رئيس التحرير
عصام كامل

الإنسان «أصله قرد».. داروين: الإنسان والشمبانزى والغوريللا لابد أن يكونوا قد أتوا من أصل واحد.. منصور اليحيائى: نعم أنا قرد وأنا حيوان وأنا جزء من هذه الطبيعة

فيتو

"ليس مهمًا أن يكون الإنسان قردًا.. المهم ألا يعود إليه".. مقولة أطلقها الكاتب المسرحى الألمانى، ريتشارد فاغنر، ليجسد بها واقع الاختلاف بين البشر والجدل المثار حول نظرية التطور الشهيرة التي تُرجع أصل الإنسان إلى قرد.

نظرية التطور أسسها عالم التاريخ الطبيعى، البريطانى تشارلز داروين، حيث إنها تطرح رؤية بديلة لقصة الخلق على عكس ما جاء في الأديان السماوية ( الإسلام والمسيحية واليهودية) وهذا ما أثار جدلا عنيفا وبخاصة حول كتابه "أصل الأنواع" ووصل الخلاف حول نظرية التطور إلى القضاء (في القضية التي عرفت بمحاكمة القرد عام 1925) ومنذ ذلك الحين استمر النزاع بين أنصار نظرية التطور ومعارضيها.

ومنذ صدور كتاب داروين الشهير "أصل الأنواع"، انقسم معارضو التطور عبر التاريخ بين من يرفض النظرية تمامًا لأنها تخالف الدين وأن الإنسان أسمى وأعظم من أن يكون من سلالة القردة، وبين من يرى أن النظرية ليست علمية من الأساس بحجة أنها غير ملموسة ولا محسوسة، ومنهم أيضًا من يرى أنها جزئيًا صحيحة لكنها ليست عشوائية ولابد من وجود قوة خارقة تتحكم فيها، كما أن هناك قسما خاصا بالعالم الإسلامى يؤمن بأن التطور حقيقة علمية وموجودة في القرآن منذ ١٤٠٠ سنة.

حسب نظرية داروين: يحدث التطور نتيجة تغير أو طفرة في ميزات قابلة للتوريث ضمن مجموعة حيوية على امتداد أجيال متعاقبة، كما يحدده التغيرات في التكرارات الأليلية للجينات، ومع الوقت يمكن أن تنتج هذه العملية ما نسميه انتواعًا، أي تطور نوع جديد من الأحياء بدءًا من نوع موجود أساسا.. بالنسبة لهذه النظرية فإن جميع المعطيات الموجودة ترتبط ببعضها البعض من خلال سلف مشترك، كنتيجة لتراكمات التغيرات التطورية عبر ملايين السنين.

ويرى "داروين" أن مراحل تكوين الجنين في بطن أمه تكاد تكون مطابقة تمامًا لمراحل تكوين جنين الشمبانزى أو الغوريلا، فقط في المراحل النهائية لتكوين الجنين يبدأ الإنسان في الاختلاف عن القرد أو الغوريلا.. هذا الشبه، هو الذي جعل دارين يقول بأن الإنسان والشمبانزى والغوريلا، لا بد أن يكونوا قد أتوا من أصل واحد.. وحيث إن الشمبانزى والغوريلا كانا يعيشان في قارة أفريقيا، لذلك يكون أصل الإنسان هو أفريقيا.

الكاتب منصور اليحيائى ممن يسيرون على ضرب المؤيدين لنظرية التطور، ويتعجب من رفض أساتذة وبروفيسورات بالجامعات، ومن متخصصى في الطب والعلوم الطبيعية لتلك النظرية، يقول: بالنسبة لمن يعارضون التطور بحجة الدين وعدم منطقية تطور الإنسان من سلالة قردة فأنا أتساءل: هل هي صدفة أن تتشارك جميع القردة (مثلى أنا وأنت) بأظافر فوق أصابعها بدل الحوافر كما في باقى الحيوانات؟

ويتابع: هل صدفة أن تتشارك جميع الثدييات في إنتاج الحليب من ثدييها؟ هل صدفة أن تتشارك جميع الفقاريات في وجود عمود فقرى ينظم حركتها؟ هل صدفة أن تشترك جميع الحيوانات بوجود جهاز عصبي؟ هل صدفة أن تشترك جميع الكائنات بوجود الأحماض الأمينية لتبنى بروتيناتها؟ هل صدفة أن تشترك هذه الكائنات مع الفيروسات بوجود حمض نووي؟
ويكمل: حسنًا، إذا كان كل هذا صدفة فأخبرني: هل هي صدفة أنه كلما زاد التشابه في الخصائص التي ذكرتها زاد التقارب في السجل الأحفورى والجينى بين هذه الكائنات؟ عزيزي، إذا كنت تؤمن أن جميع ما سبق صدفة فكيف تعايرنى بأنى أؤمن بالصدفة وجميع تحليلاتك مبنية على الصدفة!!!
ويؤكد: نعم أنا قرد، وأنا حيوان، وأنا جزء من هذه الطبيعة.. أحس بقمة النشوة والروحانية عندما أتذكر أنى حرفيًا جزء من هذا الكون.

ويذهب أصحاب هذا الرأى إلى أن الإنسان الحالى يشترك مع الشمبانزى بسلف مشترك عاش قبل 6 ملايين سنة في أفريقيا.. ويعتبرون أن هذه حقيقة علمية أكدتها دراسة الحمض النووى للإنسان ومقارنته مع الحمض النووى للشمبانزي، تبين أن الإنسان والشمبانزى يتشابهون جينيا بنسبة 98،8 %، نسبة كبيرة جدا تدل على التقارب بين النوعين، موضحين أن العلماء يعتمدون على أدلة جينية داخل الــ DNA لكلا النوعين، ومن أشهر الأدلة على السلف المشترك بين الإنسان والشمبانزى والبونوبو هي: الريتوفايروس ERV بقايا إصابات فيروسية ترسخت وتموضعت بمناطق معينة من الـــ DNA، لكن العلماء وجدوا أن هذه الإصابات الفيروسية موجودة أيضًا في DNA الشمبانزى والبونوبو، كما أنهم وجدوها بالضبط بنفس الموقع من الــ DNA لدى كلا النوعين.
ويقطع العالم الراحل الدكتور مصطفى محمود، الشك باليقين في هذه المسألة مؤكدًا مرارًا وتكرارًا في كل برامجه وكتاباته رفضه التام نظرية التطور، ويقول في إحدى حلقات برنامج العلم والإيمان أن القرود الحالية مهما بقيت مليون سنة أو أكثر لن يأتى منها إنسان واحد، ولا حتى القرود القديمة.

الدكتور مصطفى محمود، أوضح أيضا "داروين" وقع في أخطاء، وأنه اعتمد في نظريته على قانون البقاء للأقوى، وبهذه الطريقة فسر الأقوى لكنه لم يفسر الأجمل أو الأرقى، متسائلًا، لماذا يخرج من الحمار كائن رشيق وجميل مثل الحصان ولماذا يأتى من الحشرة الفراش الجميل الذي له جناح منقوش بالسجاد العجمى؟ وما المصلحة الحياتية من أن يكون جناح الفراش منقوشًا بهذا الشكل مع أنه لن يؤثر ذلك في الطيران؟ وأكد أن هذا ناتج عن تدخل الذات العليا التي هي وراء كل شيء بمعنى أوضح أن كلام داروين عن التطور جذريا خطأ.

كما جاء في كتابه "حوار مع صديقى الملحد": إن القرآن يروى قصة مختلفة تمامًا وهى أن الخلق جاء على مراحل وأطوار وزمن إلهى مديد، والقرآن يقول إن الإنسان لم يخرج من الطين مباشرة، وإنما خرج من سلالة جاءت من الطين: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ } 12/ سورة المؤمنون.

وأضاف أن الإنسان في البدء لم يكن شيئًا يذكر:{ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا } 1/ سورة الإنسان.. وأن خلقه جاء على أطوار.. {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا. وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا } 13/14 سورة نوح { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ } 11/ سورة الأعراف.
وتابع: معنى ذلك أن هناك مراحل بدأت بالخلق ثم التصوير، ثم التسوية ثم النفخ، ثم "بالزمن الإلهي" معناها ملايين السنين: { إِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } 47/ سورة الحج.

أما الشيخ عبد العزيز بن باز فيرد أيضًا على داروين قائلًا: إن نظرية التطور قول منكر وباطل ومخالف لكتاب الله -عز وجل- وسنة الرسول -عليه الصلاة والسلام- ولإجماع سلف الأمة، مؤكدًا أن المدعو داروين كاذب فيما قال، بل أصل الإنسان هو من أصله على حاله المعروف، ليس أصله قردًا ولا غير قرد، بل هو إنسان سويٌ عاقلٌ خلقه الله من الطين من التراب، وهو أبونا آدم -عليه الصلاة والسلام-، خلقه الله من تراب؛ كما قال -جل وعلا-: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ [المؤمنون: 12].

لم يقتصر رفض نظرية داروين على العلماء والفقهاء العرب فقط بل امتد أيضًا إلى علماء الغرب، ففى عام 2009 أعلنت مجلة Science عن كشف أحفورى اعتبرته الحدث الأهم في ذلك العام، كان ذلك الحدث هو اكتشاف أحفورة تمثل السلف الأقدم للبشر، أطلق عليها "أردي"Ardipithecus Ramidus"، لتصبح "أردي" بعد ذلك إحدى أشهر أيقونات التطور البشري.
واعتبر العلماء الأمريكيون أن "أردى" الذي اكتشفه فريق عالمى من علماء أصول الجنس البشرى من جامعتى كين ستيت وكاليفورنيا دليلا جديدا على أن نظرية داروين في النشوء والارتقاء كانت خطأ.

و"أردى" يعد أقدم أثر معروف للبشر على وجه الأرض، وهو هيكل عظمى إثيوبى يبلغ عمره نحو أربعة ملايين وأربعمائة ألف سنة أطلق عليه اسم "أردي".
وأعلن فريق البحث أن اكتشاف "أردي" يثبت أن البشر لم يتطوروا عن أسلاف يشبهون قردة الشمبانزي، رافضين بذلك الافتراضات القديمة بأن الإنسان تطور من أصل قرد.
وحتى عالم الحيوان، ريتشارد داوكنز، من جامعة أكسفورد، وهو أحد أكبر أنصار الفكر التطورى في العالم، علق على هذه الحقيقة التي تبطل الجذور الأساسية لكل الحجج التي كان يدافع عنها بقوله: "على سبيل المثال، تعتبر طبقات الصخور الكامبرية (التي يبلغ عمرها نحو 600 مليون سنة) أقدم الطبقات التي وجدنا فيها معظم مجموعات اللافقاريات الأساسية، ولقد عثرنا على العديد منها في شكل متقدم من التطور في أول مرة ظهرت فيها، ويبدو الأمر وكأنها زُرعت لتوها هناك دون أن تمر بأى تاريخ تطوري، وغنى عن القول إن مظهر عملية الزرع المفاجئ هذا قد أسعد المؤمنين بالخلق".

وقد قام دوجلاس فوتويما، وهو عالم أحياء شهير من دعاة التطور، بدحض أيضًا نظرية التطور قائلًا: "إما أن تكون الكائنات الحية قد ظهرت على وجه الأرض وهى كاملة التطور وإما أنها لم تظهر، وإذا لم تكن قد ظهرت في شكل كامل التطور، فلابد أنها قد تطورت من أنواع كانت موجودة من قبل عن طريق عملية تحور ما، وإذا كانت قد ظهرت في شكل كامل التطور، فلا بد أنها قد خُلقت بالفعل بواسطة قوة قادرة على كل شىء.

الكاتب الراحل، أنيس منصور، قال في هذا الصدد إنه "في أمريكا توجد مدارس تلعن العالم الإنجليزى داروين. ولذلك تحرم تدريسه، لأنه في رأيهم رجل ملحد، لأنه لا يؤمن بالمسيح ولا بأن آدم قد سبق المسيح بأربعة قرون فقط.. يعنى قبل أربعة قرون لم يكن هناك بشر.. ومعنى ذلك أن كل الحضارات القديمة لم يكن لها وجود.. ولذلك تبقى نظرية داروين واحدة من أغرب الأساطير المثيرة للجدل والغضب والنقد.

المصادر:
موقع السعودى العلمى، مقال هل أصلك قرد- الموقع الرسمى للشيح عبد العزيز بن باز - موقع نحن العرب - موقع creationoevolution - جريدة الشرق الأوسط - موقع وجهة نظر - موقع العلوم الحقيقية - مدونة ضد الشبهات - موقع الحوار المتمدن - كتاب مصطفى محمود "حوار مع صديقى الملحد"
الجريدة الرسمية