رئيس التحرير
عصام كامل

الإرهاب والإعلام صناعة أمريكية خالصة!


الولايات المتحدة الأمريكية هي صانعة الإرهاب في العالم، فهى التي ترعى الجماعات الإرهابية التي تحصد أرواح البشرالأبرياء دون ذنب في كل بقاع الأرض، ورغم ذلك تحاول أن توهم العالم من خلال صناعتها الأخرى المسيطرة عليها وهى الإعلام بأنها بريئة من صناعتها للإرهاب، وأنه صناعة عربية إسلامية، وكانت البداية أثناء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتى بدعوى أنها دولة كافرة وتريد نشر الإلحاد في العالم، وعلى المسلمين أن يقوموا بمحاربتهم وتم تشجيع بعض الجماعات الإسلامية للذهاب إلى أفغانستان للجهاد ضد الكفر والإلحاد، بدعم من الولايات المتحدة التي أمدت المجاهدين بالمال والسلاح، وانتهت المعركة بتفكيك الاتحاد السوفيتى عام 1990، وعاد المجاهدون من أفغانستان إلى بلادهم العربية والإسلامية ليمارسوا العنف والإرهاب داخل هذه المجتمعات.


ثم تبلور تنظيم القاعدة الذي أثار الرعب في العالم على مدى عقدين من الزمان، تحول على إثرها أسامة بن لادن الثرى السعودى إلى أسطورة بواسطة الآلة الإعلامية الأمريكية الجبارة، حيث نسب إليه وتنظيمه أكبر حادثة إرهابية في العالم، وهى تفجير برجى التجارة العالمية بالولايات المتحدة ذاتها في 11 سبتمبر 2001، وباستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا الحربية من صواريخ وطائرات، وهو ما أثار العديد من علامات الاستفهام حول قوة وقدرة التنظيم الذي استطاع أن يخترق أكبر منظومة أمنية في العالم، على الرغم من أن قادته وكما صور لنا الإعلام الأمريكى ذاته يعيشون في الجبال والكهوف في أفغانستان، وقامت أمريكا بإعلان الحرب على تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن بدعوى أنهم المسئولون عن الإرهاب في العالم، ورغم ذلك ظل التنظيم موجودا ومتصدرا للمشهد الإرهابى حول العالم، ويصدر يوميا بيانات يتم تداولها عبر الآلة الإعلامية الدولية أنه المسئول عن كل تفجير يحدث هنا أو هناك.

ومع دخول مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تسعى من خلاله الولايات المتحدة الأمريكية إلى تفتيت وتقسيم المنطقة على أسس مذهبية وعرقية وطائفية، وهو ما يستلزم استخدام ورقة الجماعات الإرهابية لتكون عملية التقسيم والتفتيت من الداخل دون مواجهة مباشرة منها كما حدث في العراق، حيث استغلت الحراك الشعبي داخل بعض البلدان العربية، وهو ما أطلق عليه الربيع العربي، وقامت بدعم الجماعات الإرهابية بالداخل لتمكينها من تنفيذ مشروعها، وهنا اختفى تنظيم القاعدة من المشهد الإرهابى العالمى، واختفى أيضا من فوق المنابر الإعلامية التي كانت تقوم بالترويج له، وهو ما يعنى أن الولايات المتحدة هي التي كانت ترعى هذا التنظيم، وتروج له وعندما انتهت مهمته اختفى من الوجود.

وبدأت الولايات المتحدة كعادتها الاعتماد على القوى الإرهابية القديمة، المتمثلة في التنظيم الدولى للإخوان المسلمين، وعندما فشل هذا التنظيم في تنفيذ مخطط الولايات المتحدة التقسيمى والتفتيتى للمنطقة، بفضل الشعب المصرى وجيشه العظيم الذي أطاح بهم في ثورة 30 يونيو 2013، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بصناعة عدد من التنظيمات الإرهابية الجديدة، وأطلقت يدها بالمنطقة ودعمتها بالمال والسلاح، فسمعنا عن أنصار بيت المقدس بسيناء، وجبهة النصرة وجند الشام بسورية، لكن سرعان ما اختفت هذه التنظيمات سريعا، وقامت بمبايعة التنظيم الإرهابى الجديد والأسطورة التي صنعتها الولايات المتحدة وروجت لها عبر آلتها الإعلامية الجبارة، وهو تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام، والذي عرف إعلاميا بتنظيم داعش، والذي أصبح بعبعا جديدا تخيف به أمريكا العالم أجمع.

ومن المثير للعجب أنه لم يوجد عاقل على وجه الكرة الأرضية تساءل عن كيف تظهر التنظيمات الإرهابية؟! وكيف تختفى دون مقدمات ؟! فكيف لتنظيم القاعدة الذي كانت عملياته ترعب العالم أجمع يختفى من الوجود؟! ولم نعد نسمع عنه أي شيء رغم عدم وجود مواجهة حقيقية لمحاربته والقضاء عليه؟!.

وبعد أن قامت الولايات المتحدة الأمريكية بصناعة داعش بالعراق أعطته إشارة البدء للدخول إلى سورية لتنفيذ مخططها التقسيمى والتفتيتى، بعد أن فشلت التنظيمات الأولى التي كانت تقود العمليات الإرهابية في بداية الحرب الكونية على سورية في تحقيق ما ترجوه أمريكا بفضل صمود الشعب وبسالة الجيش العربي السورى، هنا وجدت أمريكا نفسها في حاجة إلى تنظيم أكبر تقوم بصناعته ودعمه بالمال والسلاح، وتضخمه بواسطة آلتها الإعلامية فكان تنظيم داعش الذي بدأ ينتقل من مكان إلى آخر حتى أصبح الآن هو المسئول الأول عن العمليات الإرهابية التي تتم حول العالم، فما من حادثة إرهابية إلا ويعلن قادة داعش مسئوليتهم عنها فهم يمتلكون أسلحة تتفوق على أسلحة الجيوش النظامية.

والسؤال هنا من الذي أعطاهم هذا السلاح؟! الولايات المتحدة هي أكبر تاجر للسلاح في العالم، ومن مصلحتها استمرار هذا الإرهاب لتستمر تجارتها رائجة، لأن الدول التي يتهددها الإرهاب تسعي إلى شراء السلاح من الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب والدفاع عن نفسها، وإذا توقف الإرهاب ستتوقف تجارتها، وبالطبع الإعلام أحد أهم أدوات الولايات المتحدة للترويج لبضاعتها وصناعتها الإرهابية.

لذلك يمكننا تفسير لماذا لم تتمكن الولايات المتحدة وتحالفها الدولى من القضاء على داعش على الأرض السورية من خلال تدخلها، ولمدة أربعة عشر شهرا كاملا، ولماذا تستخدم آلتها الإعلامية لوقف التدخل الروسي الذي وجه ضربات قاصمة للتنظيم، جعلت الدواعش يفرون من أمام الجيش السورى، وهو ما لا ترغبه الولايات المتحدة فبدأت بتنفيذ عدة عمليات كبرى بواسطة التنظيم سواء بضرب الطائرة الروسية فوق سيناء أو بتفجيرات باريس الأخيرة كى يظل التنظيم فزاعة بيد الولايات المتحدة لإرهاب العالم، لذلك نقول إن الإرهاب والإعلام صناعة أمريكية خالصة، اللهم بلغت اللهم فاشهد.

الجريدة الرسمية