«إرهاب ع النت».. التنظيمات المتطرفة تستغل شبكات التواصل في تجنيد الشباب.. «فيس بوك» و«تويتر» و«إنستجرام» أدوات «داعش» في التنسيق لتنفيذ العمليات الإره
لم تعد الجماعات الإرهابية، في حاجة إلى الانتشار في الجامعات وأماكن تجمع الشباب، حتى تستطع نشر أفكارها المتطرفة، وتبث سمومها في عقولهم، فقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي، الوسيلة الأكثر فاعلية في نشر أفكار الجماعات المتطرفة بين الشباب، وتجنيدهم للقيام بعمليات إرهابية.
تستغل هذه الجماعات، كل نقاط الضعف المحيطة بالشباب، من العزلة التي يعيش فيها الشباب، وفشل اندماجهم في المجتمعات الجديدة، والبطالة واليأس.
لا تقتصر هذه الجماعات على التيارات الإسلامية المتطرفة، بل تمتد للمنظمات المتطرفة التي تدعو إلى العنف، سواء كانت يمينية أو يسارية في مختلف دول العالم.
يجهل الكثير من العامة، كيفية تجنيد "تنظيم الدولة الإسلامية" داعش، باعتباره أحدث التنظيمات الإرهابية على الساحة العامة، وربما الأكثر دموية ووحشية على مر العصور، وهو ما جعل العديد من الباحثين يعدون الدراسات حول وسيلتهم في تجنيد الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن أشهر هذه الدراسات، الدراسة التي جاءت بعنوان "القوى الخفية لداعش في الإعلام الجديد"، والتي أعدها فريق بحثى من جامعة الملك سعود.
وكشفت الدراسة أن تنظيم "داعش"المتطرف قد كسب أعدادا كبيرة من المنتمين له ممن يحملون جنسيات غربية أو شرق آسيوية جراء سياسته في مواصلته لنشاطه الإعلامي من خلال العمل في المدونات والتي تلقى رواجا وإقبالا في عدد من الدول المستهدفة، ومن أهمها مدونات باللغتين الروسية والإنجليزية؛ إذ تقوم الهيئة الإعلامية للتنظيم بترجمة الإصدارات الإعلامية إلى لغات أجنبية عديدة، كالإنجليزية والفرنسية، والألمانية، والإسبانية، والأوردو، وغيرها إضافة إلى مجلات بلغات متعددة وهو ما أكسبه الكثير من الأفراد من مختلف الجنسيات.
وركزت الدراسة على المجتمع السعودي، مشيرة إلى أن التنظيم بات يستهدف الشباب السعودى عبر غرف الدردشة لعلمهم بأنهم يقضون معظم وقتهم على "الإنترنت"محاولين تجنيدهم في صفوف الإرهابيين بالإضافة إلى قيامهم باستغلال موقع "تويتر" لمناقشة أحدث القضايا على الساحة الفكرية والإسلامية ومنها حث العامة على المشاركة في المظاهرات بنية الجهاد مع استغلالهم للمرأة وتوظيفها في نشر أطروحاته الشاذة لتحريكها بشكل أفضل وسط المجتمعات.
وحول كيفية تجنيد الشباب بشكل عام من قبل تنظيم "داعش"، أشارت الدراسة إلى أن التنظيم يلجأ إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعى "تويتر- فيس بوك- إنستجرام" لتدبير الهجمات الإرهابية وتنسيق الأعمال والمهام لكل عنصر إرهابى بلغة مفهومة لهم وغالبا تكون عبارة عن رموز لها دلالات معينة، كما أوضحت أن عناصر "داعش"يلجئون إلى الحصول على المعلومات للمنشآت التي يسعون إلى استهدافها من خلال شبكة الإنترنت حيث إن 80% من مخزونهم المعلوماتى معتمدا في الأساس على مواقع إلكترونية متاحة للكل دون خرق لأى قوانين أو بروتوكولات الشبكة.
وأكدت الدراسة، أن تنظيم "داعش" لديه فريق من الخبراء التقنيين مهمتهم الرئيسية تتمحور حول اختراق البريد الإلكترونى للآخرين وهتك أسرارهم والاطلاع على معلوماتهم وبياناتهم والتجسس عليها لمعرفة مراسلاتهم ومخاطباتهم والاستفادة منها في عملياتهم الإرهابية.
وبينت الدراسة أن هذه الطريقة باتت وسيلة سهلة وآمنة للتواصل بين الإرهابيين وتبادل المعلومات فيما بينهم والتخطيط لعملياته كما يستخدمونها أيضا لدى بعض المتطرفين دينيا أو سياسيا في نشر أفكارهم والترويج لها وكسب تعاطف الآخرين كما يقومون أيضا باختراق البريد الإلكترونى للآخرين لتتبع مراسلاتهم والاطلاع على بياناتهم وأسرارهم للاستفادة منها في التخطيط لعملياتهم الإرهابية وقد تحولت وسائل التجسس من الطرق التقليدية إلى الطرق الإلكترونية خاصة مع استخدام الإنترنت وانتشاره عربيا وعالميا.
ووفقًا لهذه الدراسة، فإن التخطيط والتنسيق للعمليات الإرهابية يتم بواسطة الشبكة العنكبوتية "الإنترنت" والتي تعتبر وسيلة للاتصال بالغة الأهمية بالنسبة لـ"داعش"حيث تتيح لهم حرية التنسيق الدقيق لشن هجمات إرهابية محددة وبالطبع استخدام لغة معينة أو رموز ذات دلالات خاصة يسهل لهم مهمة التواصل دون سقوط أعضاء التنظيم.
وتوصلت الدراسة إلى أن الأعداد الكبيرة للمجندين في صفوف "داعش" جاءت عن طريق التعبئة وتجنيد إرهابيين جدد عبر الشبكة العنكبوتية إذ أن ذلك يعتبر أهم غرض لهم ليقينهم التام بأن استقدام عناصر جديدة داخل المنظمات الإرهابية، يحافظ على بقائها واستمرارها حيث يواصل التنظيم نشاطه الإعلامي من خلال العمل في المدونات، ومن أهمها مدونات باللغتين الروسية والإنجليزية؛ إذ تقوم الهيئة بترجمة الإصدارات الإعلامية إلى لغات أجنبية عديدة، كالإنجليزية والفرنسية، والألمانية، والإسبانية، والأوردو، وغيرها وهو ما أكسبه الكثير من الأفراد من مختلف الجنسيات.
وأفادت الدراسة بأن التنظيم يسيطر على عدد كبير من المواقع والمنتديات الإلكترونية، التي تحتوى على مكتبة هائلة وواسعة تختص بالأيديولوجيا والخطاب وآليات التجنيد والتمويل والتدريب والتخفى والتكتيكات القتالية وصنع المتفجرات وكل ما يلزم "الإرهابيين" في عمليات المواجهة في إطار حرب العصابات وسياسات الاستنزاف.
وأوضح الفريق البحثى أن عناصر "داعش"يقومون بإنشاء وتصميم مواقع لهم على شبكة المعلومات العالمية الإنترنت لنشر أفكارهم والدعوة إلى مبادئهم بل وإلى تعليم الطرق والوسائل التي تساعد على القيام بالعمليات الإرهابية فقد أنشأت مواقع لتعليم صناعة المتفجرات وكيفية اختراق وتدمير المواقع وطرق اختراق البريد الإلكترونى وكيفية الدخول على المواقع المحجوبة وطريقة نشر الفيروسات وغير ذلك.
وفيما يتعلق بالآلية التي يسير عليها "داعش" في الحصول على التمويل المالى فقد أكدت نتائج الدراسة أن "الإنترنت" يعد الوسيلة الناجحة للتنظيم في كسب المال وذلك من خلال ما وفرته الشبكة من وسائل رخيصة وسريعة وأقل مخاطرة للمرسل والمستقبل تتمثل في استخدام نظام M-payment وبعض خدمات الدفع بالهواتف المحمولة لنقل الأموال إلكترونيا.
ويسعى قادة التنظيم إلى المضى في الحصول على التمويل المطلوب عبر عدة طرق متفرقة وليست مقصورة على جانب واحد ويتمثل ذلك أيضا بالجهود التي يقومون بها للعثور على بيانات إحصائية سكانية منتقاة من المعلومات الشخصية التي يدخلها المستخدمون على الشبكة من خلال الاستفسارات والاستطلاعات الموجودة على المواقع الإلكترونية في التعرف على الأشخاص ذوى القلوب الرحيمة ومن ثم يتم استجداؤهم عبر فريق نفسى لدفع تبرعات مالية لأشخاص اعتباريين يمثلون واجهة لهؤلاء الإرهابيين الذين – غالبا – ما يتخفون عبر مؤسسات خيرية واجتماعية في بعض الأماكن ويتم ذلك بواسطة البريد الإلكترونى بطريقة ماكرة لا يشك فيها المتبرع بأنه يساعد إحدى المنظمات الإرهابية مبينة بأن التنظيم قد تضخمت قدراته المالية منذ سيطرته على الموصل ويقدر رأس مال التنظيم بنحو 2 مليار دولار وباتت مصادر تمويله متعددة وواسعة.
وبعيدًا عن هذه الدراسة، أعدت صحيفة نيويورك تايمز، تقريرًا يفيد بأن حسابات داعش في مواقع التواصل الاجتماعى تبلغ 46 ألفا. وعدد التغريدات المبعوثة منها تصل إلى 200 ألف أسبوعيا. ويضيف التقرير أن إدارة موقع تويتر تزيل أسبوعيا 2000 حساب يشتبه أن له صلة بالتنظيم، بحسب صحيفة.
ومن وسائل "داعش" في دعوة الشباب للتطرف، مؤسسة إعلامية اسمها "الحياة ميديا" باللغة الإنجليزية، تشرف على حملة الدعاية للتنظيم، وتتضمن: عدة حسابات على موقع تويتر بمختلف اللغات، وأيضا مجلة "دابق" باللغة الإنجليزية، التي تصدر بشكل شهري، ومؤخرا أطلق التنظيم "وكالة أعماق" الإخبارية.
ساهمت، هذه الطرق الدعائية، في اجتذاب نحو 16 ألف مقاتل انضموا لداعش من 90 دولة، حتى نهاية عام 2014، وفق التقرير السنوى حول الإرهاب الذي تصدره الخارجية الأمريكية.
وحول دور مواقع التواصل الاجتماعى في تجنيد الشباب، أعدت الباحثة سلمى العليمي، تقريرًا، خلص إلى أن "داعش" حقق نجاحًا ملحوظا في احتكار ساحات مواقع التواصل الاجتماعى على مستوى التجنيد والاستقطاب والترويج إلى جانب حجم التهديدات الإلكترونية على الأمن القومى للدول الغربية، وهو ما فرض على الولايات المتحدة والدول الأوربية التفكير في إعادة النظر في إستراتيجيات الدفاع لمواجهة القصور لديها وإعطاء أولوية لمجال الدفاع السيبرانى لمواجهة تهديدات الأمن الإلكترونى التي بات يمثلها التنظيم.