تفاصيل حديث شيخ الأزهر الأسبوعى.. «الطيب»: رفض «على» مبايعة «أبي بكر» «كلام فارغ».. البلاد المتشيعة تختار رئيسها بـحرية.. كتب الشيعة تتفق مع نظيرتها «السني
كشف الدكتور أحمد الطيب، أهداف الدعوات المنشرة بين أوساط الشباب خلال الفترة الحالية حول التشيع، متطرقًا إلى تفسير مسألة اختيار الحاكم المسلمين أو الخليفة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضلا عن قضية الإمامية، وحقيقة مبايعة على بن أبي طالب لأبي بكر الصديق.
دعوات التشييع
ويقول الطيب في حديثه الأسبوعي، الذي سيذاع اليوم الجمعة، على الفضائيَّة المصرية عقب نشرة الثانية ظهرا: «انتهينا من توضيح ما يُشتبَه على شباب السنة ورجالهم ونسائهم في الدعوات الموجودة للتشيع، وما قد ينطلي عليهم من نظريات، وخاصة نظرية أن النبي-صلى الله عليه وسلم- لم يكن يليق به أن يترك المسلمين هكذا، وتبين أن ترك المسلمين وما يختارون هو الأنسب والأليق لما جرى عليه الإسلام في أحكامه الشرعية بتقسيمها إلى أحكام مرنة ومفتوحة وقابلة للاجتهاد، وأحكام ثابتة لا يمكن الاقتراب منها، لا تجديدا ولا اجتهادًا، كما تَبيَّن أن مسألة اختيار الحاكم والمسلمين للحاكم أو الخليفة أو الإمام، خاضعةٌ للتطور الزمني بكل المقاييس، حتى في البلاد المتشيعة فإن اختيار الرئيس عندهم بالانتخاب، مع أنه لم يحدث أنْ قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- انتخبوا الرئيس ولا قال الرئيس: أنا سأعينه الآن وكل رئيس يعين ما بعده كما في نظرية الإمامة.
الإمامية
وأضاف أن عمليا الإمامة غير موجودة من 1200 سنة، وعليه فلا يقال إن النبي-صلى الله عليه وسلم- لا يصح أن يترك المسلمين هكذا، ولا بد أن يعين إمامًا، فالنبي-صلى الله عليه وسلم- لو كان فعل هذا، لكنا أمامَ سنة هجرها التاريخ وسيكون الجميع في حرج، مضيفًا: «إذن ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما كان ليفسح مكانًا للرأي العام في سياسة الناس، وما حدث في اجتماع الصحابة في السقيفة كان تجسيدًا لديمقراطية لم يعرفها الناس إلَّا بعد قرون عِدة، وليس أدل على ذلك من خطاب أبي بكر -رضي الله عنه- الذي أعلي من سلطة الأمة: "إن أحسنتم فأعينوني وإن أسأت فقوموني..."، أي: أنه لا بد وأن يكون للإمام إطار إن خرج عليه تحاسبه الأمة، وحين قال -رضي الله عنه: "الضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه.."، وهذا إعلان لمبدأ المساواة الذي لم يعرفه الناس إلا في ظلال الإسلام، كما أنه ترسيخ لسلطان الأمة في اختيارها للحاكم، والذي كان قبل أكثر من 1400 سنة.
مبايعة أبوبكر
وأوضح الإمام الأكبر أنَّ ما قيل عن عدم مبايعة على بن أبي طالب لأبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- كلام غير صحيح، فهناك إجماع بين أهل السنة على أن سيدنا عليّا بايع أبا بكر، لكن الخلاف في وقت بيعته، ففي روايات قليلة جدا تقول: إنه بايعه في اليوم الأول، ولكن هذه الرواية لا تمثل الأكثرين الذين يقولون: إنه بايعه بعد ذلك بيومين أو ثلاثة، وبعضهم يقول بعد 6 أشهر بعد أن توفيت السيدة فاطمة -رضي الله عنها، لحزنها الشديد على أبيها - وحُقَّ لها ذلك- فانشغل بها، ثم خرج بعد وفاتها وبايع أبا بكر بعد ستة أشهر، وهذا هو الثابت عندنا، بدليل أن سيدنا أبا بكر عين سيدنا عليا على الجيش الذي كان يحمي المدينة من المرتدين الذين بدءوا يهاجمون المدينة، فكان سيدنا عليٌّ على ركن من أركان المدينة يحمي المدينة، وهو إقرارا منه بخلافة سيدنا أبي بكر الصديق، ثم إن امرأة أبي بكر كانت صديقة للسيدة فاطمة وأوصت بأن تغسلها مع على، فلا يعقل بعد ذلك أن يقال: إن سيدنا عليا لم يبايع أبا بكر الصديق -رضي الله عنهما.
كتب الشيعة
واستطرد: «نلاحظ أن كتب الشيعة تكاد تتفق على الخطوط العامة العريضة في اجتماع السقيفة مع كتب أهل السُّنَّة من حيث إن الأنصار بقيادة سعد بن عبادة سارعوا إلى الاجتماع، وخطبة سعد التي كان يبلغها عنه -لمرضه- ابنته، ثم مجيء أبي بكر وعمر وعبيدة بن الجرَّاح، والحوار والخلاف الذي انتهى بمبايعة أبي بكر وتأخر مبايعة عليّ، كما نلاحظ أن كتب الشيعة لم تذكر أية رواية تفيد أن الإمام عليّا بعث أحد رجاله إلى اجتماع السقيفة ليذكر بوصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتنصيبه إمامًا، أو يذكر بغدير خم كحجة على هذا التنصيب، رغم أن حادثة غدير خم كانت قريبة العهد بأسماع الصحابة من الأنصار والمهاجرين على السواء، فلو أن المسلمين في غدير خم فهموا أو جال بأذهانهم أن قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "من كنت مولاه فعليّ مولاه" أنَّه تنصيص وتنصيب لإمامة عليَّ من بعدها، هل كانوا سيسارعون إلى اجتماع السقيفة؟ ولماذا لم نسمع – حتى من كتب الشيعة- أن صحابيًا واحدًا قال لهم: توقفوا! فإن النبي ﷺ نصَّ على إمامة عليِّ، ألا يبرهن ذلك على أن الجميع كان يتعامل مع قضية الخلافة أو الإمامة على أنها أمر متروك لاختيار المسلمين؟
خطبة على
وتابع الإمام الأكبر "رواية العلَّامة باقر المجلسي في موسوعته الضخمة بحار الأنوار، تذكر أن أمير المؤمنين عليًّا -رضي الله عنه- لمَّا سمع باجتماع السقيفة، وبعد أن فرغ من دفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حضر إلى الاجتماع وخطب خطبة موجزة لا تتعدَّى سطرين، قال فيها بعد أن حمد الله وأثنى عليه: «إن كانت الإمامة في قريش فأنا أحق بها من أي أحد في قريش، وإن لم تكن في قريش فالأنصار على دعواهم» ثم اعتزل الناس ودخل بيته، وهذه الرواية لا تتضمن دعوى النص على إمامته كرَّم الله وجهه، أو أن النبي – صلى الله عليه وسلم- نصَّبه إمامًا للمسلمين من بعده، وإنما تتضمن تذكيرًا بأنه لقربه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقرابته ومكانته وعلو منزلته هو أولى من أي أحد يتولاها في قريش، ولو أنه كان يعتقد أنه منصوص على إمامته لما قال وإلَّا فالأنصار على".