لبنان بين الحل و«تلغيم» التحالفات السياسية
بعد مرور أكثر من عام ونصف العام على شغور منصب الرئيس في لبنان، قد تشهد لبنان صعود رئيس إلى كرسي الرئاسة في جلسة مجلس النواب الأسبوع المقبل، وجود الرئيس مرهون بكثير من الأوضاع الداخلية والإقليمية.. فمنذ أقل من أسبوعين ترددت شائعات عن تسمية سليمان فرنجية رئيس "تيار المردة" وعضو فريق 8 آذار رئيسًا للجمهورية.. فرص الاتفاق على تسمية "سليمان فرنجية" – بالنسبة لي – أقرب إلى الواقع التخيّلي الذي يمكن أن تراه عبر نظارة ثلاثية الأبعاد منه إلى الحل، لكنه يظل واقعًا معروضًا أمام أعين اللبنانيين يتخيلوه.. وربما ينتهي العرض السينمائي ويفيق اللبنانيون على "سليمان فرنجية رئيسا".
فاختيار الرئيس في لبنان لعبة ديمقراطية –بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني– تتفق الأطراف السياسية على اختيار الرئيس مسبقًا، ثم يجتمع مجلس النواب للتصويت على من تم الأتفاق عليه؛ ولأن اللبنانيين "تجار شطار" فقد تم الاتفاق منذ زمن على هذه اللعبة الديمقراطية، تحت اسم "التسمية"، فبدون الاتفاق المسبق على "التسمية"، لا يمكن لمرشح لرئاسة الحكومة أو لرئاسة الجمهورية أن ينجح أثناء عملية التصويت في البرلمان، ورغم أن التقارير تقول إن علمية التسوية والاتفاق على رئيس "بدها نتفة" علشان تكمل، يبدو طرح اسم سليمان فرنجية وكأنه يهدف إلى "تلغيم" العلاقة بين الحلفاء في لبنان.
فلبنان ذو النظام البرلماني، لديه حكومة تنتمي أغلبيتها إلى كتلة ما يسمى 14 آذار والتي تضم تيارات سياسية من بينها "تيار المستقبل" لسعد الحريري، و"حزب القوات اللبنانية" لسمير جعجع، و"وحزب الكتائب" للرئيس اللبناني السابق أمين الجميل، وحاليا "الحزب الاشتراكي" لوليد جنبلاط والمعروف بتغيير موقفه فهو الحين والآخر، فهو الذي انتقد بشار الأسد وطالب بالإطاحة به، ثم ذهب لسوريا للقائه، ثم عاد وغير رأيه بعد تدخل حزب الله في الصراع في سوريا، لدى كتلة 14 آذار أغلبية نيابية طفيفة، ولكنها لم تستطع أن تضع مرشحها، سمير جعجع على كرسي الرئاسة؛ لأن انتخاب الرئيس يجب أن يتم بموافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب.
الفترة الماضية شهدت صراعًا بين زعيمين "مشتاقين" لرئاسة لبنان، الذي يجب لرئيسه أن يكون مسيحيا مارونيا وفقًا لاتفاق الطائف: الدكتور سمير جعجع رئيس "حزب القوات اللبنانية"، والجنرال ميشيل عون الزعيم الروحي "للتيار الوطنى الحر" والذي كان رئيس "للتيار الوطني الحر" لفترة قبل دفعه لصهره جبران باسيل وزير الخارجية ليتم انتخابه رئيسًا للتيار.
ويبدو السؤال هنا، ما الذي تغير بعد 18 شهرا من الفراغ الرئاسي؟ الذي تغير أن دلائل الصراع في سوريا تقود إلى بقاء بشار الأسد في منصبه لفترة ما بعد تدخل روسيا لضرب داعش، ومن بعدها فرنسا ثم بريطانيا، ورفض روسيا رحيل الأسد، مع وجود اقتناع أمريكي ضمني أن الرحيل المفاجئ للأسد قد تدفع بسوريا مجددًا لمصير العراق نفسه، وأن إقناعه بالرحيل أو دفعه للرحيل حينما يبدو الوضع السياسي قد يجعل الأوضاع أقل التهابًا وسخونة، هذه الدلائل دفعت سعد الحريري –بعد اقتناع السعودية– أو دفعت بالسعودية عبر سعد الحريري إلى طرح تسوية لأزمة الفراغ الرئاسي في لبنان، هذه التسوية تضع سعد الحريري رئيسًا للوزراء، على أن يأتى رئيس الجمهورية من تيار 8 آذار، بشرط ألا يكون ميشيل عون رئيسًا ويبد السؤال أيضًا، لماذا لا توافق السعودية وسعد الحريري على ميشيل عون رئيسًا للجمهورية؟ الاعتراض على ميشيل عون وراءه مجموعة من الأسباب:
فمن المعروف عن ميشيل عون أنه أقل دبلوماسية من سليمان فرنجية، كما أن عون أقوى من الناحية السياسية من سليمان فرنجية –هكذا يبدو لي وللكثير من المراقبين– ثم أنه لم يحدث قط أن أطلق سليمان فرنجية على نفسه لقب "زعيم المسحيين في لبنان"، بينما كان ميشيل عون يردد أنه "الزعيم الحقيقي المسحيين في لبنان" ردًا على ادعاءات سمير جعجع الذي كان يرشح نفسه رئيسًا للجمهورية، استنادًا إلى أنه "زعيم المسيحيين في لبنان"، وفي كل مرة كان سمير جعجع يطلب طرح اسمه على مجلس النواب، لم يكن يحصل على أكثر من أصوات نواب كتلة 14 آذار غير الكافية.
ميشيل عون الذي ينتمى لتيار 8 آذار فضل عندم طرح اسمه على مجلس النواب للتصويت عليه كرئيس؛ لأنه يعرف أن مصيره سيكون المصير نفسه لخصمه السياسي سمير جعجع، حيث لا يملك تيار 8 آذار عددًا كافيًا من النواب لوضع ميشيل عون على كرسي الرئاسة، فريق 8 آذار يضم "التيار الوطني الحر"، و"حزب الله"، و"تيار المردة"، و"حركة أمل"، والبعض من سنة لبنان كتيار الراحل عمر كرامي في طرابلس، وتيار عبد الرحيم مراد.
من الناحية الشكلية، سيفسر البعض قبول السعودية وسعد الحريري بميشيل عون كرئيس للجمهورية بالضعف، فمبادرة "سعد الحريري رئيسًا للوزراء، وميشيل عون رئيسًا للجمهورية" كانت مطروحة منذ أكثر من عام، ولم تلق قبولًا من السعودية، وستبدو موافقة السعودية وسعد الحريري الآن على ما سبق ورفضاه مرارًا وتكرارًا من قبل، على أنه نجاح لمشيل عون بشكل شخصي، ونجاح تيار 8 آذار على وضع مرشحهم على كرسي الرئاسة.
الجديد في الموضوع، هو أن موافقة السعودية وسعد الحريري على تسمية سليمان فرنجية زعيم "تيار المردة" كرئيس للجمهورية هي محاولة لضرب "الكرسي في الكلوب"، فالمعروف أن ميشيل عون هو حليف استراتيجي "لحزب الله" الذي كان وما زال يقول إن مرشحه للرئاسة هو ميشيل عون.
من الناحية الضمنية، حزب الله يوافق و"يبصم بالعشرة" على سليمان فرنجية، ولكن إعلانه قبول فرنجية يعني تخليه عن حليفه الاستراتيجي، حزب الله لم يعلن عن موافقته على ترشيح فرنجية، وإن كان لسان حاله يقول: إن وافق عون وافقنا، سعد الحريري والسعودية قد يقبلان بأن يكون سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية، ولا سيما إذا كان ثمن ذلك تلغيم العلاقة بين نصرالله-عون أو "حزب الله – التيار الوطني الحر".
أما بالنسبة لحلفاء 14 آذار فالمشهد يبدو دراميًا، فسعد الحريري يبدو وكأنه يطعن أهم حليفين له في الظهر، فالشائعات تقول إنه من طرح المبادرة، في حين كان كتلة 14 آذار تتمنى مواصلة الضغط على الفريق الآخر لتسمية رئيس ينتمى إليها، من الناحية الشكلية تبدو مبادرة سعد الحريري الضمنية تخلي عن مبدأ، وجود رئيس للبنان غير محسوب على أي طرف سياسي.. المتابع للسياسة اللبنانية يعرف أن مبدأ وجود رئيس غير محسوب على أي طرف سياسي يبدو هزليًا فلا يوجد "طفل" غير مسيّس في لبنان، كما أن 14 آذار عرضت أسماء محسوبة عليها قبل سمير جعجع، من بينها بطرس حرب، وأمين الجميل، لكنهما لم يلقيا قبولًا من لدى 8 آذار.
التقارير تشير إلى أن سمير جعجع، وحزب الكتائب قد يقبلان في النهاية بسليمان فرنجية، لأنهما لا يرغبان في الخروج على ما تراه السعودية، لكن موافقتهما تشكلان أزمة لهما في الداخل اللبناني، لأنها تعني أنهما في الحقيقة "لا شيء" في تكتل 14 آذار، رفض سمير جعجع والكتائب يفجران 14 آذار من الداخل، حزب الكتائب استبق أي مشاورات مع حلفائه –وعبر من جانبه– على لسان رئيسه الجديد سامي الجميّل– وابن رئيس لبنان الأسبق أمين الجميل– عن رفضه الضمنى تسمية سليمان فرنجية؛ لأنه رئيس محسوب على 8 آذار، وأن الاختلاف ليس على اسم الرئيس، ففي نظر سامي الجميّل، حيث لا يوجد اختلاف كبير بين سليمان فرنجية وبين ميشيل عون لأن كليهما يعبران عن مواقف كتلة 8 آذار.
الجميع في لبنان ينتظر حاليًا وصول سعد الحريري من السعودية، أو "مرسال المراسيل" اللي بيده منديل الرئاسة، سعد الحريري عليه إقناع حلفائه بطريقة "بلاها سوسو، خدوا نادية" أو بلاه "عون"، خدوا "سليمان"، وسواء اقتنع حلفاء الحريري بسليمان فرنجية أم لم يقتنعوا، فالثابت أن طرح اسم سليمان فرنجية كرئيس للبنان أدى إلى "تلغيم" سياسي بين الحلفاء في كل من الفريقين.
أما بالنسبة لحلفاء 14 آذار فالمشهد يبدو دراميًا، فسعد الحريري يبدو وكأنه يطعن أهم حليفين له في الظهر، فالشائعات تقول إنه من طرح المبادرة، في حين كان كتلة 14 آذار تتمنى مواصلة الضغط على الفريق الآخر لتسمية رئيس ينتمى إليها، من الناحية الشكلية تبدو مبادرة سعد الحريري الضمنية تخلي عن مبدأ، وجود رئيس للبنان غير محسوب على أي طرف سياسي.. المتابع للسياسة اللبنانية يعرف أن مبدأ وجود رئيس غير محسوب على أي طرف سياسي يبدو هزليًا فلا يوجد "طفل" غير مسيّس في لبنان، كما أن 14 آذار عرضت أسماء محسوبة عليها قبل سمير جعجع، من بينها بطرس حرب، وأمين الجميل، لكنهما لم يلقيا قبولًا من لدى 8 آذار.
التقارير تشير إلى أن سمير جعجع، وحزب الكتائب قد يقبلان في النهاية بسليمان فرنجية، لأنهما لا يرغبان في الخروج على ما تراه السعودية، لكن موافقتهما تشكلان أزمة لهما في الداخل اللبناني، لأنها تعني أنهما في الحقيقة "لا شيء" في تكتل 14 آذار، رفض سمير جعجع والكتائب يفجران 14 آذار من الداخل، حزب الكتائب استبق أي مشاورات مع حلفائه –وعبر من جانبه– على لسان رئيسه الجديد سامي الجميّل– وابن رئيس لبنان الأسبق أمين الجميل– عن رفضه الضمنى تسمية سليمان فرنجية؛ لأنه رئيس محسوب على 8 آذار، وأن الاختلاف ليس على اسم الرئيس، ففي نظر سامي الجميّل، حيث لا يوجد اختلاف كبير بين سليمان فرنجية وبين ميشيل عون لأن كليهما يعبران عن مواقف كتلة 8 آذار.
الجميع في لبنان ينتظر حاليًا وصول سعد الحريري من السعودية، أو "مرسال المراسيل" اللي بيده منديل الرئاسة، سعد الحريري عليه إقناع حلفائه بطريقة "بلاها سوسو، خدوا نادية" أو بلاه "عون"، خدوا "سليمان"، وسواء اقتنع حلفاء الحريري بسليمان فرنجية أم لم يقتنعوا، فالثابت أن طرح اسم سليمان فرنجية كرئيس للبنان أدى إلى "تلغيم" سياسي بين الحلفاء في كل من الفريقين.