رئيس التحرير
عصام كامل

حكمة السيسي.. وتاريخ فرنسا وأوربا الدامي!


لا شك أن هناك خططا ومؤامرات تحاك لتفتيت الوطن العربي، وهذه ليست جديدة بالرغم من محاولات البعض التي ترفض هذا الكلام، ويرددون أنهم ضد فكرة المؤامرة، بالرغم من أن كل الدلائل تؤكدها، منذ الماضي البعيد من عشرات وربما مئات السنين، وهذه ليست رؤية شخصية ولكن كل الأوراق أو الوثائق التاريخية تؤكد تآمر الغرب علينا؛ ليس لأننا الأفضل منه أو أغنى، ولكن لأهمية الوطن العربي لهم، فهناك الخليج وليبيا والجزائر دول غنية بالبترول والغاز وهو ما تحتاجه أوربا وأمريكا، وهناك الموقع الذي حبا الله به مصر وجعلها قلب العالم وأهميتها للدنيا بقناة السويس، كأهم ممر مائي في العالم، وعن طريقه تكمن روح التجارة العالمية بين الشرق والغرب.


ما سبق كان مقدمة للحديث عن كيفية مواجهة القيادة المصرية - السيسي - للمؤامرات التي حيكت للمنطقة وخاصة مصر في السنوات الأخيرة، وخاصة وقوف الجيش في 30 يونيو بجانب الشعب، وصولا إلى التعامل مع حادث التفجير للطائرة الروسية، وردود الأفعال العنيفة من دول الغرب المتربصة بمصر، ورد الفعل الروسي خاصة، والحقيقة كان موقف الرئيس السيسي في منتهى الحكمة، فلم يصدر منه تصريح يدافع أو يتهم أحدا، وبهدوء أعصاب هائلة تحمل كل توابع الموقف كله، محاولا أن يجد مخرجا أو يقلل من الأضرار التي أصابت قطاع السياحة وبالتالي الاقتصاد المصري، باختصار شديد امتاز الموقف للقيادة المصرية - الرئيس السيسي - بالعقل والتأني.

ولكن ما حدث من حملات على الإسلام والمسلمين في أوربا أمر أثارني بشدة؛ لأسباب كثيرة نحاول أن نتعرف عليها سويا، البداية أن ما حدث في فرنسا من فرنسيين سواء حصلوا على الجنسية أو ولدوا في فرنسا، ثم البعض منهم كانوا معروفين للسلطات الفرنسية بالأنشطة المتطرفة، والبعض تم القبض عليه وتمت مراقبته، ولكن السلطات لم تتوقع أن يكون هؤلاء خطرا عليهم وأن خطرهم سيكون خارج فرنسا، وبالتالي ليس مهما، الغريب أن الغرب يفتح أبوابه لكل المارقين والمجرمين، وعندما تقع مشكلة يصرخ من التطرف..

من الذي يربي زعماء التطرف؟.. الغرب!.. أين يختفون من جرائمهم؟.. في الغرب.. هل تذكرون عمر عبد الرحمن الذي هرب من مصر عن طريق السفارة الأمريكية وكان متهما وعلى رأس قائمة من الإرهابيين، ومع ذلك احتضنته أمريكا، وعندما أرادت التخلص منه اتهمته بالإرهاب وألقت به في السجن، وغيره كثيرون، وبالتالي على الغرب ألا يلوم إلا نفسه فهو الممول الأول للإرهاب، ويكفي حمايتهم لجماعة الإخوان الإرهابية، وما يحدث الآن من الهجوم على المساجد بالحرق والتدمير في أوربا أمر غريب ومريب، وخاصة أن هناك مظاهرات تسخر من الملابس والحجاب الإسلامي، وتطالب بإغلاق المساجد نهائيا!

للأسف، على هذه الشعوب الغربية أن تقرأ التاريخ لعلها تفيق من غيبوبتها التي ترى في نفسها النموذج الأمثل وما دونها لا يستحقون الحياة، فهل يعلم سكان أوربا بشكل عام والفرنسيين كيف انتصروا على هتلر في الحرب العالمية الثانية؟.. اعتمدت على جنود من المستعمرات التي تحتلها، فرنسا بالتحديد، كان معظم جنودها من المغرب والجزائر وتونس و...إلخ، ولكنهم لا يذكرون هذا مطلقا!

إنجلترا دفعت بمصر إلى الحرب العالمية، وبالتالي دفعت مصر ثمنا باهظا في هذه الحرب، وتم قصف القاهرة والإسكندرية، وحرب العلمين المشهورة التي تعاني مصر منها حتى الآن؛ حيث تم زرع عشرات الملايين من الألغام يدفع أهالي العلمين وحدهم ثمنها حتى الآن، هل يعلم الفرنسيون أن أساس النهضة العلمية بدأت بسبب فكر ابن رشد، الذي بنى الجامعة الرشدية في فرنسا وكانت قبلة الأوربين؟.. هل يعلم الأوربيون وخاصة الفرنسيين والإنجليز أن الأوربي الذي كان يتحدث أو حتى يعرف اللغة العربية مثقف وعلى درجة مميزة من العلم؟!

هل يعلم أهل الغرب أن حضارة فرنسا قطعت رءوس 400 عالم مسلم أثناء احتلالها تشاد في عام 1917 (المؤرخ محمود شاكر)، وأن الحضارة الفرنسية عندما احتلت مدينة الأغواط الجزائرية 1852 أبادت ثلثي المدينة حرقا وفي ليلة واحدة!.. للأسف تاريخ الغرب أسود معنا، ولا أريد التطرق إلى ماذا فعلت حضارة فرنسا بتجاربها النووية في الجزائر ومقتل عشرات الآلاف بسببها، وزرع ملايين من الألغام (11 مليون لغم) في الأراضي الجزائرية، الحضارة الفرنسية خلال 132 سنة احتلت فيها الجزائر قتلت ما يقرب من عشرة ملايين جزائري، كما قال المؤرخ الفرنسي جاك جوركي.

عفوا أيها الغرب المتحضر.. الإرهاب صناعتكم حتى لو ارتدى ثوبا إسلاميا، حتى لو تحدث العربية، إنه صناعتكم ويتم تحت أعينكم؛ ظنا أنه لن يصيبكم، ولكن الحق أن بضاعتكم ردت لكم.. وتاريخكم معنا أسود، والإسلام بريء من الإرهاب حتى إن قال إنه مسلم!
الجريدة الرسمية