رئيس التحرير
عصام كامل

حسابك على الله يا شيخ سالم !


يقول الشيخ سالم عبد الجليل إن إضافة البنات والسيدات الرجال على "فيس بوك" ومواقع التواصل الاجتماعي حرام ! وإنه غير جائز لما به من فتنة ولما يمكن أن يؤدي إليه من محرمات!


نسأل الآن: إن كان ذلك حرام فيما يسمونه بالعالم الافتراضي.. والذي يمكن أن يكون اسم صاحب أو صاحبة الحساب غير حقيقي وصورته أو صورتها غير حقيقية.. فما حكم الاختلاط في المدارس والجامعات إذن ؟ وإن رد الشيخ سالم وقال إنه مكان لتحصيل العلم ويحاسب كل منهم بنيته.. فمن حقنا أن نسأل: فما حكم الاختلاط في العمل والمصالح والمؤسسات الحكومية والقطاعين العام والخاص؟

سيقول الشيخ سالم: إنها من باب العمل والجد والاجتهاد من أجل "أكل العيش" ويحاسب كل منهم على نيته ! وهنا نسأل إن كانت النية هي محل الحساب -وهي كذلك فعلا- فلماذا يتم تجاهل ذلك في فتوى "فيس بوك" والمواقع الأخرى؟!

وهكذا.. يمكن نسف الفتوى بمنتهى البساطة.. وهنا سيقول الشيخ سالم أو أحد أنصار الفتوى الآتي: الاختلاط على الواقع ليس حرامًا في ذاته وإنما لما قد يترتب عليه من مساوئ وخروج على الآداب وغيرها. .وهنا نتذكر رواية استنباط حد الخمر لأنه لا حد له منصوص عليه في القرآن الكريم مثل الزنى والسرقة حينما استشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال الإمام على كرم الله وجهه: "نرى أن يجلد ثمانين لأنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى"، وهنا يقيس الإمام على حد شرب الخمر على حد قذف المحصنات وهو أيضا ثمانون جلدة، بينما يرد عالم آخر بما يلي: "إنه من شرب سكر.. ومن سكر فقد ذهب وعيه ومن ذهب وعيه لا حرج وحكم عليه "!

وهو المنطق الذي يمكن الرد به مباشرة على فتوى الشيخ سالم وهو أن الاختلاط على "فيس بوك" وغيره قد يفتح باب الوعي والثقافة والتعلم والتأدب والحصول على المنافع الأخرى كالطب والدين نفسه والفنون المختلفة وعمل الخير بل والزواج ونتائجه ومنها أولاد يعبدون الله ويسبحونه.. العبرة بالنيات إذن وهي وحدها -ومن رحمة الله بعباده- محل الحساب !

وهنا نقول إن باب الاجتهاد في الإسلام هو أوسع أبواب الدين العظيم بشرطيه الرائعين العلم والتيسير.. والعلم يتطلب معرفة أسس الاجتهاد وشروطه ومنها قواعد اللغة وقواعد الفقه إلى القدرة على الاستنباط والاستقراء والقياس والاستصحاب والمعرفة بسبل سد الذرائع وبالمصالح المرسلة والمعرفة بعمل أهل المدينة.. أما التيسير فلابد من الوعي بالواقع الذي يعيشه الناس وإدراكه ثم إسقاط الشرع عليه.. وهما شرطان متلازمان.. وعند التيسير يقع كثير من علمائنا للأسف في الورطة الكبرى، ومن هنا تأتي الفتاوى بعيدة عن الواقع ومن هنا تكون الزوابع بعد فتاوى كثيرة.. فارحموا ديننا وارحمونا وارحموا أنفسكم يرحكمكم الله ويرحمنا!

الجريدة الرسمية