رئيس التحرير
عصام كامل

مكر الله في مصر!!


بينما كانت كل مؤشرات الأحداث تتجه إلى ضغط متصل على القرار المصري، شاء ربك الكريم أن ترتد الطعنات لمن أرسلها، ولنعلم من جديد، وطول الوقت أن مصر محفوظة بإذن الله، ومحاطة بسياج من التماسك بين شتى أطيافها السياسية والاجتماعية.


بدأ الأسبوع باللطمة الإنجليزية التي انطوت على جليطة باردة، وقت أن كان الرئيس هناك في لندن، وسط مؤتمر صحفي، وسقطت الطائرة الروسية، ومع حالة النواح الوطني على تراجع معدلات السياحة إثر القرار البريطاني، بسحب الـ٢٥ ألف سائح بريطاني فورا، والقرار الروسي بسحب السياح الروس وعددهم ٨٥ ألفا، مضى المصريون يلوكون حديث المؤامرة الغربية ضد مصر وأحزنهم أن بوتين صار ضالعا فيها!

وتفاقمت مشاعر المرارة من تقلبات بوتين، من وجهة نظر النواحين، مروجي نظرية أن العالم كله يتآمر على مصر، حين منع رحلات شركة مصر للطيران؛ بسبب الشك في سلامة الإجراءات الأمنية!

ما لم نفهمه، هو بالضبط ما فهمه الرئيس السيسي، فقد الروس أرواح ٢٢٤ مواطنا، فيهم ثلاثة من أوكرانيا، ومن واجب المسئول الأول في أي بلد حماية شعبه والدفاع عنه، واتخاذ كل الإجراءات لضمان سلامة شعبه في الداخل وفي الخارج، ولعل إدراك الرئيس السيسي لهذه النقطة، هو ما نزع أي مشاعر سلبية كان يمكن أن تترك بصمات سوداء على علاقة تنمو بسرعة الصاروخ!

وبينما كان العالم مشغولا هنا وهناك، وقع عمل إرهابي خسيس لداعش في برج البراجنة بالضاحية الجنوبية؛ انتقاما من مشاركة حزب الله للرئيس السوري بشار الأسد، في الحرب على الخونة من المعارضة، والقتلة من الإرهابيين، وهؤلاء عبارة عن تشكيلة متكاملة من الأفاعي، منها جبهة النصرة وهي الفرع السوري للقاعدة، وأحرار الشام، وخراسان، وغيرها.

بعدها استيقظت الدنيا على ١٣ نوفمبر الدامي في قلب باريس؛ حيث وقعت ستة انفجارت متزامنة أودت بحياة ١٥٣ شخصا ما بين شباب ونساء وأطفال، وجرح ٣٥٢ آخرين، ١٠٠ منهم في حالة حرجة، ومع التفجيرات الست، انقلبت المائدة رأسا على عقب، فقد توارت أدوات ومظاهر التجريس الدولية، ضد القاهرة، وانهمك القوم في المصيبة التي أعادت إلى الأذهان تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر في واشنطن ونيويورك.

وبينما كان الغرب يشن حملة شعواء شنعاء على التدخل الروسي في سوريا، إذا بالغرب يتراجع، وتنحسر المعارضة السقيمة لأمريكا وغيرها لفكرة وجود الأسد، ويتفق الجميع على أن داعش هو العدو الأول، فضلا عن اتفاقهم على عملية انتقال سياسي في البلاد!!

ومن عجائب المصائب في أرض العمليات السياسية والعسكرية على السواء، أن يتحد الروس والفرنسيون في مواجهة داعش، تحت شعار أنهما معا حليفان!

استفادت سوريا إذن من مصيبة التفجيرات الست في باريس، وخرج الأسد قويا من اجتماعات فيينا ٢، وكانت القاهرة تتابع التغيرات المتسارعة من حولها حين انعقد مجلس الدفاع الوطني برئاسة الرئيس، وفي اليوم التالي مباشرة أعلن الكرملين أن قنبلة أسقطت طائرة الركاب الروسية، ما تصور كثيرون أن دورة انقلاب بوتين على مصر صارت بلا نهاية!!

فهل فعل بوتين ما فعله ديفيد كاميرون، بإحراج مصر أمام العالم؟!

مرة أخرى تمتد يد العناية الإلهية لتحمي الدولة الموعودة من السماء، ويتواصل السيسي وبوتين ويتفقان على العمل سويا في محاربة الإرهاب والتعاون في مجال المعلومات!

يمكرون بمصر، لكن مكر الله أشمل وأعمق.
الجريدة الرسمية