رئيس التحرير
عصام كامل

السياحة المصرية.. والتفجيرات الفرنسية!


قبل القرار الروسي بمنع استقبال طيران مصر للطيران بـ24 ساعة فقط، قرأت خبرا مثيرا للضحك والسخرية، الخبر يقول: كشف سامي محمود رئيس هيئة تنشيط السياحة، عن إطلاق الحملة الترويجية لمصر This Is Egypt بالسوق العربية، في الأول من ديسمبر المقبل، تشمل السعودية والكويت والإمارات والأردن ولبنان؛ بهدف زيادة الحركة الوافدة من السياحة العربية إلى مصر، خلال احتفالات رأس السنة والكريسماس، بالإضافة إلى إجازات نصف العام الدراسي.


الذي استفزني في الخبر أمران.. الأول أننا ذاهبون للأشقاء العرب، ومع أنهم عرب مثلنا إلا أننا رفعنا شعار الحملة بإحدى اللغات - الإنجليزية - كيف يحدث هذا؟، ومن هو العبقري الذي اختار لغة غير العربية للترويج في الدول العربية للسياحة المصرية؟

الأمر الثاني أن احتفالات الكريسماس ورأس السنة يتم الحجز قبلها بشهور.. فكيف أبدأ في ديسمبر بداية الحملة؟

وتكتمل مهزلة الخبر بأن الحملة لأعياد الكريسماس في دول عربية إسلامية مثل السعودية والكويت والإمارات.. ولا تعليق!

أما السيد خالد عبد العزيز، وزير الشباب والرياضة، المشغول دائما بكل شيء غير الشباب والرياضة، فقد فتح الله عليه بفكرة عبقرية، وهي مباراة بين مجلس الوزراء وفريق من النجوم في كرة القدم!.. لا أدري هل هذه العقول التي تقود البلد؟!.. وهل مباراة بهذا الشكل المثير للسخرية والضحك ستتناقله وكالات الأنباء العالمية وفضائيات الدنيا كلها؟

أكيد لن يراها سوى نحن فقط!.. والسؤال هل سفر القضاة اليوم إلى شرم وربما غدا الصحفيين وبعد غد.. إلخ.. ممكن هؤلاء يعيدون السياحة الأجنبية؟!.. هل هذه المحاولات ترمم نكسة السياحة بسبب الطائرة الروسية؟!.. للأسف الشديد كل أفكارنا ضحلة فقيرة تصل إلى حد الغباء الشديد سواء في الفكرة أو أسلوب تنفيذها، علينا أن نعترف بأن كل حالة الهيجان التي يحاول البعض إيهام نفسه والناس بأنها ستساهم في تنشيط السياحة وتعويض الخسائر من نكستها الأخيرة.. لن تساهم!

الأمر المهم في بداية القرن الحالي، حاورت الكثير من المسئولين عن السياحة، منهم الراحل د. ممدوح البلتاجي، الذي تحمل عبء هذه المسئولية كوزير للسياحة سنوات طويلة، وفي حضور عدد من المهمومين بقضايا الوطن، كان الضيف والمتحدث هو د. حسام عيسى، الذي فاجأ الجميع قائلا: من الخطأ هو الاعتماد على السياحة الشاطئية - شرم الشيخ والغردقة - لأنها صناعة هشة، وهي أقل أنواع السياحة مستوى، السائح يأتي ويعود دون عائد حقيقي، بعكس لو أننا اعتبرنا السياحة للآثار المصرية التي تقدم للعالم أكبر وجبة ثقافية من تاريخ الفراعنة وحتى وصلنا إلى الحقبة الإسلامية، مرورا بكل العصور في التاريخ.

وأضاف: علينا أن نتذكر أن هذه السياحة مرتبطة بدول لن تستطيع التفوق عليها، ولكن الآثار - في مصر- تتفوق على الدنيا كلها.

بعيدا عن الكلمات المنمقة والمختارة بعناية للتقليل من توابع مشكلة الطائرة الروسية وتخريب السياحة في شرم الشيخ، علينا أن نعيد حساباتنا بشكل علمي وبشكل عقلاني وواقعي، ونسأل أنفسنا هل السياحة الشاطئية يمكن في ظل المناخ المضطرب منذ سنوات وسيظل سنوات أيضا،  أن تكون فرس الرهان للدخل المصري؟

إذا كانت الإجابة بالنفي وهى قطعا بالنفي، إذن علينا أن نفكر في البدائل القوية لتكون أهم الركائز للاقتصاد المصري، وهذا ليس معناه مطلقا إهمالها بل تطويرها أمر طبيعي وحتمي، وهذا يؤكد عجزنا حتى الآن عن تسويق أكبر منتج سياحي في العالم وهي الآثار، إسبانيا لديها قصر الحمراء أحد أهم الآثار الإسلامية، فقط هذا القصر يزوره ملايين في العالم، ويعد الأبرز في المعالم الأثرية الإسبانية، قصر واحد تزوره ملايين!!

أثناء كتابة هذا المقال، حدثت تفجيرات باريس والقتلى بالعشرات وأيضا الإصابات بل هناك مخطوفون، وهناك عشرات الآلاف من جماهير مباراة فرنسا وألمانيا محجوزون في الاستاد بعد تهريب الرئيس الفرنسي هولاند من الاستاد، هل بعد التفجيرات الثلاث التي هزت باريس يمكننا أن نسمع أي تحذير بالسفر إليها؟.. لا ولن يحدث.. ولكن هولاند هو الذي أعلن الطوارئ وإغلاق الحدود الفرنسية مع العالم.

وعظيمة يا مصر.. وتحيا مصر.
الجريدة الرسمية