عن الانتقام الأمريكي من روسيا وفرنسا!
لو كان ضرب فرنسا بسبب موقفها من الإرهاب في سوريا، فلماذا لا تهاجم داعش بريطانيا أو تركيا مثلا؟.. وإن كان ضرب فرنسا لأنها أعلنت تكثيف هجماتها قبل أسبوع، فالحادث الذي جرى يحتاج شهرا على الأقل لترتيبه وتنظيمه وتهريب أسلحته وتزوير أوراقه، واستئجار شقق والهروب من الرقابة، وإعداد أماكن للهرب وللتدريب وأماكن أخرى محتملة للاختباء في حالة نجاح المهمة مع القدرة على الفرار!
إذن.. لماذا فرنسا؟.. ولماذا فرنسا بعد روسيا؟.. ولماذا التهديدات لهما لا تتوقف؟.. ولماذا باريس خلال أشهر بعد مذبحة "شارل إيبدو"؟.. ولماذا روسيا مع فرنسا؟.. يحاربون روسيا في أوكرانيا ففشلوا.. فحاصروها اقتصاديا وفشلوا.. فتآمروا على أسعار النفط وفشلوا.. فجاءهم بوتين إلى سوريا ففقدوا صوابهم وانطلقت التهديدات في كل اتجاه!
ويبقى السؤال الكبير: لماذا روسيا وفرنسا؟.. ما الذي يربط بينهما؟.. ما الذي يجمعهما معا ولا يجمعهما بغيرهما؟.. نقول:
من صنع داعش يحركها ويحدد اتجاه عملياتها.. وفي 25 نوفمبر من عام 2014 - قلنا هذا الكلام بعد شارل إيبدو مباشرة - هدد "يوسي جال" السفير الإسرائيلي في فرنسا، وبوقاحة، وفي لقاء مع جمعية الصحافة الفرنسية، تهديدا صريحا ومباشرا لفرنسا، وقال ما يعني أنه إما أن تسحب فرنسا - البرلمان الفرنسي تحديدا - مشروع دعمها للدولة الفلسطينية المستقلة أو تنتظر إرهابا لا يتوقف.. وبعد أيام من التهديد كانت شارل إيبدو!!!
ماذا فعلت فرنسا من يومها؟.. منحت مصر الرافال، وهي الطائرة التي أنهت أسطورة الـf 16 الأمريكية نهائيا، وهي طائرة متكاملة المهام وليست متعددة المهام، وهي اعتراضية ومقاتلة في نفس الوقت، وهي تنهي تماما ولأول مرة التفوق الجوي الإسرائيلي، ولذلك قال تقرير القناة الثانية الإسرائيلية، ليلة احتفالات أكتوبر الماضي، إنه ولأول مرة يتفوق الجيش المصري على الإسرائيلي في الترتيب الدولي، وكان ذلك قبل أن تصل "ميسترال" حاملة الطائرات الرهيبة، صاحبة الـ22 ألف كيلو متر إبحار، وباقي إمكانياتها الكبيرة، وبعد الاتفاق النووي الإيراني الأمريكي، قلنا إن فرنسا ستكون صاحبة النصيب الأكبر من المشروعات الإيرانية، وكان الرئيس الإيراني في زيارة فعلا لفرنسا هذا الأسبوع وأُلغيت أمس!
أما روسيا فتقف في المعسكر المناوئ للمخططات والطموحات الأمريكية، التي هي الواجهة للمنظمات الصهيونية ومخططها في تفتيت المنطقة؛ تمهيدا للشرق الأوسط الصهيوني.. وهي تقف في الخلف تخطط وتدير وتراقب وتستفيد، ولا تدفع أي ثمن طالما هناك أغبياء يتبرعون بدفع الثمن كله!
عملاء الداخل يقفون في الصف الأمريكي.. يسخرون من آلام بلادهم ومن أفراحها أيضا، ويعملون كأدوات هدم في كل الاتجاهات وفي كل المجالات، مهما قالوا أو حتى اعتقدوا في غير ذلك، ولا نقصد بذلك معارضي النظام - نكرر لا نقصد المعارضين، فمنهم شرفاء يريدون إصلاح سياسات عديدة - إنما نقصد المترصدين المتربصين السائرين في اتجاه واحد لا يرون غيره ممن لا يرون أي إيجابيات، ولا يرون إلا السلبيات يبحثون عنها وينشرونها ويتحملون النصيب الأكبر في مهمة نشر الشائعات والأكاذيب والإحباط، وهي مهمة غير شريفة ولا مقدسة، وإنما خسيسة وحقيرة!
الآن.. تتزايد مهام الشعب المصري الذي عليه أن يقف صفا واحدا، فما كنا نقوله قبل فترة وكان غيرنا يسخر منه -جزء من المهمة السخرية من كل شيء - بات الآن واضحا جليا ولا مكان ثالث.. إما مع الوطن وإما ضده.. فاختر الآن أين تكون؟!