رئيس التحرير
عصام كامل

روسيا وإعادة التوازن للمنطقة العربية


دخول روسيا إلى محاربة "داعش" كانت خطوة استباقية لدولة عظمى كانت كامنة خلال عقود من الزمن وكان القطب الأوحد هو الولايات المتحدة الأمريكية التي ظهرت أمامها عدة أقطاب منها الصين كدولة دخلت الأسواق العالمية لتثبت قدرتها على الوجود اقتصاديًا قبل الوجود سياسيًا، ومع الأزمات التي تلاحق الاقتصاد العالمي كان على الولايات المتحدة أن تبحث عن دخل إضافي لإيراداتها مع ما تعانيه من زيادة المصروفات، وهذا ما جعل الهدف هو البحث عن السيطرة على مناطق موارد الطاقة في المنطقة العربية ومحاولة إيجاد الحلول التي تتوافق مع المصالح الأمريكية والموافقة لسياسات إسرائيل بالطبع.


ولا شك أن فقدان المنطقة للتوازن جعل هناك اضطرابات نتجت عن اختلال القوى، وهو ما أن صمتت عليه القوى العظمى إلا أن هذا الصمت لم يدل على الرضا وإنما كان صمتًا ينتظر ظهور النوايا وإعطاء فرصة لإعادة توزيع الأدوار مرة أخرى.

أولاد العم يعملون بمبدأ إذا رأيت عدوًا يدمر نفسه فلا تقاطعه واتركه يكمل المهمة بكل هدوء وهذا ما ظهر بمفاهيم الديمقراطية التي يفرضونها على الدول محل الاستهداف حتى يفرضون الإضرابات التي تمكنهم من هدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل وسط تناحر شعوب المنطقة بعد سنوات من التدمير الذاتي والإلهاء الذي تعيش فيه الشعوب وسط الأزمات الاقتصادية فلن يهتم أحد بما سيفعلونه وهم في مأمن من ردود الأفعال التي لن تعدو حينها إلا التراشق بالألفاظ وبعض الهتافات وحينها يكون الخطر وهو دخول المنطقة في دوامات من الحروب لا يعلم مداها إلا الله.

إننا أمام أطماع في المنطقة من القوى التي نسميها قوى عظمى وهم ينظرون إلى المنطقة أعينهم على الثروات ويعملون بمبادئ أساسية في السيطرة وهو مبدأ "فرق تَسُد".

إن لم تقم الدول العربية بالتعاون معًا للحفاظ على الهوية العربية واستقرارها، وهذا التكامل هو أول خطوة على طريق خلق التوازن الذي يمنع دخول دول أخرى إلى الصراعات الموجودة ويقم بدرء المخاطر.

لابد من التكامل الآن بكل الطرق التي تصل بنا إلى بر الأمان ولا نترك أمننا واستقرارنا إلى قوى عظمى تتعارك على أراضينا ونحن لا حول لنا ولا قوة.

وجود الروس في المنطقة العربية مع أنه أسعد الكثيرين لمحاربة "داعش" فهو سيعيد التوازن الاستراتيجي للقوى إلا أننا لن ننكر أن هناك نوايا للبقاء في قواعد يخططون لها لأن من اعتبر أن الحرب الباردة انتهت فهو مخطئ، ولعل تعبيرات وكلمات بوتين هي أكبر دليل على أن الروس ينتظرون الوقت المناسب لإظهار القوى العظمى الكامنة تحت الرماد وإن طال بهم الزمن.
الجريدة الرسمية