رئيس التحرير
عصام كامل

الحياة بدون معارضة


لا أتخيل الحياة بدون معارضة ووجود الرأي والرأي الآخر؛ من أجل استجلاء الحقيقة والوصول للقرارات الصائبة التي تصل بنا للنتائج المنتظرة، وتحقق مصالح جميع فئات المجتمع وليس فئة بعينها.


ومشهد مجلس العموم البريطاني أثناء مناقشة دخول إنجلترا حلف ضرب "داعش" في سوريا ليس ببعيد.. فلم يخرج أنصار ديفيد كاميرون بعبارات تخوين المعارضين للقرار ووصفهم بالعملاء.. بالعكس خرج الجميع بعد الجلسة على قلب رجل واحد؛ من أجل مصلحة بريطانيا، لا فرق بين مؤيد ومعارض.

وبدون الرأي المعارض لن تظهر الحقائق وتتكشف كل جوانب وأبعاد أي قضية مطروحة للنقاش، ولن يستطيع صانع القرار التصرف بالطريقة السليمة في كل أمور الدولة دون الاستماع للمعارضة والاستفادة بما تطرحه من رؤى واقتراحات.

المعارضة هي ممارسة الوطنية.. أما النفاق والتطبيل هو أكبر طعن في الوطنية.. وخيانة صارخة للشعب وعبث بمقدرات الأمة.. فليس كل معارض إخوانيًا وإرهابيًا وعميلًا ويتلقى أموالًا من الخارج.. المعارضون في كل عصر هم ضمير الناس الحي.

وفي مصر الآن هناك من يسعى بقوة لإماتة النقاش العام.. مجرد النقاش المفتوح لقضايا مصيرية يعتبرونها خيانة وخطرًا على الأمن القومي.. يريدون الرأي الأوحد وكأن أحدًا منهم لم يتعلم دروس التاريخ قديمه وحديثه.

العقلية الأمنية تريد أن تدير وتحكم كل مجالات الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وبنفس الأسلوب العقيم الذي تسبب في تدمير مصر طوال عقود ماضية، وترفض أن تقوم قائمة لهذه البلاد.

هؤلاء هدفهم الأول تغييب الشفافية.. وإذا حدث ذلك في أي مجتمع معناه النهاية.. فكيف نبني دولة حديثة بقتل الحريات وإفراغ الديمقراطية من مضمونها والاكتفاء بالتشدق بشعاراتها فقط.

كيف نبني دولة لا يملك كل مواطن فيها حق التعبير عن رأيه، رغم أنه لا ينتمي من قريب أو بعيد لجماعة الإخوان الإرهابية.. هذا المواطن نموذج لملايين المصريين الذين يؤمنون بالليبرالية ويحلمون بالحرية.. كما يؤمنون أيضًا بأن إدارة دولة كبيرة وعظيمة مثل مصر لن تنجح بدون ممارسة حق الحياة.. ولا حياة بدون معارضة وحرية تعبير بكل أشكالها!
الجريدة الرسمية