المتابعة.. يا ريس
نعلم أن الهموم كثيرة وكبيرة، والتبعة ثقيلة، لكن ثقتنا فيك يا ريس أكبر من هذه الهموم، وأثقل من التبعة التي تحملها على كاهلك.. لنا طلب عندك..طلب واحد..المتابعة يا ريس..نعلم أنها سوف تضيف إلى الهموم همًا، وإلى التبعة ثقلا..لكن، لابد مما ليس منه بد..
المتابعة ضرورية ولازمة لنجاح أي عمل.. من الممكن أن تكون لدينا خطة عظيمة ورائعة، وأن عائدها سوف يرفع المعاناة عن هذا الشعب الطيب..لكن، يا ريس دون متابعة حقيقية وجادة وعلى كل المستويات، لن تتحقق النتائج المرجوة، بل لن يتحقق أي شيء على الإطلاق..الشعب يا ريس ينتظر منك وعلى يديك الكثير..هو يثق في صدقك وطهارة قلبك، كما يثق في قدراتك وكفاءاتك بغير حدود، وأنك قادر على صنع المستحيلات..
ألم تقل يومًا إن هذا الشعب محتاج إلى من يحنو عليه ويربت على كتفه؟ هو يتذكر ذلك جيدًا..لم ينسه..يعلم أن ما يناله من أذى أو عنت من مؤسسة ما أو على يد جهاز ما، هو ضد سياساتك وتوجهاتك، ويسيء إليك قبل أن يسيء إليه..على الرغم من هذا، هناك بعض الخبثاء يروجون بشكل مغرض أن الريس راض عن ذلك، بل هو الذي أمر به، وأنه من غير المعقول أن يحدث في الوطن شيء دون موافقة الريس أو-على الأقل-دون علمه(!)
لكن، اطمئن يا ريس..الشعب أوعى وأذكى مما يتصوره هؤلاء الخبثاء..الشعب يا ريس يعلم أن مؤسسات الدولة بها ثغرات كثيرة، وأجهزتها مترهلة، ويرتع فيها الفساد، وأنك غير راضٍ عنها وتسعى لإيجاد علاج لها، وأن مسألة موافقتك وعلمك بتفاصيل ما يحدث للشعب على يد هذه الأجهزة، أمر خارج المنطق وخارج المعقول..
الشعب يا ريس يعلم أنك تعمل في ظروف صعبة للغاية، ويوقن أن هناك ضغوطًا غير عادية تمارس على مصر من قبل الغرب، خاصة الإدارة الأمريكية ومن يعمل بالوكالة أو بالنيابة عنها.. صحيح أن هذه الضغوط لم تتوقف يومًا، خاصة بعد الثورة على الإخوان والإطاحة بحكمهم، وهو ما أدى إلى فشل المخطط الأمريكى/الصهيونى في المنطقة.. لكن مسألة سقوط الطائرة الروسية في سيناء ووفاة كل من كان عليها، كانت فرصة ثمينة لضرب عصفورين بحجر واحد..العصفور الأول هو مصر، والثاني هو روسيا..
كان موقف الشعب يا ريس عظيما ورائعا.. لقد تصور الغرب أن هذه الضربة سوف تهز مصر ورئيسها وشعبها، وأنها سوف تصيب الجميع بالإحباط، فإذا بالتفاف الشعب حولك يثبت بما لا يدع مجالا لشك غباء من خططوا لذلك.. صحيح يا ريس أن الشعب ليس على المستوى الذي ترجوه، تماسكا، وأداء، وانضباطا، لكنك ترى منه عجبًا، خاصة في أوقات الشدة وفى الأزمات..
أقترح عليك يا ريس إعادة النظر في مؤسسة الرئاسة، من حيث تكوينها وتركيبها ومهامها وقدرات وكفاءات من فيها، وهل هم مناسبون لهذه المهام أم لا، وهل يعملون بإصرار ومثابرة ودأب أم لا؟ المسألة ليست موظفين ومستشارين كثر إلى جوارك يا ريس ثم لا تتم الاستفادة القصوى بهم، بل بكل فرد فيهم.. أهم ما في الأمر هو المتابعة يا ريس.. ثم المتابعة.. ثم المتابعة..
إن هناك توجيهات تصدر منك يا ريس لهذه الجهة أو تلك، فهل هناك من قبلك من يتابع هذه الجهات؟ إنه ليس من المعقول أن تتابع بنفسك كل شيء، وبالتفصيل الممل..ثم أن هذا ليس مطلوبًا، فضلا عن أن وقتك لن يتسع له.. من المؤكد أنك تعرف أشخاصًا قريبين منك، وترى فيهم قدرات وطاقات وكفاءات عالية، وأنك تثق في صدقهم وإخلاصهم ووفائهم ثقة كبيرة..أليس ذلك صحيحًا؟
إذن، لماذا لا يتم توظيف هؤلاء في المتابعة..كل في مجال؟ لو أن هذا حدث، سوف ترى العجب العجاب.. سوف تسد ثغرات هائلة، وسوف تقف على مصائب وبلاوى أكثر من أن تعد أو تحصى..لا تنسى يا ريس أننا شعب لا يعمل إلا إذا شعر بأن هناك من يتابعه عن كثب.. وعندك يا ريس مبدأ الثواب والعقاب.. لماذا لا يتم تطبيقه على الكبير قبل الصغير؟ إن هناك أمورًا كثيرة تحتاج إلى ضبط وربط.. إنك إن فعلت ذلك يا ريس، سوف تنجح في مهامك الكثيرة، وسوف تتحقق الآمال التي ترجوها.. ونرجوها.