رئيس جمهورية الخوف
نخبة من الكتاب، والصحفيين، وأساتذة الجامعات، وعدد لابأس به من خبراء مصريين في مجالات متعدد، اجتمعنا علي حب مصر ، تلفنا هواجس الواقع المؤلم، قال أحدهم للمستشار أحمد الزند : لقد أصبحت في مرمى رصاصات غادرة، قد تنطلق اليوم قبل الغد، فلا غضاضة أن تعين حراسة خاصة لك .. رد المستشار أحمد الزند قائلاً : المؤمن لايهتز إيمانه مطلقا، والمؤمن علي يقين أنه لامهرب ولامنجى من الله إلا إليه، والعمر والرزق بيد الله، والله خير حافظ .
كان رد المستشار الزند كفيلاً بأن يدفع الألسن لتبقى حبيسة الأفواه لاتنطق بجديد فى هذا المجال، ومن يعرف المستشار الزند يدرك أنه أمام قاض مصري بدرجة مواطن بسيط ، يعرف الناس ويعرفونه، يغوص فى أعماق مشاكلهم وهمومهم، يرى أنه ليس في خصومة مع أحد، وأنه سيظل مقاتلا في سبيل الحق مهما كان الثمن.
طوال الأيام الماضية التي اشتعلت فيها معركة السلطة التنفيذية ضد قضاة مصر، وهو علي يقين بأنه وزملاءه من القضاة.. إنما يخوضون معركة مصر لا معركة القضاة، ولم يكن غريباً أن تنطلق المسيرات الشبابية الحاشدة أمام نادى القضاة بوسط القاهرة، وهم يقفون علي عتبات النادي بهتاف أظنه سيظل خالدا " ياقضاة ياقضاة .. خلصونا من الطغاة " .
كان المستشار أحمد الزند يدرك منذ البداية أنها معركة فاصلة بين الحق والباطل، الحق الذي يمثله القضاة، والباطل الذي تحمله جماعة الإخوان المسلمين لمصر تحت شعار «نحمل الباطل لكل الناس» ، والقضاة ناس وأي ناس إنهم ضمير هذه الأمة فمن أرادها بسوء.. بدأ بهم قبل غيرهم ،
إذا اهتز ميزان العدالة فإن كل شيء يصبح لينا،ً طيعاً.. كما وصف مرشدهم جنود مصر بأنهم " طيعون " وهم الذين قال عنهم اعداؤهم: إنهم أشداء، أقوياء، مقاتلون، شرسون، يعشقون الموت في سبيل الحياة الحرة الكريمة.
أرادوا أن يهتز ميزان العدالة، وقد هالهم قوة وصلابة بنيان العدالة، وتماسك القضاة في معركتهم، لم يلينوا، ولم يهنوا، ولم يحزنوا، ولم يمالئوا سلطاناً غاشماً، ولن تنجح محاولات الشيطان الأكبر في تقسيمهم .
أرادوا اغتيال صوت الحق.. فخرج عليهم أحمد الزند أقوي مما كان، وقال قولته الخالدة :« آلاف استشهدوا من أجل مصر فهل نحن أغلى منهم» .. رسالة لن يفهمها جبان، قاتل، خسيس، ومن بينهم سيخرج علينا من يتقيأ عفناً لينال من شرفاء هذا البلد، ولكن الله سيرد كيدهم في نحورهم، ولن يصح إلا الصحيح .
دولة الخوف التى يريدونها لن تبنى إلا في قلوبهم .. دولة الخوف التى خرج أحد أبطالها ممسكا بميكروفون يهدد العاملين بمدينة الإنتاج الإعلامى، محذرا النساء والأطفال، بعدم البقاء، فقد جاء الفارس مع قواته الإسلامية .. جاء غازياً .. جاء ليعرض على سكان مدينة الإنتاج الإعلامى واحدا من ثلاثة: إما الدخول فى الإسلام، أو دفع الجزية وهم صاغرون، أو هى الحرب إذن.. وبعدها سيصبحون من غنائم الحرب.
كان قائد القوات الإسلامية أمام المدينة واحدا من قواد العصر الجديد، وقد سبقه أحدهم ليقتل الكفار أرباب النستو في غزوة الاتحادية، وها هو قد جاء علي رأس جيش يعشق الموت عن الحياة.. تلك هي ملامح دولة الخوف.. دولة مرسي ورفاقه.. دولة الرئيس الذي يتوكل على الله.. دولة المرشد صاحب عظات الجمعة.
دولة الخوف التي يخرج فيها مركز حقوقي ليصف بلطجية بأنهم مجاهدون يجب تكريمهم إذا ما هددوا الناس بأسلحة غير مرخصة، لأنهم مناضلون.. دولة الخوف التى يمارس فيها شيوخهم الكذب باعتباره نضالاً وجهاداً وقتالاً في سبيل الله .. دولة الخوف التى وضعوا فيها قوائم للشرفاء، وبدأوا باغتيالهم واحداً تلو الآخر .
دولة الخوف التي تقبض علي الصحفيين، وتقتل زهورهم.. دولة الخوف لم تحتمل كاميرا الحسيني أبوضيف .. فكسرتها، لكنها لم تستطع أن تكسره .. عاش واقفاً، وترجل واقفاً، ورحل تاركاً سطور الحق تضئ طريق المتعبين فى دولة مرسى.. دولة الخوف التي تغلق الفضائيات، وتكمم الأفواه، وتطارد المعارضين.
دولة الخوف التى أرادوها لنا لم تشيد حصونها إلا في خيالاتهم المريضة .. هم الخائفون اليوم .. الرئيس خائف.. يختفي وسط آلاف من جنود لن يطيلوا عمره لحظة بعد الموعد.. المرشد خائف يمضي بين الناس بكتلة بشرية تحميه من نفسه، قبل أن تحميه من قدر محتوم.. نوابهم خائفون، وقادتهم مرعوبون.
يتحدث رجالهم عن هواجس خطف الرئيس، فهل رأيتم رئيساً يختطف ؟!!
يتحدثون عن قوى أجنبية تستهدف حكمهم، وهم الذين صادقوا الصهاينة والأمريكان أكثر مما صادقهم مبارك .. يتحدثون عن مؤامرات تحاك ضدهم بليل، وهم الوحيدون سكان الليل فى مصر النور.. يتحدثون عن مؤامرات من القضاة، ومن الصحفيين، ومن العمال، ومن الفلاحين، ومن المحامين .. مؤامرات.. ومؤامرات وكأن الشعب كله يتآمر عليهم بليل.
إن دولة الخوف التي يرسمون ملامحها لن تأكل استقرارنا، ولن تبث فينا الرعب، وسيبقي هؤلاء تحت الأرض، حتي لو سكنوا قصور الحكم، وسيظل هذا الشعب عاشقاً للشمس، ولن تنطفئ شمسه أبداً .. سيكتشف الرئيس مرسى أنه ليس رئيسا لمصر، وسيدرك إن آجلاً أو عاجلاً أنه رئيس جمهورية الخوف، وأن جمهوريته التى أرادها لنا ليست إلا وهماً لايزال هو ورفاقه محبوسين فيه.