رئيس التحرير
عصام كامل

قدر مصر!


قدر مصر أن تخوض الحرب على الإرهاب نيابة عن العالم، وتتحمل تكلفته الباهظة، وبدلا من أن تجد المساندة الواجبة من الدول التي ليست بعيدة عن مخططات الإرهابيين.. تتآمر عليها، وتثبت أنها من يرعي الإرهاب الذي يحقق أهدافها في إثارة الفوضي داخل كل دولة عربية.. وتقسيمها إلى عدة دول في نهاية المطاف.


وليس سرا يذاع أن جماعة الإخوان الإرهابية وجماعات الإسلام السياسي التي اغتالت الرئيس السادات، تنطلق من بريطانيا التي تتبني مواقفها وتوفر لها الحماية.. وتسخر أجهزتها السياسية والإعلامية لخدمة أهداف تلك الجماعات.

وليس غريبا أن تتخذ بريطانيا قرارها بسحب مواطنيها من شرم الشيخ.. وإيقاف الرحلات السياحية، لأنها تسعي إلى ضرب السياحة في مقتل، بحجة عجز مصر عن حماية السياح، بعد حادث الطائرة الروسية المنكوبة، رغم أنه لم يصدر تقرير رسمي يوضح الأسباب الحقيقية للحادث.

قدر مصر ألا تحارب الإرهاب وحده، وإنما تتصدي للمؤامرات الأجنبية، التي لا تريد لها ألا تستعيد دورها المؤثر في قضايا أمتها العربية.. وألا تتدخل في محيطها الأفريقي.. وألا تسعي لأن يكون لها دور عالمي فعال.. وأن تتوقف عن سياساتها التي ترفض التبعية وتتمسك باستقلال قرارها.. مالا يرضي أمريكا والدول الأوربية التي تريد لمصر أن تنغلق داخل حدودها.

المؤامرات على مصر لم تبدأ اليوم.. ولن تنتهي غدا، والتاريخ يذكرنا بأنه عندما حاول محمد على إقامة جيش قوي يحمي أراضيها ويحقق الانتصارات خارج حدود الدولة، تآمرت عليه الدول الأوربية وقضت على مشاريعه التوسعية، وعندما استعاد جمال عبدالناصر الدور الريادي لمصر في محيطها القومي ودائرتها الأفريقية، كان لابد أن تحاك ضده المؤامرات ويجبر على التقوقع داخل حدود بلاده بعد هزيمة عام ٦٧ أمام إسرائيل.

وعندما حققت مصر انتصارها على إسرائيل عام ٧٣ تحت قيادة الرئيس السادات الذي كان يعتقد أنه في مأمن من المؤامرات الأمريكية والغربية، بعد أن طرد الخبراء السوفييت وأقر بأن ٩٩٪ من أوراق اللعبة في يد أمريكا، كما كانت ثقته بلا حدود في جماعة الإخوان التي أعاد إليها الروح لكي تتولي «تأديب» اليساريين الذين يعارضونه.

وسقط رهانه بعد أن تخلت عنه أمريكا.. وقتل بأيدي أعضاء جماعات الإسلام السياسي.

وسار حسني مبارك على طريق السادات في انحيازه لأمريكا والدول الغربية، وسمح لجماعة الإخوان بالمشاركة في السياسة، وقامت سياسته على أن تنغلق مصر داخل حدودها.. وألا تسعي لأن يكون لها دور في عالمها العربي أو الأفريقي.. ولم ترض تلك التنازلات أمريكا التي طالبته بالمزيد.. أن يتنازل عن سيناء لتوطين الفلسطينيين لإنهاء المشكلة الفلسطينية إلى الأبد.. وليتحقق الأمن لإسرائيل على حساب الشعبين المصري والفلسطيني.. بعد أن يعاد ترسيم الحدود. ولم يكن بمقدور مبارك الذي قاد الطيران المصري في حرب ٧٣ أن يتنازل عن الأراضي المصرية وإن لم يستطع مواجهة الفساد..

ثار الشعب المصري على مبارك بسبب الفساد الذي استمر طوال حكمه.. وإصراره على توريث الحكم لولده.

وعندما ركبت جماعة الإخوان الموجة الثورية في يناير ٢٠١١، وتم خلع مبارك ونظامه.. وتمكنت الجماعة من القفز على حكم مصر.. ووافقوا على كل المخططات الأمريكية والأوربية لإعادة ترسيم الحدود.. وبالغوا في الاحتفاء بإسرائيل، أدركت أمريكا والدول الغربية أن مخططاتها لن تتحقق إلا في ظل حكم الإخوان.. الذين أظهروا استعدادا للتنازل عن الأراضي المصرية، لأن عقيدتهم تتعارض مع مبدأ الوطنية وتسعي لإقامة دولة الخلافة.

أسقط الشعب حكم الإخوان بعد عام واحد من وصولهم إلى الحكم.. وعادت مصر لتستعيد دورها القومي والعالمي.. وهو ما لن ترضي عنه أمريكا وأوربا وستستمر المؤامرات.. وهذا قدر مصر أن تواجه حروب الداخل والخارج.
الجريدة الرسمية