رئيس التحرير
عصام كامل

«لجان الأعلى للثقافة» ترفع شعار «مولد وصاحبه غايب».. حلمي النمنم يأمر بإعادة التشكيل.. والإعادة تسفر عن «لا شيء».. استقالات بالجملة من الآثار أبرزها زاهي حواس.. المجاملة

حلمي النمنم وزير
حلمي النمنم وزير الثقافة

"الثقافة" تلك الكلمة التي تعتبرها الدول بمثابة العمود الفقاري لها، وحجر الأساس الذي يبنى عليه الحضارات جميعها، إلا أن الوضع في مصر اتخذ مسارًا مختلفًا عما هو معروف، فعمودنا الفقاري نخرت في عظامه "سوس" اللامبالاة واليأس والمحسوبية وجميع أمراض النفس البشرية المزمنة.


نبذة عن اللجان
ويعتبر المجلس الأعلى للثقافة في مصر، هو الكيان المنوط بهيكلة المسار الثقافي، إلا أن هذا الكيان أصابه العجز والفضائح التي دوت بين أروقته، حيث يتكون المجلس من 3 شعب أساسية تتضمن 27 لجنة تشمل جميع أنواع الفنون والآداب، الأولى شعبة الفنون وتضم لجان السينما، العمارة، الفنون التشكيلية، الفنون الشعبية والتراث الثقافي غير المادي، المسرح، والموسيقى والأوبرا والباليه، أما الثانية شعبة الآداب وتضم لجان الترجمة، الدراسات الأدبية واللغوية، الشعر، القصة، وثقافة الطفل، وتضم الشعبة الثالثة الخاصة بالعلوم الاجتماعية لجان الآثار، الإعلام، الاقتصاد، التاريخ، التربية، العلوم السياسية، الثقافة العلمية، الجغرافيا، القانون، الكتاب والنشر، الفلسفة، علوم الإدارة، علم النفس، علم الاجتماع والانثروبولوجيا.

ويتم تشكيل هذه اللجان كل عامين، لتتضح من هنا معالم الجريمة التي اقترفها المجلس بحق نفسه، فقد كان من المقرر الانتهاء من التشكيل الجديد للجان في أكتوبر الماضي.. ومضى أكتوبر دون الإعلان عنها.

أسماء مغمورة
وأتى شهر نوفمبر الجاري ليحمل ما لا تشتهي السفن، حيث تفاجأ مقررو اللجان بتشكيل فريد من نوعه، لم يمر على تاريخ الوزارة وربما لن يمر مرة أخرى، فأسماء الأعضاء مغمورة، ولا يعرفونهم على الإطلاق، ناهيك عن أن الدكتور محمد أبو الفضل بدران الأمين السابق للمجلس، وضع الأسماء ثنائية، وهو أمر غير مقبول في تشكيل أسماء ومستندات رسمية حكومية.

تشكيل بالمجاملة
وكان هذا الإعلان بمثابة صدمة للمقررين والمثقفين بشكل عام، وفي تصريح سابق للكاتب الصحفي حلمي النمنم، أكد أن تشكيل اللجان الجديدة تضمن عددا من المشكلات الكبيرة، من ضمنها: "أن أحد مقرري اللجان كان رئيس قسم بإحدى الكليات، وقام باختيار أكثر من نصف اللجنة من تلاميذه بهذا القسم، فأصبحت اللجنة لقسم معين بكلية بعينها، بالإضافة إلى أن نسبة الشباب كانت في اللجان قليلة جدا، وكان هناك أعضاء في أكثر من لجنة وهذا لا يجب أن يكون، كما أن العناصر النسائية كانت قليلة، على الرغم من أن "أكثر من ثلث أساتذة الجامعة من السيدات"، وهو إعلان صريح أن التشكيل قام على أساس المحسوبية والمجاملات.

إعادة التشكيل
وعليه.. أمر وزير الثقافة بإعادة تشكيل اللجان مرة ثانية، وقد وصل التشكيل الجديد مرة أخرى إلى المجلس منذ أيام قليلة، ليبقى الوضع على ما هو عليه، فالتشكيل الجديد لم يغير الكثير، وبقيت العيوب في أماكنها تئن من اللامبالاة التي تخيم على أروقة الوزارة.

استقالات بالجملة
لم تكن تلك الفوضى والتشوش بالأمر الهين على أعضاء المجلس القدامى والمخضرمين، لذا شهدت اللجان مجموعة استقالات بالجملة، كان أبرزها في لجنة الآثار التي تولاها في التشكيل الجديد محمد عبد الهادي محمد، حيث استقال الأثري الكبير زاهي حواس، وعبد الحليم نور الدين، وعلي رضوان، اعتراضًا على اسم مقرر اللجنة غير المعروف.

الإطاحة بـالأمين السابق
إضافة إلى أن معظم مقرري اللجان باقون على عروشهم، فلم تطالهم أيدي التغيير بأي شكل من الأشكال، فتلك اليد لم تمتد إلا على أشخاص بعينهم حيث تمت إزالة الدكتور محمد عفيفي الأمين الأسبق للمجلس من لجنة التاريخ، الأمر الذي أصاب الجميع بالصدمة، لثقل اسم "عفيفي" في الساحة الأدبية وتدريس التاريخ.

كساد الموسم الثقافي
وتكمن الطامة الكبرى في أن مصر عليها تحمل ذنب ما تقترفه وزارة الثقافة بحق نفسها وبمثقفيها، لمدة عامين مقبلين، حيث سيقود المشهد الثقافي في مصر أسماء غير معروفة ومغمورة، ليبتعد المثقفون والأثريون عن المشهد ويلتزموا بمتابعة الأحداث عن بعد، الأمر الذي سيؤدي إلى كساد موسم ثقافي كامل نتيجة لتشكيل لا ملامح له.

وعلى الرغم من أن مقرري الشعب واللجان طالبوا في اجتماعهم الأخير، وزير الثقافة والدكتورة أمل الصبان الأمين العام للمجلس الأعلى الحالي، بمحاسبة الدكتور محمد أبو الفضل بدران الأمين العام السابق، على هذا التشكيل غير المفهوم، وأن يتم تقديمه للتحقيق فورًا، إلا أن مطالبتهم لم تلق أي استجابة حتى الآن.
الجريدة الرسمية