رئيس التحرير
عصام كامل

المسكوت عنه في الحرب على داعش


مجلس الأمن يصوت بسرعة على مشروع قرار لمحاربة داعش، ويبدو أنه لم يكن يعرفها من قبل!..وزير الخارجية الأمريكي يقول: علينا التحرك والتعاون لدحر تنظيم داعش.. وزير الخارجية الفرنسي يقول: التعاون الدولي مطلوب لهزيمة الإرهاب..أوباما يقول: أمريكا ستتواصل مع روسيا بشأن ما إذا كانت ستحول تركيزها إلى قتال داعش، وكأن أمريكا كانت جادة ومركزة في محاربة داعش من قبل!


هذه بعض تصريحات تتعلق بالحرب على داعش صدرت عن مجلس الأمن وساسة وقادة دول كبري، وكلها تتمحور حول نية مواجهة هذا التنظيم والقضاء عليه، لذلك تعالوا نعود للوراء قليلا، ونتذكر ما سمي وقتها بالتحالف الدولي الذي شمل 60 دولة تقريبا للقضاء على داعش.. ماذا فعل هذا التحالف منذ أكثر من عام ونصف العام، ولأن الشيء بالشيء يذكر فقد قال أوباما وقتها إن الحرب على داعش سوف تستغرق 3 سنوات وأكثر لتحجيمها، وليس للقضاء عليها، وقد مرت نصف المدة فزاد التنظيم قوة من حيث العدد والعدة، وفرض سيطرته على مساحة تتجاوز 250 ألف كيلو متر مربع، بعد أن كان يسيطر على مساحة لا تزيد على 22 ألف كيلو متر مربع، بما يعني أن التحالف المزعوم سمح له بالتمدد عشرة أضعاف في العراق وسوريا، وكان من لزوم ما يلزم إسقاط السلاح والعتاد عليهم من طائرات التحالف عن طريق الخطأ المقصود!

داعش لعبة سياسية استخباراتية بامتياز تجري فصولها تحت غطاء ديني متطرف، وهي أداة من أدوات الجيل الرابع والخامس من الحروب الحديثة..عصابات وميليشيات في مواجهة جيوش ودول.. بعد هجمات فرنسا وقبلها سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء، وما أثير حول أسباب سقوطها اكتشف العالم فجأة أن إرهابا يهدده ويهدد أمن بلاده، وفجأة اكتشفت هذه الدول أن لديها القدرة على ضرب داعش ضربات موجعة، وأن لديها معلومات دقيقة عن أماكن عناصر التنظيم ومخازن أسلحته وأماكن السيطرة والتحكم عنده، وفجأة تحركت الطائرات والغواصات ومنصات الصواريخ وفين يوجعك يا داعش!

هجمات روسيا الأخيرة حققت نتائج تعادل أكثر من 100 ضعف ما حققته دول التحالف مجتمعة بقيادة أمريكا.. فرنسا ضربت مواقع مؤثرة داخل التنظيم، ومع ذلك ما زال الحديث يدور حول صعوبة القضاء عليه من خلال القصف الجوي فقط، والأمر يحتاج إلى تدخل بري على الأرض، وهذا لن يكون إلا بقوات عربية من الجيش السوري وبقايا الجيش العراقي ومعهم الحرس الثوري الإيراني وقوات حزب الله وما يأتي في الطريق.

الخلاصة أن الوضع لن يستقر قبل سنوات ولن يعود كسابق عهده، وأن الحقيقة هي استمرار دوران مصانع السلاح في أمريكا والغرب، وتضخم فاتورة شراء الدول العربية التي ما زالت تقاوم رياح التقسيم الذي تصر عليه أمريكا وحلفاء الغرب طبقا لخطة التقسيم!

الحقيقة الثانية أن ما تقوله هذه الدول حول صعوبة القضاء على داعش لا يخلو من منطق مقبول، إذ كيف يقضون على التنظيم الإرهابي وهم يمدونه بالسلاح والعتاد من المصانع مباشرة إلى مناطق نفوذه، ويشترون منه البترول المسروق من العراق وسوريا، ويسمحون لتركيا أن تفتح حدودها أمام كل الإرهابيين لدخول الأراضي السورية والعراقية، وكيف يقضون عليه وهم يعرفون من يموله من الدول سواء عربية أو إقليمية، أو من أفراد في التنظيم الدولي للإخوان يعيشون في قطر وتركيا، وكيف يقضون عليه وجرحي التنظيم يعالجون في المستشفيات الإسرائيلية، وكيف يقضون عليه في ظل تنسيق استخباراتي بين إسرائيل وداعش بدليل أنه لم يقم التنظيم بعملية واحدة في إسرائيل من باب ذر الرماد في العيون !

اللعبة سوف تصل منتهاها ولن يتم القضاء على هذا التنظيم الصنيعة إلا بالإجابة عن الأسئلة المسكوت عنها.. لماذا لا تتوقف صفقات الأسلحة الغربية والشرقية التي تصل التنظيم؟ ولماذا لا يفرض حصار يمنع دخول أي تمويل؟ ولماذا لا تتوقف عمليات شراء البترول المسروق الذي يباع من خلال إسرائيل؟ ولماذا لا يعلن عن أسماء دول وأفراد يمولون هذا الإرهاب..لو كانت هذه الدول جادة فيما تقول؟! 
الجريدة الرسمية