رئيس التحرير
عصام كامل

«قسرية» وائل غنيم!


عرفنا الآن سر عودة وائل غنيم للمشهد السياسي، وسر حديثه المفاجئ قبل أسابيع، وسر حديثه عن ذكرياته في سجن يناير 2011.. عرفنا الآن أن أي حملة ضد الدولة ومؤسساتها لا تنطلق عشوائيا ولا اعتباطيا، وإنما تكون حملة مدروسة ومخطط لها بكل دقة.. لها موعد محدد وإيقاع متناغم من أوركسترا سياسي يعزف لحنا جماعيا وبأدوات مختلفة لكنها متناسقة وتُسمعنا جميعا شيئا واحدا!


فشلت محاولات إثبات قضايا الاغتصاب أو قتل المعارضين داخل السجون المصرية، وخصوصا بعد زيارتها من منظمات وجمعيات أبرزهم كان المجلس القومي لحقوق الإنسان، ويدير أموره عدد من أبرز رجال حقوق الإنسان في العالم، ومنهم من قضى حياته أو أغلبها في الدفاع عن حقوق الناس في كل أنحاء الأرض وليس في مصر فقط، وتحدوا ديكتاتوريات معروفة دون أي تردد، والأهم أن وفد المجلس ضم نشطاء محسوبين بالكامل على ثورة يناير بل إن منهم قياديا بجماعة الإخوان هو الكاتب الصحفي محمد عبد القدوس.. والنتيجة: لا تعذيب ممنهج بالسجون.. نكرر ممنهج.. أي بأوامر ويتم بانتظام ووفق آليات ثابتة..

ولذلك قرر النشطاء إياهم البحث عن قضية أخرى يحشدون خلفها الناس.. هي قضية لا يمكن إثباتها كما لا يمكن نفيها.. أنت تتحدث عن شخص مختفٍ.. هم يقولون إن الشرطة اعتقلته خلافا للقانون.. والشرطة ستقول لم نتعرض له ولا نعرف أين هو.. وهكذا.. لا تأييد قاطع ولا نفي مؤكد.. ولذلك يستطيع هؤلاء إجهاد الدولة المصرية وجرجرتها إلى معركة طويلة النفس، من اختارها شيطانا يعرف كيف يخطط، وخصوصا وهو يواجه دولة اختارت أن يكون دورها طول الوقت في رد الفعل والدفاع عن نفسها فقط فكثرت السهام والخناجر والمؤامرات!

وائل غنيم يكتب في 3 نوفمبر الماضي، دافعا حملة الاختفاءات القسرية إلى الأمام ويقول: "يوم 27 يناير 2011 اتخطفت من الشارع في نص الليل، أربع أشخاص مسلحين بملابس مدنية وقعوني على الأرض وقيدوا حركتي وفي أقل من دقيقة ركبوني عربية كانت مستنياهم وغمّوا عيني، ومن وقتها ماشفتش غير سواد قطعة القماش، لمدة 11 يوما كنت متغميا ومتكلبش 24 ساعة في اليوم، حتى أثناء الأكل أو الصلاة أو حتى دخول الحمام"!

لا ولن يذكر وائل غنيم ما قاله فيما بعد من أنه لم يتعرض لأذى.. ولا ولن يذكر أنه خرج يصطحبه في يديه الدكتور حسام بدراوي، الأمين العام للحزب الوطني المنحل.. ولن يقول تحديه وقوله إنه أقوى من الجميع.. من مبارك ومن عمر سليمان!!

ظل وائل غنيم يتحدث عن تجربته ولا نعرف كيف يحتسبها من بين الاختفاءات القسرية، وقد كانت الفترة كلها استثنائية، وكان مكانه معروفا وخرج وقت أن طلب الكثيرون الإفراج عنه!

الاختفاءات القسرية معركة خبيثة، تستهدف رفعها للعالم وتدويلها وفقا للإعلان الدولي لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة برقم 47 ـ133 لسنة 1992، التي وقعت عليه مصر وهو بالتالي يلزمها.. ورغم أن لا خطر من أي عقوبات على مصر لكن جرجرتها إلى المعترك الدولي يسيئ إليها ويربك المشهد كله، والأهم أنه لا توجد ظاهرة ولا جريمة ولا أسماء مختفية أصلا، وإنما إرهابيون هربوا ليقاتلوا مع داعش شرقا وغربا، وكل يوم نعرف ونتعرف على أحدهم ذهب وقتل ودفن هناك ويحتسبه وائل ورفاقه من بين الاختفاءات القسرية!!.. أي قسرية تلك يا سي وائل يا غنيم؟!

وفي الخلاصة: قل لرفاقك يا غنيم ولباقي فرقة القسرية: انسوا.. مصر في حفظ الله وفي حماية شعبها!
الجريدة الرسمية