وحكومتنا تُحاط علمًا!
لو كنت ممن ابتلاك الله بالتدقيق في البيانات الرسمية، وإدراك الفرق بين المبني للمجهول ودلالته والفاعل ومعانيه ربما أدركت أن هناك مصيبة حدثت في إعلان روسيا أن الطائرة المنكوبة سقطت بسبب قنبلة مكونة من «التي إن تي».
المصيبة ليست في الحادثة نفسها قدر دلالتها التي ظهرت واضحة من خلال بيان مجلس الوزراء الذي خرج بعد 5 ساعات أو أكثر ليقول كلامًا لا يضيف جديدا لكنه يحمل الكثير.
في بداية البيان قالت الحكومة «أُحيطت الحكومة المصرية علمًا اليوم بنتائج التحقيقات التي أجريت روسيا » ثم أكملت لتعرب عن أسفها عن وقوع ضحايا وباقي الديباجة الرسمية.
مبدئيًا حكومتنا تُحاط علمًا وليست طرفًا في التحقيقات رغم أن الحادثة وقعت على أرض مصرية، واللجنة المشتركة مفترض أن يكون بها مصريون وعلاقتنا مع روسيا على أفضل حال لكننا نُحاط علمًا «ها واخد بالك»، وهو ما يعني عدم وجود أي اتصالات روسية مع الجانب المصري وربما يكون ذلك تفسيرًا لتأخير الحكومة المصرية في الرد.
إحاطتنا علمًا لها أيضًا مدلول آخر وهو أن روسيا لا ترانا طرفًا مهما في القضية ستحقق هي وترصد مكافآة لمن يدلي بمعلومات وسنعلم مثلنا مثل غيرنا، التحرك المنفرد من القيصر الروسي له دلالاته في هذا الوقت الحرج، الحادثة كارثة في تاريخ روسيا لكنها إشارة أن وقت الجد لا قيمة لنا كثيرًا في الحسابات العالمية.
الإحاطة بالعلم التي أحيطت بها الحكومة وهي مجتمعة في شرم الشيخ ولم تتحدث لأكثر من 5 ساعات تقودنا أننا أمام حكومة موظفين رغم ما تملكه من صلاحيات لكنها لم تدل بتصريح واحد ناهيك عن وزير الطيران الذي أكد أن نتائج التحقيقات لم تصل بعد ليؤكد للعالم أجمع ووكالات الإعلام التي نشرت الخبر أنه لا يوجد أي تنسيق حكومي، لكن نعود إلى الأصل ونسأل لماذا سكتت الحكومة هل كانت في انتظار تعليمات الرئاسة أي تُحاط علمًا بما ستقول؟
الإعلام الرسمي للدولة أيضًا انتظر الإحاطة بالعلم فلم يتحدث التليفزيون الرسمي عن شيء، لم يخرج لنا عبر قنواته بتصريح واحد من أي مسئول في الدولة إلا بعد بيان مجلس الوزراء، أما وسائل الإعلام غير الرسمية فانطلقت تتناول الحدث مستخدمة كل الحيل الصحفية وكل الكلمات الممكن استخدامها حتى لا يصدر لها أي أوامر أن تتوقف حتى تحاط علمًا.
دولة الإحاطة على أية حال غير مجدية، وأن يمر موقف روسيا دون تحديد المشكلة وحلها بعيدًا عن المهاترات ونظرية المؤامرة التي يقودها العالم علينا أمر واجب، وأن يكون هناك أصحاب فكر في مؤسسات الدولة تستطيع التحدث بكل وضوح هو النجاة الوحيدة.