـ٤٥٠ نائبا، كيف قرر سلفا أن يدعم الحكومة ويناصرها، وهو معمول أصلا لكي يراقبها، وينقدها ويحاسبها ويعدلها، بل ويمكنه أن يطيح بها، بل وأن يطيح برئيس الجمهورية.

من الحب ما قتل!

حبكم سيراه الناس نفاقا، وسوف يقتل هذا الحب شعبية الرئيس. أحيانا يكون الخصم العاقل أفضل من العاشق المندفع، الذي وضع عقله تحت الوسادة!

ثم إن التناقضات مريرة وصارخة داخل الجنين قيد الاستنبات!!

ولا يزال المصريون يذكرون لمحمد مرسي كلماته التي خاطب بها أهله وعشيرته، أنتم اليوم بهذا التكتل أو التحالف أو الائتلاف، أيا ما كان الاسم، تستعيدون الصورة الكريهة والكلمات المقيتة لمرسي وعصابته. أنتم نواب الشعب اختاركم بصفتكم المستقلة، والحزبية، ويحظر الدستور تغيير الصفة بعد الفوز، لأنها بمثابة فك للعقد المبرم بين الناخب والمرشح، من جانب واحد، ويعني في حقيقة الأمر أن الناخب خدع من منحوه أصواتهم على صفة أحبوها فيه وأرادوها فيه.

تزوير الصفة يمهد لفقد الثقة في البرلمان ويجعله نسخة أخرى من صورة تحالف قوى الشعب العاملة تحت لافتة المرحوم الاتحاد الاشتراكي، أيام ناصر وبدايات حكم السادات!

لا يحتاج الرئيس إلى داعمين، بل يحتاج إلى من يوجه ويصحح ويُقوِّم وينتقد، في إطار الشرعية والدستور. لا تقتلوا برلمان يونيو بنوايا حسنة، مع التحفظ على نيتي في استخدام هذه التعبير!!

الجريدة الرسمية