موسم «خنق» مصر.. 42 % من تلوث الهواء سببه «السحابة».. «الصحة» تتهم «الداخلية والبيئة».. «تاج الدين»: دخان «قش الأرز» يسبب الوفاة
بعدما غطت السحابة السوداء سماء القاهرة الكبرى مساء أمس الجمعة بدأ موسم حرق قش الأرز لهذا العام, ورغم خطورة تلك الأدخنة المنبعثة من عملية الحرق، إلا أن وزارة الصحة تكتفي من جانبها بإصدار بعض التعليمات الوقائية للمواطنين، معتبرة مسئولية مكافحته الأولى تقع على عاتق وزارتي البيئة والداخلية!
ففي محافظة الغربية أكد الدكتور «علي الشاهد» وكيل مدرية الصحة بالغربية ومدير الطب الوقائي بالمديرية لـ «فيتو» أن السحابة السوداء تصدر العديد من المشاكل الصحية للمواطنين, فهي تسبب مشاكل تَنَفُّسِيَّة كثيرة بالإضافة إلى ازدياد مرضى الربو الشعبي وأورام الجهاز التنفسي كل عام وخصوصا عند الأطفال وكبار السن.
أما في محافظة كفر الشيخ فقد أوضح عدد من المواطنين أن اشتعال الحرائق في آلاف الأفدنة المنزرعة بموسم حصاد الأرز يهدد بحدوث كارثة صحية وبيئية يدفع ثمنها 3 ملايين مواطن من سكان محافظة كفر الشيخ أكبر المحافظات زراعة لهذا المحصول الحيوي.
وفي الدقهلية قال المهندس «عاطف المنياوي» رئيس جهاز شئون البيئة بالدقهلية أنه لا يوجد خسائر مادية على الدولة من حرق قش الأرز ولكن الاستفادة منه تعد استفادة للدولة, مضيفا: "واستطعنا تقليل الخسائر والاقتراب من القضاء على ظاهرة السحابة السوداء؛ حيث كان حرق قش الأرز هذا العام أقل بكثير من الأعوام الماضية خاصة بعدما أصبح طن قش الأرز يباع بـ300 جنيه مما سبب مكسب للفلاح فابتعد عن إحراقه, ويوجد بالمحافظة 300 مكبس و93 مكبس آلي.
من جانبه أوضح الدكتور «محمود عبد المجيد» مدير مستشفى أمراض الصدر بالعباسية أن التلوث الناجم عن حرق القش يسبب مشاكل صحية حادة، وأنه يؤدي إلى قائمة طويلة من الأمراض بدءًا من الانسداد الرئوي المزمن وحساسية الصدر في أحسن الحالات إلى فشل الجهاز التنفسي في أسوئها.
وأكد الدكتور «محمد عوض تاج الدين» رئيس الجمعية المصرية للأمراض الصدرية أن الاحتراق غير الكامل لقش الأرز يتسبب في إنتاج غاز أول أكسيد الكربون الذي يرفع درجة حرارة الجو، مشيرًا إلى أن اتحاد أول أكسيد الكربون مع الهيموجلوبين يمنع الدم من حمل الأوكسجين لبقية أجزاء الجسم مما يؤدي لضيق الشعب الهوائية، والتسبب في وفاة عدد من مرضى الحساسية.
ونصح «تاج الدين» بارتداء الكمامات في حالة انتشار عمليات حرق القش، مشددًا على ضرورة تغيير الكمامة.
أما الدكتور «حازم المهيري» أستاذ طب الأنف والأذن والحنجرة بكلية الطب بجامعة عين شمس، فأشار إلى أن أضرار حرق قش الأرز كبيرة جدًّا على صحة المواطنين، لافتًا إلى أن العديد من الدراسات أثبتت أن تعرض رئة الإنسان إلى الأوزون الناتج عن حرق الفحم وقش الأرز، حتى ولو كان هذا التعرض للحظات بسيطة، من المكن أن يؤدي إلى تخفيض قدرة ونشاط الرئة.
وأضاف أنه بخلاف أضرار الدخان المتصاعد من جراء حرق قش الأرز على مرضى الربو وحساسية الصدر، إلا أن الأصحاء من الممكن أن يصابوا باحتقان في الحلق, وضيق في التنفس، مشيرًا إلى أن حرق قش الأرز يمثل 42 % من نسبه تلوث الهواء.
وتقول الدكتورة «نادية الطيب» رئيس قسم بحوث تلوث الهواء بالمركز القومي للبحوث أن فشل الجهات المسئولة في تقديم حلول لهذا الظاهرة في هذا التوقيت من كل عام يرجع إلى تباطؤ المسئولين في تطبيق القانون على المخالفين والمماطلة في تقديم الحلول للفلاح، من خلال وعدها له بشراء القش وإعادة تصنيعه كسماد عضوي أو غذاء للحيوانات بعد طحنه في مطاحن الأرز.
أوضح الدكتور «صلاح الدسوقي» الخبير الاقتصادي أن قطاع السياحة هو من أكثر القطاعات الاقتصادية التي من الممكن أن تتأثر بالسحابة السوداء، مشيرًا إلى أن بعض التقارير الاقتصادية التي صدرت خلال السنوات القليلة الماضية كشفت عن تأثر السياحة الوافدة إلى مصر خلال الـ 8 سنوات الماضية من هذه السحابة، ومضيفًا أن الحملات الترويجية «لمصر الخضراء» والتي تسعى إلى جذب المزيد من الاستثمارات سوف تتأثر بالسحابة السوداء.
وأرجع «محمد فوزي» أحد الفلاحين السبب في حرق قش الأرز إلى غياب دور الإرشاد الزراعي في القرية، منوهًا إلى أن هناك تواطئًا مشتركا بين الفلاح والإرشاد والمسئولين عن الوعي البيئي في القرية، وأن هناك صداقة أو صلة قرابة تجمع بين الطرفين تمنع الأخير من تطبيق القانون والغرامات.
وقال «عبده حمد» فلاح وصاحب مزرعة مواشي: "أعمل في تربية الماشية منذ سنوات وأنا أستخدم قش الأرز كعلف رئيسي بعد حقنه بالأمونيا بدلا من شراء الأعلاف المصنعة غالية الثمن خاصة وأنه مفيد للحيوانات (ومفيش حل) من جانب الحكومة كلام وخلاص دون فعل".