نص كلمة «السيسي» الثانية في قمة المناخ بباريس
شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، في لقاء دعا إليه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، لبحث ظاهرة التكيف مع آثار التغيرات المناخية، حيث ألقى الرئيس «السيسي» كلمة ثانية خلال الاجتماع عبّر خلالها عن موقف القارة الأفريقية الداعم للتوصل إلى اتفاق ملزم حول تغير المناخ يتسم بالموضوعية ويراعي حقوق كل الأطراف ويقوم على مبدأ المسئولية المشتركة وتباين الأعباء بين الدول المتقدمة والنامية في التخفيف من حدة التغيرات المناخية والتكيف.
ونص الكلمة كالآتي:
أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات،
السيد سكرتير عام الأمم المتحدة،
السيدات والسادة،
أود بداية أن أتوجه بالشكر إلى السيد سكرتير عام الأمم المتحدة.. على تنظيمه هذا الحدث المهم.. ويسعدنى أن أتحدث في هذا اللقاء عن الأولويات الأفريقية.. فيما يتعلق بالتأقلم والتكيف مع التغيرات المناخية.
إن إيلاء الاهتمام اللازم لقضية التكيف مع آثار تغير المناخ.. يعد من المطالب الثابتة للدول الأفريقية.. ومن هنا تأتى أهمية هذا الاجتماع الذي يعكس أهمية تحول النظرة العالمية إلى قضية التكيف وتزايد الاهتمام بها.. بعد سنوات من تراجع هذا الاهتمام.. وذلك في ضوء ما يجب أن يمثله التكيف من مسئولية دولية.. يتعين على العالم أجمع التكاتف للتعامل معها.
ويمثل التكيف مع آثار تغير المناخ، تحديا هائلا بالنسبة للقارة الأفريقية، إذ تمتد تلك الآثار للعديد من المجالات الضرورية للحياة وللنشاط الاقتصادى، وفى مقدمتها المياه والزراعة والصحة والطاقة والبنية الأساسية وحماية السواحل والحفاظ على التنوع البيولوجى، في الوقت الذي تفتقر فيه القارة الأفريقية للموارد اللازمة للتعامل مع كل تلك التحديات، وزيادة معدلات التنمية في الوقت ذاته.
وكما ذكرت في كلمتى اليوم أمام المؤتمر، فقد كشف تقرير صادر مؤخرا، عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة بشأن أنشطة التكيف في أفريقيا، عن أن الدول الأفريقية ستواجه فجوة تمويلية فيما يتعلق بتنفيذها لخطط وبرامج التكيف مع تغير المناخ، لا تقل عن 12 مليار دولار سنويا حتى عام 2020.. تتضاعف بعد ذلك باستمرار.
وإضافة لما سبق، فإن العدالة والإنصاف يقتضيان تقديم كل أوجه الدعم الدولى.. من تمويل وتكنولوجيا وبناء للقدرات.. ونقل للخبرات لمساعدة الدول الأفريقية على مجابهة الأعباء المرتبطة بالتكيف مع تغير المناخ.. لاسيما أن أفريقيا هي الأقل تســــببا في الانبعاثات الحرارية، والأكثر تضررا من تداعياتها، كما أن عدم توصل الجهود الدولية، بقيادة الدول المتقدمة، إلى المستويات المطلوبة.. يزيد من تفاقم مشكلة التكيف ومن أعباء الدول الأفريقية للتعامل معها.
ونتيجة لتلك التحديات، قامت مصر في شهر يونيو الماضى، في سياق توليها مسئولية تمثيل المصالح الأفريقية إزاء تغير المناخ.. على المستويين الرئاسى والوزارى.. بتنسيق جهد قارى لبلورة مبادرة أفريقية للتكيف.. تهدف إلى تعبئة الدعم الدولى لأنشطة التكيف والخسائر والأضرار في أفريقيا.. جنبا إلى جنب مع المبادرة الأفريقية للطاقة المتجددة.. بما يعكس الدور القيادى والفاعل لأفريقيا.. ومساهمتها في الجهود الدولية الخاصـة بالتصــدى لتغيــر المنــاخ، وقد تلقت المبادرتان مؤخرا دفعة كبيرة من جانب لجنة القادة الأفارقة الخاصة بتغير المناخ.
وتهدف المبادرة الأفريقية للتكيف، إلى تعبئة الدعم الدولى لتعزيز الأنشطة ذات الصلة في أفريقيا، حيث تتأسس المبادرة على أربع دعائم رئيسية وهى: تعزيز وتطوير البنية التحتية الخاصة برصد التغيرات المناخية والتنبؤ بها، دعم السياسات والمؤسسات الوطنية ذات الصلة، ودعم وضع وتنفيذ مشروعات محددة وملموسة في مجال التكيف، وتعبئة التمويل والاستثمارات العالمية والمحلية لهذا الغرض.
وتولى المبادرة في هذا السياق، أهمية لتعزيز التنسيق والتعاون الإقليمى، فيما بين الدول الأفريقية بالنسبة لتنفيذ أنشطة التكيف.. لتعظيم المنافع المشتركة، وتجنب وقوع أية أضرار جراء تلك الأنشطة، خاصة أن آثار تغير المناخ بطبيعتها عابرة للحدود.
وفى الختام، أود أن أنتهز هذه المناسبة لأوجه الدعوة لكل الدول والمنظمات الدولية والإقليمية المشاركة معنا اليوم، لتقديم الدعم اللازم لهاتين المبادرتين في مجالى التكيف والطاقة المتجددة، وكذلك دعم جهود الدول الأفريقية للتصدى لتداعيات تغير المناخ بما يحقق الازدهار والرخاء لدول وشعوب القارة الأفريقية.