رئيس التحرير
عصام كامل

كشفناكم!


تبدو الموجة الفوضوية عالية ومتصلة الحلقات، وتتجه إلى عنوانها القديم، في ميدان التحرير وأقسام الشرطة، بالمولوتوف والخيام.

تبدو الخطة واحدة، مقتبسة من خطة ٢٠١١، مع بعض التعديلات.. الصوت العالي النقاق هذه المرة هو للطليعة الليبرالية البتنجانية، شلة العملاء، وعصابة الخونة.. من طرف خفي يناصرهم ويبرزهم خونة مثلهم مختبئون خلف أقنعة زائفة، هي تمجيد الوطن والحرص عليه والدفاع عن الدولة والجيش، لكن الشرطة مستباحة.. الشرطة ليست من الدولة.. الشرطة هي - في نظرهم - أضعف الحلقات.. السيناريو كما أراه وأقرأه كما يلي:-


الكلمات الخائنة المحرضة على الفوضى والخراب تحت دعوى الاحتفال بخمسة وعشرين زفت، تجد ألف كاميرا وألف حنجرة وعشرات الآلاف من المليشيات الإلكترونية، وتعتمد طريقة العرض على أسلوبين، حسب الصورة الذهنية للجريدة وللمذيع، أما الذين انفضحوا وانكشفوا وأسفرت وجوههم عن فجور ضد الوطن ومستقبله، فهؤلاء معروفون، والتكليف الصادر لهم هو أن يضاعفوا ويكثفوا تلال وجبال الشائعات، والتشكيك في أي إنجاز أو تضحية، ونشر اليأس في صفوف البسطاء، ووضع المقارنات، والتركيز على الغلاء، وأين راحت فلوس قناة السويس!!

أما الذين تراهم ذات مرة وطنيين، ومرات تعجب أن هواهم أمريكي، وقطري، فهؤلاء يعتمدون طريقة مفضوحة، وهي إعادة بث الحملات والشعارات والشائعات التحريضية، في معرض الهجوم عليها بأسلوب المصمصة والتأسف، وعيب مايصحش.

في الوقت ذاته، يخصصون أوقاتا ممتدة، يستضيفون فيها العاهات الاجتماعية وغريبي الأطوار، والملحدين، والعاهرات، والشواذ، وجرائم القتل الشنيعة، ويخوضون بالحناجر والكاميرات في أحشاء غرف النوم، يستعرضون جرائم فجة مثل زنا المحارم.. هل هذا كله صدفة؟!

لا توجد صدفة في الإعلام.. يقوم الإعلام على أهداف محددة مرسومة سلفا وفق أمرين، أولهما المصالح العليا للدولة، وثانيهما مواثيق المهنة، يتوازى ويتقاطع معهما من آن لآخر، مصالح عارضة أو متباعدة لصاحب المحطة أو الجريدة.. تقع الكارثة حقا، حين يخضع المالك بالرضى، وهذا نادر، أو بالمصلحة وهذا غالب، لأهداف خارجية، يراها أنفع له، وأدنى من هواه السياسي أو الديني.

لو تأملت الجرائد على الرصيف السياسي المصري، سترى الخلطة الإسباجيتي هذه.. عنوان يدعم وعنوان يحطم.. عنوان يؤيد وعنوان يضرب في الصميم.. كذلك المقدمات الخطابية أو ما يسمى بالبيان الافتتاحي للبرنامج، ترى الزعماء الجدد في مصر، هبط عليهم الإلهام، وعلى ألسنتهم تصدر الأحكام.. ولما يدخلون في الدور دخولا عميقا، ويدخلهم الدور دخولا لابسا مقيما، تتفلت منهم السموم والأفاعي، ويتحولون إلى أبواق لأسيادهم ممولي جيوبهم بالملايين!

صحف مستقلة، وفضائيات مشبوهة، تركز على جرائم للشرطة، كأن هناك اتفاقا على أن يكثف ضباط حمقى مرضى انتهاكاتهم ضد داعميهم الأساسيين من البسطاء وآحاد الناس في هذا الشهر بالذات، من نوفمبر إلى ديسمبر، وبالطبع، ومع النشر يقع ما يسمى بالتداعي الاجتماعي للظاهرة، ويصبح الضباط على الجملة موضع سخط البيوت.. وهو المطلوب إثباته!

يريدون حرق الوطن مرة أخرى، والغريب أن الدولة تترك الطابور الخائن يرعى في وجدان الناس، بالغش والتآمر والتحريض، وتتخذ من الإجراءات الوقائية ما يجهدها، وما يرسل الانطباع بأن الوطن في مهب الريح، وما كان أغناها لو خرجت على الشعب، صاحب الدولة وحاميها، بقوائم الخونة والقبيضة، في القضية رقم ٢٥٠!

يراهن الخونة على أن يوم تقويض الدولة وشيك، وتراهن ابنة مرسي على أن أباها سيخرج، ويحل محله من عزلوه، وأن الإخوان عائدون، ونحن نراهن على أن الشرفاء الذين انخدعوا بالملايين ونزلوا الشوارع احتجاجا وسخطا على فساد واحتكار في عهد الرئيس مبارك، هم أول من سيقف بالمرصاد لدعاة الهدم والعمالة وتفتيت مصر، فتت الله ريحهم وبعثر كيدهم.

شعب مصر ٢٠١٥ ليس شعب مصر ٢٠١١.
كشفناكم!
الجريدة الرسمية