بالفيديو.. قصة "داعش" من الألف إلى التدخل الروسي.. معتقل "بوكا" الأمريكي ببغداد أنتج إرهابيين على رأسهم "البغدادي".. "أبو بكر" تولى دولة العراق الإسلامية 2010.. و2014 أعلن الخلافة قبل أن تنهيها روسيا
شعر تنظيم "داعش" الإرهابي ببداية نهايته منذ بدء روسيا حملتها العسكرية ضده في سوريا، 30 سبتمبر الماضي، فأخذ يثبت للعالم أنه ما زال قويًا بتنفيذ هجمات وحشية منسقة تستهدف أكبر عدد ممكن من المدنيين في فرنسا، ولبنان والعراق؛ لهذا ترصد "فيتو" في السطور التالية قصة التنظيم من الألف إلى تدخل الدب الروسي.
الغزو الأمريكي
بعد الإطاحة الرئيس العراقي "صدام حسين"، أخذ الجيش الأمريكي مدعوما بمرتزقة بلاك ووتر يقتل المدنيّين ويسجنهم في معتقلات أُعدّت خصّيصا لانتهاك حقوق الإنسان وكل ما يتعلّق بالكرامة الإنسانيّة، عام 2003.
وفي عام 2004 هزّت الصور المسربة لتعذيب السجناء في سجن أبو غريب العالم وفضحت الحكومة الأمريكية، لهذا قرّرت القيادة نقل السجناء إلى معتقل أفضل حال من سابقه أُطلق عليه اسم "معسكر بوكا" تخليدا لذكرى رونالد بوكا الجندي في اللواء 800 للشرطة العسكرية الذي لقي حتفه في هجمات 11سبتمبر 2001.
معتقل بوكا
قال المعتقل في معتقل بوكا "ياسر عبد الله": "ليته لم يُغلق حتى الآن، إنه مدرسة، بل جامعة، توصلك إلى الحقيقة المجردة واكتشاف نفاق العالم الغربي، لقد قضينا فيها أجمل أيام حياتنا رغم بؤسها، كانا عامين مكناني من اكتشاف نفسي، وخرجت وأنا أحفظ ثلث القرآن الكريم والعشرات من الأحاديث النبوية والمسائل الشرعية على يد شيوخ الجهاد الكبار هناك، كما أني اعتدت في هذا السجن على التعذيب الجسدي حتى أصبحت رجلا لا تنزل له دمعة".
ولم يكن معتقل بوكا الّذي يعتبر أحد أسوأ وأبشع 3 سجون أمريكية في العالم سجنا عاديّا بل كان مدرسة ضمت تشكيلة متنوّعة من الأفكار والمواهب والطّاقات العراقية، إذ كان نزلاء المعتقل ضبّاطا في الجيش والمخابرات وجهاز الأمن الوطني وعناصر وموظفي منظومة التصنيع العسكري العراقي وموظفي منشأة تموز النووية وعلماء وخبراء عراقيين بارزين، ثم انضم إليهم عشرات الجهاديين من القاعدة.
وتمكن الإرهابي إبراهيم بن عواد بن إبراهيم بن على بن محمد البدري معروف بـ "أبو بكر البغدادي" من تأسيس جماعة إرهابية جديدة في هذا المعتقل، ظل فيه 10 أشهر، أطلق عليها اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام.
وكان البغدادي بعد هزيمة الأمريكيون جيش صدام ثم حلوه، عام 2003، ساهم البغدادي في تأسيس جيش أهل السُنة والجماعة الّذي قاتل القوات الأمريكية وحلفاءها المحليين في شمال ووسط العراق.
وذكر سجين بالمعتقل، أجرى مراسل موقع "المونيتر" الإخباري مقابلة معه: "مجندون جدد كان يتم إعدادهم في المعسكر، وما أن يُطلق سراحهم حتى يصبحوا قنابل زمنية موقوتة، وكلما حضر سجين جديد كان زملاؤه يعلمونه، ويلقنونه، ويعطونه توجيهاتٍ، فيغادر المعسكر كأنه لهبٌ مشتعل".
وكان أبو بكر البغدادي الأخطر من بين تلك اللهب، فهو الرجل المسئول عن معظم ألسنة النار التي التهمت المنطقة بعد أقل من عقدٍ من الزمان وهو أول من أعلن نفسه خليفة للمسلمين متمرّدا بذلك على تنظيم القاعدة وساحبا المشعل منها كما أنّه أوّل زعيم جماعة جهاديّة تقاتلها أكثر من 60 دولة.
البغدادي والإخوان
لقد كان أبو بكر البغدادي إخوانيّا قبل أن يصبح سلفيّا جهاديّا حسب ما ذكر الباحث الأمريكي المتخصّص بالشرق الأوسط "ويليام ماكانتس" في تحقيق له حول سيرة البغدادي.
ووفقا لماكانتس فإن أبا بكر البغدادي كان متأثّرا بحركة الإخوان المسلمين في بداياته رغم عقيدته السلفية وهو ما جاء مطابقا لما ذكره الصّحفي الفلسطيني وائل عصام في تحقيق له عن زعيم تنظيم الدّولة في صحيفة القدس العربي في شهر أكتوبر 2014.
ونقل الصّحفي الفلسطيني عن بعض المصادر العراقيّة أنّه وفي سنة 2000 جلس البغدادي مع أحد قادة العرب السنة البارزين وبدا غاضبا يشتكي من قيادته في الإخوان المسلمين قائلا«جماعتنا مو حيل محتضنينا»، وقد كان البغدادي حينها طالب دكتوراة في جامعة صدام للعلوم الإسلامية.
الخروج من المعتقل
بعد خروجه من سجن بوكا بدا البغدادي أكثر تشدّدا والتحق بالفرع العراقي لتنظيم القاعدة تحت أمرة الأردني أبو مصعب الزرقاوي وقد كانت مهمّته آنذاك الأمرة على بعض المجموعات التّابعة للقاعدة في بلاد الرّافدين ثمّ سرعان ما تدرّج في المناصب، فتولى منصب المسئول الشرعي لتنظيم «القاعدة»في قضاء الكرمة شرق الفلوجة، ثم المسئول الشرعي لمحافظة صلاح الدين،ثم الشرعي العام لدولة العراق الإسلاميّة..
وفي تلك الفترة اعتمد عليه أمير الدّولة السّابق أبو عمر البغدادي ووزيره أبو حمزة المهاجر المصري بسبب عدم معرفة شخصيته للأجهزة الأمنية والقوات الأمريكية ثمّ سرعان ما تولى قيادة دولة العراق الإسلاميّة سنة 2010 بعد مقتلهما.
بداية التنظيم
في عام 2010 تولى أبو بكر البغدادي قيادة دولة العراق الإسلاميّة في أعقاب مقتل أميرها أبو عمر البغدادي ووزير حربه أبو حمزة المهاجرخلال تنفيذ عملية أمريكية – عراقية مشتركة بالقرب من مدينة تكريت في شهر أبريل من نفس العام وأعلن بعدها نائب الرئيس الأمريكي"جو بايدن" أّنّهم وجهوا "ضربة مدمرة" لتنظيم القاعدة في العراق.
وفي يونيو 2014، أعلن "داعش" الخلافة ومبايعته لأبو بكر البغدادي زعيمًا له، وأخذا التنظيم الإرهابي يفرض تعاليمه المتشددة على أهل العراق وسوريا بسبب عدم استقرار الحياة السياسية.
ووضع التنظيم لنفسه وثيقة مبادئ تأسيس دولته بدءًا من الصحة، والتعليم، ومعسكرات التدريب إلى التجارة بالنفط والعبيد، فضلا ارتكاب أعمال العنف.
التدخل الروسي
ومنذ أوخر سبتمبر الماضي، بدأ داعش يشعر بالخوف من ضربات روسيا الجوية المتتالية عليه وعلى حقول نفطه التي يعتبرها مصدر مالي رئيسي، وأخذ ينتقم منها بإسقاط طائرة "إيرباص 321" التي أسفرت عن مقتل 224 راكبًا، أكتوبر الماضي.
كما أثبت للعالم أن ضربات روسيا لم تؤثر عليه بل تزيده قوة، من خلال هجمات على لبنان، والعراق، وباريس التي راح ضحيتها 130 شخصًا، 13 نوفمبر الماضي.