رئيس التحرير
عصام كامل

مناعتنا ضعيفة ضد الزيف!


ليس صحيحا أن الحلال دائما بينٌ والحرام أيضا بين.. أحيانا يختلط الأمر لدى البعض.. وبسبب ذلك ينجح ويكسب أهل الزيف أو الزائفون.. من يتاجرون بقضايا حقيقية وصحيحة ليس إنصافا لأصحاب هذه القضايا وإنما لتحقيق أكبر كسب مالي واجتماعي وأدبي وسياسي أيضا منها.


وخلال فترات التحول، يكثر هؤلاء الزائفون ويزيد نشاطهم؛ لأن هذه الفترات تتسم بحالة من الغياب العام.. ولذلك ينجح هؤلاء الزائفون في خداع قطاعات واسعة من الناس.. وللأسف ليس عموم الناس والبسطاء منهم فقط، وإنما ينجحون أيضا في خداع المثقفين والسياسيين وأبناء النخبة.

وأهل الزيف أو الزائفون لا ينتمون فقط للتيار السياسي الإسلامي الذي خدع قطاعات واسعة من المصريين بعد ٢٥ يناير، وظفر بأصواتهم في عدة انتخابات «برلمانية ورئاسية»، وإنما هناك زائفون ينتمون لكل التيارات السياسية والفكرية.. الليبرالية واليسارية أيضا.. وهكذا ينتشر الزيف في مجتمعنا.

ولا يعود انتشار الزيف في مجتمعنا فقط إلى مهارة أهل الزيف أو الزائفين، وإلى قدراتهم في خداع الناس وغش من يحيطون بهم، وإنما يرجع أيضا - وهذا هو الخطير - إلى أن مقاومتنا «كمجتمع» للغش والخداع والزيف محدودة ومناعتنا ضدها ضعيفة!.. تلك هي المشكلة الحقيقية التي يعانيها مجتمعنا.. وهي مشكلة تحتاج من رافضي الزيف بذل كل الجهد لزيادة مناعة مجتمعنا ضد الغش والنصب والخداع.

صحيح أن الشعب هو الذي يبني الدولة، والدولة لا تبني شعبا كما قال الرئيس السيسي، ولكن الصحيح أيضا أن الدولة مسئولة عن وعي الشعب.. مسئولة عن حمايته من التشويش والتضليل.. مسئولة عن وقاية الشعب من الغش السياسي والنصب الاجتماعي والتضليل الفكري.. ودورها في مقاومة التطرف الديني يأتي من جوهر هذه المسئولية، أليس التطرف الديني هو نوع خطير من الزيف حيث يفضي إلى العنف والإرهاب؟

وإذا قامت الدولة بمسئوليتها في حماية وعي الشعب، سوف تحميه من الغش والنصب والتضليل التي يقوم بها الزائفون.. في ظل وعي مرتفع سليم لن ينجح من يتاجر بهموم الفقراء، ولا مشاكل الأقباط، ولا بغضب بعض الشباب، ولا بمعاناة أبناء الطبقة الوسطى.. ووعي الشعب سيقوى ويزدهر ويكشف الحقائق كاملة له، حتى لو كان بعضها صادما أو مقلقا!
الجريدة الرسمية