رئيس التحرير
عصام كامل

«داعش» يعلن ولاية «السجون المصرية».. أعضاء في التنظيم يجندون المعتقلين السياسيين والجنائيين.. محمد سلطان يزعم: التنظيم يستغل عمليات تعذيب المساجين في عملية التجنيد.. والحكومة السبب

فيتو

>> جورج إسحق: أخطر ما يحدث بالسجون وضع الجنائيين مع المعتقلين السياسيين في الزنازين ذاتها
>> خبير أمني: رواية "سلطان" مجرد أكاذيب.. والداخلية ليست غافلة عما يحدث داخل السجون



لم تكن المرة الأولى، وكل الشواهد تشير إلى أنها لن تكون الأخيرة، التي يعمد فيها محمد سلطان، نجل القيادي الإخواني صلاح سلطان، التحريض ضد مصر ومهاجمة الدولة والحكومة ومطالبة العالم باتخاذ إجراءات صارمة وعقابية ضده، وذلك بعد أن أفرج عنه قبل أشهر بموجب جنسيته الأمريكية وسافر إلى واشنطن التي اتخذ منها منصة لفتح النار على مصر.

محمد سلطان الذي قضى نحو عامين داخل السجن في مصر قال إنه تعرض خلالهما إلى التعذيب والحرمان والقسوة بشتى الطرق بعد أن ألقي القبض عليه ضمن مجموعة من النشطاء بالمجتمع المدني وعدد من أنصار جماعة الإخوان، المصنفة إرهابية، في 2013.

المخيف فيما رواه "سلطان" هذه المرة ونشره موقع "ذا إنترسبت" الأمريكي، أنه تحدث عن تحول السجون إلى "مفرخة" لإنتاج الإرهابيين والمتطرفين بزعم تعرض المعتقلين لعمليات تعذيب والقمع فتصبح الحكومات بذلك "مجندة" الإرهابيين وليست الجماعات الإرهابية ذاتها.

"الأنظمة تهيئ بيئة في سجونها توفر للايدلوجيات المتطرفة أرضا خصبة للنمو والازدهار، فالوحشية والفقدان التام للأمل يخلق نفوسًا مستعدة للتطرف، وهو ما يستخدمه اتباع التنظيمات الإرهابية داخل السجون وخاصة تنظيم داعش لتجنيد إرهابيين لصالحهم ونشر رسالتهم"، هكذا بدأ سلطان حديثه عما شهده يحدث بالسجن.

ثم انتقل -على حد روايته- بين مرافق متعددة داخل السجون المصرية طوال العامين اللذان قضاهما هناك، شهد خلالها محاولات عناصر تنظيم داعش الإرهابي تجنيد المعتقلين في صفوف التنظيم على مختلف أطيافهم سواء الليبراليين أو أعضاء جماعة الإخوان والسلفيين أو اليساريين وبعض ممن تعهدوا مسبقًا بالولاء لداعش ذاتها، وكانوا جميعهم مصابون بالإحباط والاكتئاب ما عدا الدواعش الذين كانوا يسيرون –على حد قوله- في السجن كالمنتصرين ويجاهدون داخله لتجنيد أكبر قدر ممكن من الإرهابيين.
وروى سلطان ما رآه داخل سجن طرة، حيث كان محتجزًا بزنزانة تحت الأرض ومعه عشرات السجناء قائلا: يعمل أعضاء داعش هناك على إقناع السجناء بعدالة قضيتهم ودفعهم لاتباع تصرفات عنيفة ضد الدولة والنظام، مؤكدين أنهم لا يعترفون إلا القوة والعنف.

ونقل عن أفراد داعش داخل السجن قولهم: "العالم لا يحترمك بالقدر الكاف الذي يجعله يؤمن بأنك تستحق الديمقراطية، وقادة العالم المسئولين عن قتل أصدقائهم يتبادلون السلام فيما بينهم الآن ويسلحون ويمولون أنظمتهم من أموالكم"، موضحا أن أتباع جميع الفصائل السياسية الأخرى داخل الزنازين مصابون باليأس على عكس الأمل والتفاؤل الذي يتعامل به إرهابيو داعش متحدثتين دائما عن تلقيهم أنباءً طيبة حول تأسيس الخلافة في العراق وسوريا وشبه جزيرة سيناء.

ووسط حجج وبراهين داعش البسيطة التي تثبت للسجناء أن العالم لا يصح معه إلا استخدام العنف، وجد سلطان الأغلبية العامة من المعتقلين حتى من اتباع التيار اليساري لا يملكون حججًا للرد عليهم أو إثبات خطأ ما يقولون وأبعاد ذلك التفكير عن عقول من يستمعون إليه، وهو ما جعل عددا كبيرا منهم بالفعل يتحولون، حتى ولو عقليًا فقط، إلى صبيان جدد للتنظيم.

وتذكر سلطان خلال حديثه سجين يدعى "أشرف"، كان متهمًا بتبني أفكار جهادية وكان –وفقا لشهاد سلطان الابن- يتعرض لمعاملة قاسية بالسجن ولذلك كان سلطان ووالده وبقية السجناء يجمعون له الملابس والطعام لمساعدته إنسانيا، لكنه كان يرفض قائلا لهم "إنه لا يريد التعلق بهم لأنه بمجرد أن يأتي اتباعه إلى مصر فلن يكون قادرًا على حماية المسلمين أمثالهم مما سيحدث".
وادعى "سلطان" أن حراس زنزاته كانوا يسمحون لعناصر من داعش الدخول لمحبسه لإقناعه بأن أي تصرف غير عنيف لا يجدي وأنه لا فائدة من إضرابه عن الطعام، داعين إياه الانضمام للتنظيم الذي سيصبح الحاكم الفعلي لمصر في أقرب وقت.

تجدر الإشارة هنا إلى أن دراسات عدة أكدت أن السجون كانت من أكثر الأراضي خصوبة في مصر لنمو الأفكار الراديكالية للكثير من المتطرفين كسيد قطب الأب الروحي لجماعة الإخوان وأيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة الحالي، وهو ما أكده "شادي حامد" الزميل في معهد بروكينجز وخبير الحركات الإسلامية المعاصرة الذي أوضح أن ما سبق ذكره كفيل بتمكين الجماعات الإرهابية من تحقيق غاياتها في الوقت الذي تحاول فيه الدول مكافحة الإرهاب.

"أخطر ما يحدث بالسجون وضع الجنائيين مع المعتقلين السياسيين في الزنازين ذاتها"، هكذا علق جورج إسحق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، على تصريحات "سلطان"، وتابع "إسحق" بقوله: عدد السجناء الكبير يحول دون فصل الطرفين عن بعضهم البعض، وتصريحات "سلطان" تتحدث عن واقع موجود بالفعل داخل السجون المصرية، حيث ينجح اتباع التنظيمات الإرهابية في تجنيد المعتقلين الذي يشعرون بالظلم والإهانة، مستغلين الظروف التي يعيشون بها داخل السجن، فضلا عن إهمال المسئولين عن مراقبة ما يحدث في الداخل مما يسهم في تفشي تلك الظاهرة.

على الجانب الآخر وصف اللواء فؤاد علام، وكيل جهاز مباحث أمن الدولة السابق، ما ذكره الموقع الأمريكي بـ"الهراء"، أكمل قائلا: لا يوجد دليل على تلك التصريحات ولا حتى على صحتها، وتجب الإشارة هنا إلى أن أجهزة الاستخبارات الأجنبية تستغل المواقع الإلكترونية لبث أكاذيب تنشر الفوضى في المجتمع المصري.

من جانبه أكد العقيد حاتم صابر، خبير مكافحة الإرهاب الدولي، أن رواية سلطان عارية تمامًا من الصحة، مشيرًا إلى أن وزارة الداخلية ليست غافلة عما يحدث بالسجون، كما أنها تتبع نظام تقسيم السجناء حسب فئاتهم قبل وضعهم بالزنازين، وهو ما يعني أن السجناء السياسيين لا يتم وضعهم بذات الزنزانة مع الجهاديين والمتطرفين.

" نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية