رئيس التحرير
عصام كامل

موسم الهجوم على الشرطة


بادئ ذي بدء، نعتقد أن أي إنسان سَوي لا يقبل أخطاء أو تجاوزات أو جرائم بعض رجال الشرطة إزاء أي مواطن حتى لو كان مطلوبًا للعدالة أو مشتبهًا به، في أقسام ومراكز الشرطة، أو كان سجينًا خلف القضبان يقضي عقوبة ما.. فالإنسان له حُرمة في نفسه وفي جسده، كما تدعو الأديان السماوية، وتؤكد على ذلك مبادئ حقوق الإنسان الدولية.


وقد أكد وزير الداخلية مجدي عبد الغفار، غير مرة خلال الأيام القليلة المنقضية، أن رجال الشرطة سيظلون أوفياء للوطن، ولن تلين إرادتهم أو تنكسر، مشددًا على التزام الوزارة بإعلاء قيم حقوق الإنسان، والتصدي لأي محاولات للخروج عليها، وقال بالحرف الواحد: "إن أقل مواطن في هذا البلد فوق رأس وزير الداخلية شخصيًا".

غير أن وفاة ثلاثة مواطنين في القليوبية والإسماعيلية والأقصر، خلال أقل من أسبوع نهاية الشهر الماضي، عقب القبض عليهم على يد رجال الشرطة، وقيام وسائل الإعلام بتسليط الأضواء بصورة غير متوازنة ومبالغ فيها على هذه الحوادث المؤسفة، وعدم إبرازها قيام النيابة العامة بالتحقيق فيها وحبس المتهمين رهنًا للتحقيق، ووقف وزارة الداخلية لهم، بصورة واضحة للرأي العام، وكذلك "تلقف" وسائل التواصل الاجتماعي هذه الحوادث ونشرها على أوسع نطاق ممكن، كل ذلك يثير في النفس العديد من الأفكار، ويعيد للذاكرة الكثير من المشاهد القديمة والمتجددة، والمواسم المختلفة للهجوم على مؤسسة الشرطة برمتها ومحاولات النيل منها.

ولسنا في موضع الحديث عن كون رجال الشرطة من أبناء المواطنين المصريين وليسوا من الأجانب، وكم قدمت الشرطة من أبنائها شهداءً ومصابين بالمئات خلّفوا وراءهم مئات الثكلى والأرامل والأيتام؛ دفاعًا عن أمن البلاد والعباد في "حروب" ضد الإرهاب وضد الجريمة بمختلف أنواعها وأشكالها.

ولا يمكن للمرء التغاضي أو التغافل أو التجاهل عن أن تضخيم هذه الأحداث المؤسفة، رغم التنديد بها واستنكارها شعبيًا ورسميًا، وتقديم الجناة للعدالة، هي محاولة جديدة من قوى الشر تهدف إلى إسقاط جهاز الشرطة وزعزعة الاستقرار، والبدء مرة أخرى في ضرب كل مؤسسات الدولة، مؤسسة بعد أخرى، على غرار ما حدث قبيل ثورة يناير 2011، وما بعدها على يد الجماعة الإرهابية ومؤيديها والمتواطئين معها.

إن تلك الجماعة الإرهابية وحلفاءها وأعوانها في الداخل والخارج، تعتقد أن يناير المقبل "فرصة جهنمية" لاجترار الماضي، ومحاولة إعادة عقارب الساعة للوراء، لعل وعسى أن تَنفُذ مخططاتها الشيطانية إلى المجتمع مرة أخرى، بعد أن باءت كل محاولاتها السابقة بالفشل الذريع والخيبة الكبيرة على مدى عامين ونصف العام.

ويبقى أن الشعب يترقب نتائج التحقيقات التي تجريها النيابة العامة مع رجال الشرطة المتهمين، وإظهار كل الحقائق أمام الرأي العام.. وفي ذات الوقت إبعاد غير المؤهلين إنسانيًا وأخلاقيًا ومهنيًا عن جهاز الشرطة.

وأخيرًا.. لعل رسائل الرئيس عبد الفتاح السيسي التي وجهها لرجال الشرطة، خلال زيارته لأكاديمية الشرطة يوم الخميس الماضي، شاكرًا إياهم عما يقدمونه ويبذلونه، مؤكدًا رفضه لتجاوزات بعضهم، مطالبًا بالحفاظ على شعار "الجيش والشرطة والشعب.. أيد واحدة"، تكون قد وصلت إلى الجميع بكل المعاني التي تحملها.
الجريدة الرسمية