رئيس التحرير
عصام كامل

البرلمان سيدعم «الدولة».. أومال مين هيراقبها؟!


في أي دستور في العالم حتى في أعتى الديكتاتوريات، وفي ظل أي برلمان في أكبر دول الحزب الواحد أو التعددية الشكلية على كوكب الأرض، وفي كل كتب ومراجع العلوم السياسية والدراسات القانونية، تتحدد وظيفة البرلمان - أي برلمان - الأساسية في وظيفتين أساسيتين، أولهما التشريع، وثانيهما الرقابة على الأداء الحكومي، ثم تضاف وظيفة أو مهمة أخرى وهي مناقشة الموازنة العامة للدولة وإقرارها، وهناك من يضيف إقرار المعاهدات الدولية!


ولذلك وحتى في أيام الاضطراب الكبير أو أي ارتباك تشهده البلاد، يكون وجود برلمان قوي قادر على مراقبة الأداء الحكومي مفيدا جدا للجميع.. للحكومة أولا؛ لأنها ستعمل وهي تعلم أن هناك من يراقب أداءها ويمنعها من كل صور الانحراف من الفساد أي الإهمال، ومن البذخ إلى التكاسل والتأخر في إنجاز المشروعات والخدمات.. ويطمئن الشعب بأن هناك من يراقب السلطة التنفيذية نيابة عنه.. حتى لو كانت جهات أخرى تراقب وتؤدي دورا شبيها مثل الصحافة ووسائل الإعلام.. إلا أن أعضاء البرلمان هو من انتخبهم الشعب مباشرة، ومن فوضهم الناس لأداء المهمة المذكورة.. سواء ارتضى الناس بوجود بعض النواب أو رفضوهم؛ إذ أن أول مبادئ الديمقراطية هو خضوع الأقلية لرأي الأغلبية!

الآن.. تتناثر الأخبار هنا أو هناك عن تشكيل تكتل برلماني تحت عنوان "كتلة دعم الدولة"!.. وأفهم أن تتشكل كتل على أسس موضوعية.. تدافع كل منها عما تراه لصالح البلاد والعباد في مصر.. فمثلا كتلة الأحزاب الليبرالية، وهي من سترى مصلحة مصر في اتجاه سياسي واقتصادي واجتماعي محدد، من أولوياته الحريات وتداول السلطة وحرية التجارة والتملك وحركة رءوس الأموال.. وهناك من سيتكتل خلف مبادئ أخرى ككتلة النواب الناصريين مثلا، وكانوا مفاجأة الانتخابات؛ إذ أن العدد القليل الذي ترشح منهم نجح أغلبهم وبلا إمكانيات، وقد يشكلون تكتلا من أولوياته العدل الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المصريين في الوظائف العامة، ودور كبير للدولة في التخطيط الشامل للمجالات الاقتصادية والاجتماعية وعروبة مصر.. وهناك كتل أخرى ترى رؤى مختلفة وهكذا..

والمفترض في الجميع أنهم يدعمون الدولة.. لأنهم نواب الشعب المصري الذي انتخبهم بما يحسم أمر وطنيتهم، وبما لا يقبل الجدل.. لكن.. وعندما تتشكل كتلة تحت عنوان دعم الدولة.. فماذا يمكن أن تفعل الأجهزة التنفيذية إذن؟.. وماذا يمكن أن تفعل الأحزاب والتيارات السياسية خارج البرلمان؟.. وما مصير من لا ينضم إلى هذه الكتلة؟.. هل سيكون متهما بأنه ضد الدولة؟

يا سادة لا تحرجوا السيسي أكثر من ذلك.. ولا تصوروا البرلمان الجديد باعتباره جزءا من القصر الجمهوري، وتابعا له.. ولا تسيئوا للتجربة أكثر من ذلك!!

ارحمونا يرحمنا ويرحمكم الله، وقوموا بدوركم الذي أنتم في مكانكم من أجله!!
الجريدة الرسمية