تفاصيل الكلمة الأسبوعية لشيخ الأزهر.. الطيب: التشيع جزء من خطة هدفها الهيمنة على المنطقة.. «ولاية الفقيه» بدعة شيعية لحل أزمة غياب «الإمام الثاني عشر».. والخلافة تتغير بتغير الزمان
قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر «يرتبط نصب الإمام في فلسفة الشيعة ببعثة الأنبياء، ويقولون أنه إذا كان الغرض من بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبقى الدين الحق بين الناس إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فالعقل في إطار نظريتهم يوجب وجود الإمام بعد النبي-صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه من غير المعقول أن يترك النبي-صلى الله عليه وسلم- الأمة دون أن يحدد لها إمام يبين للناس حقيقة الدين، ويفسره لهم ويفصل لهم مجملاته وكلياته التي تحتاج إلى مفسِّر ومبيِّن؛ لأن الناس لو تُرِكوا وحدهم في مواجهة هذه النصوص المجملة ضلوا وأضلوا، ولابد أن يكون هذا الإمام معصوما؛ لأننا لو افترضناه غير معصوم ما سلم من الخطأ، هذا هو ما يقدم للشباب الآن من دعاة التشيع.
بدعة شيعية
وأضاف في حديثه الأسبوعي الذي سيذاع غدًا الجمعة على الفضائيَّة المصرية عقب نشرة الثانية «إذا سلمنا جدلا – لا اقتناعًا- أنه يجب أن يكون هناك إمام يحرس الدين ويتولى أمور المسلمين، هل يعنى هذا أنه يلزم استمرار أن يكون هناك إمام إلى يوم القيامة ويكون هذا الإمام منصوصًا عليه ومعصومًا، فالشيعة أنفسهم لم يطبقوا ذلك؛ لأنهم قالوا: إن الأئمة تنتهي عند الإمام الثاني عشر، وبالتالي أين تلك النظرية فيما بعد الإمام الثاني عشر؟ ولماذا حصروا الإمامة في هذا العدد؟ وماذا يقولون في أمر المسلمين وحماية الدين بعد هذا الإمام الأخير؟»
وأوضح الإمام الأكبر أنه لم يكن هناك في زمن الأئمة الـ12 ما يسمى بولاية الفقيه ولا وجود لهذه النظرية في مصادر الشيعة القديمة، ولكنها نظرية جاءت لتحل المشكلة والثغرة المنطقية والواقعية التي ظهرت بالقول بأن الإمام الثاني عشر غائب، وأنه لا يوجد إمام منذ 12 قرنا تقريبا ليبين ويفسر أحكام الدين.
وأشار إلى أن الأزهر هو الذي اخترع مسألة التفاهم بين السنة والشيعة أيام أن كان التشيع محصورا في أهله، ولم تكن له دعوات مدعومة داخل أرض أهل السنة كما يحدث الآن، ونحن لا نعترض على المذهب الشيعي للشيعة كمذهب، ولكن نعترض على ترويج هذا المذهب ليسود في مناطق أهل السنة، انطلاقا من منطلقات سياسية بحتة والتي لم ولن تتحقق، فقد باءات محاولات غيرهم بالفشل مع كثرة أموالهم التي تضخ من أجل ما يهدفون إليه، لأنه لا يصح إلا الصحيح، حيث خلق الله الناس مختلفين في أديانهم وعقائدهم ومذاهبهم، مشددًا على أن دعوة التشيع الآن جزء من خطة كبرى هدفها التدخل في شئون الدول والهيمنة على المنطقة، وهو ما نرفضه تماما.
التشريع الإسلامي
وتابع الإمام الأكبر «ما فعله النبي صلي الله عليه وسلم من ترك الناس يختارون الأسلوب الذين يريدونه في اختيار خليفتهم أو إمامهم هو الأفضل، وقول البعض إن مرضه كان شديدًا ومنعه من ذلك، ظاهر البطلان؛ لأنه- -صلى الله عليه وسلم-- كان يتكلم ويدير أمر المسلمين، وذلك أنه حين اشتد عليه المرض قال: "مُروا أبا بكر فليصلِّ بالناس"»
وأكمل «وكان بإمكان النبي أن يأمر ابا بكر بأن يخرج للناس ويُعلن أنه قال له: إنك خليفتي من بعدي، أو إن عليًّا هو الإمام من بعدي، لكن لم يفعل ذلك مما يدل على أنه لم يرد ذلك من الأساس، وإنما أراد عكسه تمامًا وهو عدم تقييد أمته بقانون معين في اختيار رؤسائهم وحكامهم يكون عليهم قيدًا، ويعجزون عن تنفيذه حين تتسع الأمة وتترامى أطرافها ويصبح تنفيذ التعيين عن طريق الوصية أمرًا مستحيلًا، أو شبه مستحيل؛ أو على الأقل يوقع في الحرج الشديد».
وأضاف «وهذا هو أخص خصائص التشريع الإسلامي بإطلاق، سواء كان بنصوص الوحي القرآني الكريم، أو نصوص النبوة المشـرفة، بمعنى أن الأحكام الشـرعية تتميز بميزة المرونة، والقابلين للحركة والتجدد إذا تعلقت بالأمور المتغيرة على الثابتة وفي مقدمتها: الأمور المتعلقة بالسياسة وعلى الأخص: نظام الحكم وشكله وصورته، والعكس صحيح تكون الأحكام الشرعية ثابتة ومحددة وغير قابلة للتغيير إذا تعلقت بالأمـور الثابتة التي لا تتغير وفي مقدمتها: العبادات.. فما كانت صورة العبادات لا تتغير من زمن لآخر، وكانت الصلاة قابلة للتطبيق في عصر الذرة وسُفن الفضاء مثلما كانت قابلة للتطبيق في عصر الصحراء والإبل تمامًا بتمام،»
وتابع شيخ الأزهر «كما عبر عن ذلك باقر الصدر -رحمه الله- فالأحكام المتعلقة بالعبادات ثابتة لا تتبدَّل ولا تتغير، وكذلك مسائل العقيدة، وما كان قطعي الثبوت والدلالة، فكل هذه ثوابت لا تجديد فيها ولا اجتهاد، أما الأمور المتغيرة وفي مقدمتها: النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية..»
واختتم الإمام الأكبر حديثه بأن الخلافة من الأمور التي تتغير بتغير الزمان والمكان. ولو أن النبي -صلى الله عليه وسلم-فرض على أمته صورة واحدة في طريقة اختيار الأمة لحكامها لوقعت الأمة في حرج شديد من أمرها، وتصور لو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استخلف شخصًا معينًا، وأصبح هذا فرضًا على المسلمين أو حتى سُنَّة من السُّنن، ثم تصور وضع العالم الإسلامي والعربي الآن، هل كان يمكن الاستجابة إلى هذا التوجيه النبوي؟ وكيف؟ ومَن يستخلف مَن؟ ومَن يُسلِّم الأمر لمَن؟ وهل يمكن أن ندير ظهورنا للأنظمة الحديثة الآن؟ إذن ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- فعله ليفسح مكانًا للرأي العام في سياسة الناس، وهذا ما حدث في اجتماع السقيفة الذي كان تجسيدًا لديمقراطية لم يعرفها الناس إلَّا بعد عِدة قرون.